قالت صحيفة "لوتون" الفرنسية إن الجدل الذي حصل بسبب حظر
البوركيني على الشواطئ الفرنسية وقرار تعليق الحظر الذي صدر أمس من مجلس الدولة ربما يعود مجددا من قبل الرئيس الفرنسي السابق نيكولا
ساركوزي المؤيد للحظر في أول اجتماع يعقده لحملته الانتخابية المقبلة للرئاسة عام 2017.
وأشارت "لوتون" إلى أن رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس عرف عنه حدته وصرامته بشأن مسألة البوركيني علما بأن
فرنسا يوجد بها أكثر من 6 ملايين مسلم.
وتساءلت الصحيفة كيف يمكن تهدئة التوتر في هذه المسألة في الوقت الذي يحاول فيه ساركوزي بحملته الانتخابية الضخمة استخدامه كسلاح لحصد الأصوات.
ولفتت إلى أن مجلس الدولة لو أيد قرار الحظر فإنه كان سيفتح الباب أمام القانون الذي لطالما رغب به ساركوزي سابقا والذي كان سيفتتح حملته الانتخابية بقرار يضيق على حرية المسلمات في فرنسا.
وكان ساركوزي قد عبر عن انحيازه إلى قرار فرض حظر شامل على ارتداء البوركيني في المناطق الفرنسية وهاجم في كتابه "فرنسا من أجل الحياة" التعددية الطائفية والثقافية، خلال لقاء تلفزي له أمام كاميرات "تي آف 1" ليلة البارحة مشددا على "ضرورة سن قانون يحسم هذا الموضوع كي تكون الأمور أكثر وضوحا".
وبينت الصحيفة أنه بعد سنّ أول قانون ضد ارتداء الحجاب ومنع الرموز الدينية في الأماكن العامة الذي صدر في عام 2004 تحت رئاسة جاك شيراك، تم تمرير قانون ثان في عام 2010، يحظر "إخفاء الوجه" وارتداء البرقع وكان بحجة انتشار الإسلام السلفي في فرنسا والهجمات الإرهابية المتتالية بين عامي2015 و2016.
ويبلغ اليوم عدد
المسلمين في فرنسا أكثر من 6 ملايين مسلم، وهو ما يجعلها أكبر جالية مسلمة متواجدة في أوروبا. وتميزت الانتخابات الإقليمية الفرنسية الأخيرة، في كانون الأول/ديسمبر 2015، بتوجه الفرنسيين نحو اختيار مرشحي حزب الجبهة الوطنية. وقد حصل الحزب اليميني المتطرف، المعادي للدين الإسلامي، على ما يقرب من 30 بالمائة من الأصوات، ما يجعل منه أول حزب سياسي في البلاد.
وشددت الصحيفة على أن الهجمات المناهضة للبوركيني أصبحت رمزا لفرنسا تدور في حلقة مفرغة من علمانية صارمة بعيدة عن التطبيق. وقد عبرت عدة وسائل إعلام أنجلوسكسونية عن تفاجئها من إصدار وتنفيذ بلديات فرنسية هذا القرار بالحظر في العديد من المدن الساحلية. وتجدر الإشارة إلى أن بعض هذه القرارات صدرت عن محاكم إدارية لجأت إليها جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان.
ونشرت قناة "بي بي سي" الإخبارية تغريدة على حسابها الخاص عبر "تويتر" تبين الصور المثيرة للجدل المتعلقة بالسائحة المسلمة التي أجبرها أربعة من الضباط الفرنسيين المرتدين للزي الرسمي على نزع البوركيني وقد أثارت هذه الحادثة مئات من ردود الأفعال الغاضبة.
وقد نشرت صحفية بريطانية تدعى عائشة جاني تعليقا غاضبا قالت فيه: "أهذه إذن هي العلمانية الفرنسية؟ وهل هذا هو مفهوم التقدمية رجال يجبرون نساء على "خلع ملابسهن"؟".
ولفتت الصحيفة إلى أن هذه القضية بدأت تمس السمعة الدولية لفرنسا التي عُرفت بالتسامح، خاصة بعد أن دافع رئيس الوزراء الكندي الشاب جاستين ترودو عبر "تويتر"، عن حق النساء المسلمات في ارتداء هذه البذلة الكاملة للسباحة.
وصباح يوم الخميس، تدخل رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس على قناة "ب آف آم تي في" ليقول إنه يعتبر أن ألبسة مماثلة هي رمز لاستعباد المرأة كما لو أنها عبارة عن عورة وعلينا إخفاؤها في الأماكن العامة.
وقالت الصحيفة إن وزيرة التعليم الفرنسية نجاة فالو بلقاسم عبرت عن استيائها من موقف رئيس الحكومة مصرحة: "يجب إدانة كل الممارسات التي تنتهك الإسلام والمسلمين أو التي تكشف نوعا من البغضاء أو الحقد الديني. كما يجب، أيضا، أن يتم تطبيق أوامر الحظر بحذر شديد".
ونقلت الصحيفة في هذا الإطار تصريح عضو من بعثة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، على إثر اجتماع له مع وزير الداخلية الفرنسي قال فيه: "إن تداعيات هذا القرار تكشف الانقسام الواضح للمجتمع الفرنسي بشأن هذه المسائل كما أن النواب المنتخبين حائرون ولم يحسموا في هذا الموضوع فالنظام الجمهوري صار تحت رحمة المزايدات الشعبوية".
وكشفت مصادر خاصة للصحيفة أن مسؤولين مؤيدين لساركوزي وبعض"الجمهوريين" أعلنوا عن اهتمامهم بالمبادرة الشعبية السويسرية الصادرة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، والتي تدعم قرار حظر بناء مآذن جديدة. كما أن إمكانية إخضاع مسائل متعلقة بالرموز الدينية إلى استفتاء شعبي من قبل اليمين الفرنسي التقليدي، الذي سيستخدم مرشحوه الاستفتاءات كسلاح لتوسيع قاعدتهم الانتخابية في المنافسات الرئاسية القادمة أمر وارد بشكل كبير.
وقالت إن مثل هذه المستجدات على الساحة الفرنسية ستصعب من إمكانية تحقيق رغبة الوزيرة نجاة فالو بلقاسم التي قالت إنه: "على الجمهورية كسب القلوب وليس تنفيرها وإقصاءها".