مع اضطرار ملايين السوريين للفرار من مدنهم وقراهم، سواء إلى مناطق أخرى داخل
سوريا أو إلى خارج البلاد، وفي ظل صعوبة تنقل السوريين لأسباب متعددة، يلجأ الكثيرون لتجاوز الطرق المعتادة في الخطبة والزواج، ليتم الأمر عبر وسائل
التواصل الاجتماعي، إلا أن رحلة شاقة تبقى بانتظار الزوجين للاجتماع معا تحت سقف واحد.
يتحدث الحاج أبو نزار، وهو لاجئ سوري في تركيا، عن كيفية عقد قران ابنته الذي أقيم قبل ثلاثة أشهر، قائلا: "أحد أفراد عائلتنا ممن ما زالوا محاصرين في ريف حمص وسط سورية، تقدم إليّ بطلب ابنتي الجامعية عبر محادثة صوتية في برنامج واتسآب؛ لابنه الذي لجأ إلى ألمانيا قبل أشهر".
ويتابع أبو نزار، في حديث لـ"عربي21": "بعد أن أنهى والد الشاب حديثه عن ابنه وسرد أوضاعه الراهنة في ألمانيا، طلبت منه أياما قليلة لتتشاور ومن ثم نبلغه بالجواب، وبعد مشاورات عائلية استغرقت قرابة 10 أيام، أبلغناه بقبول طلبهم، حيث قام والد الشاب بإرسال صورة له بادئ الأمر لتراه ابنتي، ونحن فعلنا ذات الأمر"، كما قال.
ويوضح أبو نزار أن والد الشاب بدأ بتحضير الأمور اللوجستية لعقد القران وإحضار شيخ لإتمام المراسم، "ونحن قمنا بإحضار الشهود"، منوهاً إلى أن كل هذه الأمور كانت تتم عبر موقع التواصل الاجتماعي "سكايب" كونه يتيح المكالمات الجماعية.
ولكن بعد تحضير كافة الأمور اللازمة لعقد القران، كان الإنترنت ضعيفا جداً في حمص والصوت متقطع، ما أدى لتأخير عملية إتمام عقد القران ثلاثة أيام متتالية، لتتكلل بالنجاح في النهاية.
ووصف الحاج أبو نزار؛ برنامج سكايب بـ"صالة الأفراح"، فعبره خرجت زغردات بعقد القران، ومن خلاله تبادل الجميع المباركات والتهنئة، وهو صلة الوصل بعد ذلك بين العروسين إلى حين يأتي موعد اللقاء بينهما.
يتابع: "تجاوزنا الشتات والنزوح الذي خلفته آلة الحرب في سورية، ولكن ما يعتصر القلب أن ابنتي لم تفرح كغيرها في ارتداء فستان الزفاف في الصالة لتتباهى به أمام صديقاتها، واكتفينا بحفلة صغيرة جداً في منزلنا، بحضور عدد قليل من الأقارب والجيران، وبغياب تام للعريس وأفراد عائلته بسبب التشتت الحاصل للعائلات".
أما الزوج، فقد قام بإرسال مبلغ مالي لزوجته لتشتري به خاتم الزفاف وبعض الحلي الذهبية.
وأشار الحاج أبو نزار إلى مصاعب كبيرة تنتظر الزوج في دول اللجوء، خاصة مع قلة الأموال المقدمة كمعونات، وكذلك إجراءات لم الشمل التي تحتاج لفترة زمنية ليست بقليلة.
ويشير إلى أن ثلاثة أشهر مرت على عقد القران، لم يستطع زوج ابنتي من الحضور إلى تركيا للتعرف على زوجته وعائلتها عن قرب بسبب فرض فيزا على السوريين الراغبين بدخول تركيا، وكذلك لم تنته الإجراءات القانونية التي يسير بها الزوج في ألمانيا للم شمله بزوجته، لتبقى وسائل التواصل هي الصلة الوحيدة بينهما إلى أن يلتقي العروسان ببعضهما.