قالت جماعة
حزب الله اللبنانية إن تقسيم العراق وسوريا نتيجة محتملة للاقتتال الطائفي في أنحاء المنطقة، وإنه لا يوجد احتمال لانتهاء الحرب في
سوريا قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية، المزمع إجراؤها في تشرين الثاني/ نوفمبر.
وقال الشيخ
نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله الشيعي، المدعوم من إيران، إن حلفاء الأسد من إيران وروسيا وحزب الله سيقفون إلى جانب رئيس النظام السوري حتى النهاية.
ويقاتل أفراد الجماعة الشيعية اللبنانية إلى جانب الرئيس بشار الأسد ضد المسلحين المعارضين الذين تدعمهم قوى غربية وإقليمية.
وقال قاسم إن إعادة السيطرة الكاملة على حلب، ثاني أكبر المدن السورية، حيث تجرى معركة حاسمة حاليا، ليس هدفا فوريا.
وتقول الولايات المتحدة وحلفاؤها إنه ليس للأسد مستقبل في سوريا، بعد أن شن حربا على شعبه، في حين تعارض روسيا وإيران كليا تغيير النظام، وتصران على أن الأسد رئيس شرعي، بالرغم من إنه يحكم دولة تقلصت بسبب مكاسب المسلحين.
وقال قاسم إن هناك احتمالا بأن يحدث تقسيم لسوريا وجارها العراق، اللذين يسيطر تنظيم الدولة على أراض فيهما.
وأضاف أنه في ضوء ما يجري على الأرض "لا أستبعد أن يكون أحد الطروحات هو إيجاد حالة تقسيمية في هذين البلدين (سوريا والعراق)، لكن هل تنجح أو لا تنجح.. أعتقد أن القوى التي تريد وحدة سوريا ووحدة العراق إلى الآن قادرة على أن تمنع فكرة التقسيم، لكن ماذا يمكن أن يحصل في المستقبل؟ يجب أن نبقى قلقين من احتمال أن تجر بعض الدول هاتين الدولتين أو إحداهما إلى التقسيم بعناوين مختلفة. هذا القلق قائم، ولكن علينا ألّا نستسلم له."
واعتبر قايم أن الأسد هو حائط الصد الأفضل في وجه التقسيم.
وأضاف: "ومع الرئيس الأسد يمكن أن يكون الحل منطقيا ومعقولا في إيجاد ضوابط سياسية تأخذ من خلالها المعارضة حصة والنظام حصة، ويكون هناك تنسيق يعيد إنتاج ترتيب الوضع وإنتاج السلطة من جديد في سوريا".
التزام وثيق
قال قاسم إن تدخل الطيران الروسي منذ أيلول/ سبتمبر الماضي، بعد أن خاضت إيران وحزب الله ومليشيات شيعية عراقية الحرب لإبقاء الأسد في سدة الحكم، أدى إلى إرباك مخططات واشنطن والقوى الإقليمية السنية، كالسعودية وتركيا، وفتح الباب أمام حل سياسي.
وقال قاسم إن "التدخل الروسي أحدث إضافة إيجابية لمشروع صمود الدولة السورية في مواجهة المشروع الأمريكي. وهنا ساهمت العلاقات الإيرانية -الروسية مع سوريا بهذا الإنجاز الميداني؛ لأن الاتجاه الإيراني هو أيضا داعم لبقاء الرئيس الأسد، وداعم للحل السياسي، فالتقى الروسي مع الإيراني على مشروع واحد يقول بالحل السياسي في سوريا، وبقاء الرئيس الأسد، وترك الخيار للشعب السوري مستقبلا أن يحدد خياره."
واندلعت الحرب في سوريا بعد أشهر من انتفاضة سلمية متزامنة مع ثورات الربيع العربي في بلدان عدة تطالب بالتغيير الديمقراطي عام 2011. وقبل تدخل إيران وحزب الله وروسيا إلى جانب الأسد، بدا أن قبضته على الحكم تتراخى. واعتبر دبلوماسيون وخبراء في الشرق الأوسط أن دعمهم كان حاسما لبقائه في السلطة.
وفي الحرب التي تقترب من عامها السادس في سوريا، قتل أكثر من 250 ألف شخص، وهجر أكثر من 6.6 مليون داخل البلاد، وأجبر 4.2 مليون آخرون على النزوح للخارج؛ لتنشأ أزمة نزوح كبيرة في الدول المجاورة وأوروبا.
وقال قاسم إن الحملة العسكرية التي شنتها القوات الحكومية وحلفاؤها على مدى شهور في حلب -التي يسيطر عليها المعارضون- لم تستهدف بشكل كبير استعادة عاصمة سوريا الاقتصادية بقدر ما سعت لفصل المعارضين المسلحين عن إدلب، التي تعد معقلهم الرئيس في الشمال الغربي وخنق خطوط الإمداد من تركيا.
وحلب -التي يقطنها أكثر من مليوني شخص حاليا- منقسمة منذ سنوات بين مناطق تخضع لسلطة المعارضة ومناطق تابعة للدولة.
وأَضاف: "وبحسب معلومات، فإن الخطة الأساسية التي كانت تسعى إليها الدولة السورية مع الحلفاء المختلفين هي قطع الطريق بين المدينة وبين إدلب. أما موضوع تحرير حلب، فهو مشروع آخر، قد لا يكون مطروحا بشكل سريع، وقد يحصل بفعل التداعيات التي أصابت المسلحين."
محاربة تهديد عالمي
وتصف جماعة حزب الله الشيعية، ذات الذراع العسكرية القوية، دورها بأنه جزء من النضال ضد التهديد الإقليمي المتنامي، والذي يشكله متشددون سنة تصفهم بأنهم تكفيريون؛ بسبب فكرهم الراديكالي العنيف وموقفهم المتصلب.
وأشعل الصراع في سوريا جذوة منافسة إقليمية قديمة بين حكومة إيران الشيعية والمملكة العربية السعودية، السنية المحافظة، أحد داعمي المسلحين ضد الأسد.
وقال قاسم إن الولايات المتحدة، إحدى القوى الوسيطة التي تعمل على حل الأزمة، منشغلة بالانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/ نوفمبر، وليست مستعدة للقيام بأي عمل، حتى يتولى الرئيس السلطة العام المقبل.
وقال: "باتت الإدارة الأمريكية مقتنعة بأن فترة ما قبل انتخابات الرئاسة في أمريكا هي فترة الوقت الضائع التي يمكن انتظارها، وبعدها عندما يستلم الرئيس الأمريكي الجديد (مهامه)، وبعد شهرين من استلامه، أي حوالي شباط/ فبراير 2017، تتضح معالم إمكانية الحل أو إطالة الأزمة أكثر. بناء عليه كل ما يطرح الآن من خطوات تتحدث عن حل سياسي هي عبارة عن تمرير للوقت وإبراز وجود حركة."
وأضاف: "على هذا الأساس، فالأزمة طويلة إلى شباط/ فبراير 2017 بالحد الأدنى، وبعد ذلك يجب أن نقرأ الظروف الموضوعية في وقتها، وعندها يمكن أن يستشرف الإنسان إمكانية الحل أو تمديد الأزمة."
وقال إن تضحيات حزب الله -الذي خسر مئات المقاتلين في سوريا- هي تضحيات مستحقة، ولولاها لكانت القوات المتشددة، مثل الدولة الإسلامية، قد سيطرت على سوريا وامتدت إلى لبنان.
وقال: "في تصورنا أن ما قدمناه في سوريا هو أقل بكثير مما كان يمكن أن نقدمه لو لم نذهب إلى سوريا، كنا سنقدمه في بيوتنا وشوارعنا، وفي كل لبنان، وعلى حساب المقاومة. مع أهمية التضحيات التي قدمت، لكنها أقل مما كان يمكن أن يكون."
وأضاف: "نحن منعنا امتداد الأزمة إلى لبنان، وهذا إنجاز كبير، ومنعنا أيضا قدرة التكفيريين على تعطيل جسر المقاومة، وكذلك أسسنا لقدرة على صمود سوريا في الموقع المتقدم في العمل المقاوم. هذه إنجازات كبيرة تستحق كل تضحية."
وحذر من إن تنظيم الدولة -الذي يتم استهدافه من قبل طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة- سيزيد من هجماته في أوروبا وأماكن أخرى، مضيفا أن للتنظيم المتشدد استراتيجية توسعية، وسيستخدم كل ما هو متاح لتحقيق أهدافه.
وقال إن "التحالف الدولي ضد داعش ليس جديا، بل هو تحالف كاذب؛ لأنه لم يحقق أي إنجاز، ولم يقض على أي مجموعة بشكل متكامل، بينما عندما تدخل الروس من الأيام الأولى أحدث بلبلة طويلة عريضة في صفوف داعش. هذا يعني أن الأمريكيين لم يكونوا جديين، وهم ليسوا جديين حتى الآن."
أضاف: "نعم، الآلام الأوروبية كبيرة، وستزداد أكثر فأكثر؛ لن تترك داعش فرصة في كل دول العالم -من دون استثناء- إلا وستقوم بها عندما تستطيع".