سياسة عربية

بم وصف أشجع خطيب بمصر انقلاب تركيا وما مصيره؟ (فيديو)

أردوغان
ترددت أنباء حول استدعاء وزارة الأوقاف المصرية، لإمام وخطيب مسجد "القويري"، بمنطقة العجمي بغرب الإسكندرية، الشيخ أحمد همام، للتحقيق معه، بعد اتهامات وُجهت إليه بأنه وصف مؤيدي الانقلاب الفاشل في تركيا بالخونة، وأنه وصف الإعلام المصري أيضا بأنه صهيوني، في خطبة الجمعة الماضية.

وذكرت صحيفة "فيتو" أن إدارة أوقاف "العجمي" شكلت لجنة برئاسة مدير الإدارة، الشيخ محمد أبو الخير، للتحقيق مع الإمام، مشيرة إلى أن اللجنة توجهت إلى المسجد، واستطلعت آراء المصلين عن الخطبة، وما جاء فيها على لسان الخطيب حول الانقلاب الفاشل بتركيا.

وكشفت مصادر لصحيفة "عربي21" أن غالبية المصلين دافعوا عن الإمام، فيما تكتمت وزارة الأوقاف على نتائج التحقيق مع الإمام، في الواقعة، خوفا من إثارة الرأي العام.

ومن جهتهم، أبدى آلاف النشطاء إعجابهم بخطبة الشيخ "همام"، وأطلقوا عليه وصف "أشجع خطيب بمصر"، وتداولوا خطبته على نطاق واسع، ونشروها بعناوين عدة على موقع "يوتيوب".

وأشاروا إلى أن "همام" ضرب عرض الحائط بالخطبة المكتوبة التي عممتها الوزارة على سائر المساجد، يوم الجمعة الماضي، وأنها تأتي في ظل تنكيل وزارة الأوقاف بعشرات الآلاف من أئمة وخطباء المساجد منذ الانقلاب العسكري الدموي، بشبهة انتسابهم للتيار الإسلامي، أو تعاطفهم معه، أو خروجهم عن نص خطبتها الموحدة.

ماذا قال الخطيب؟

وفي خطبته قال خطيب مسجد "القويري": "حينما ترى تآمرا وتواطؤا.. ترى تآمرا على بلاد المسلمين من كل صوب وحدب".

وأضاف: "لمَّا حدث ما حدث في تركيا فرح العالم كله، ولكن نحمد الله تعالى الذي حقن الدماء هناك، ونسأله أن يتم علينا نعمة حقن الدماء في بلاد المسلمين، وفي غير بلاد المسلمين. فنحن نبرأ إلى الله من كل قطرة دم تسيل بغير حقها".

وتابع: "هكذا خُلق المسلم.. أما غيرنا، فلا وألف ألف لا.. يتمنون لنا أن تُراق دماؤنا، وتُنتهك أعراضنا، وتُسلب أموالنا، وحريتنا، وإرادتنا".

وتابع: "يوم حدث ما حدث في تركيا رأينا إعلام الصهاينة (يقصد الإعلام المصري) يطبل، ويزمر، ثم رأيناهم يقولون بعد ذلك إنها مسرحية، وأنتم أساتذة الإعلام كما تقولون.. فإن كانت مسرحية فكيف لا تفهمونها، والحرب دائرة؟ لكن ماذا تقول في أناس وصفهم الله تعالى بأنهم أقل سبيلا من الأنعام.. هذا وصف خالقهم لهم".

واستطرد: "ثم خرج من يقول لنا: الجيش التركي كيف يُفعل به هذا؟".

وأجاب الشيخ أحمد همام: "أولا: ليس هناك أحد من البشر فوق البشر.. من أخطأ لا بد أن يعاقب.. الجيش ابن من أبناء الشعب كبقية المؤسسات فمن أخطأ حوسب، والشعب أب لكل هذه المؤسسات.. والأب إذا كان قويا، وتطاول عليه ابنه فمن حقه أن يمرغ كرامة ابنه في الأوحال، لأنه ابن عاق، ومتطاول على أبيه".

وتابع حديثه: "هذا الذي يستنكر أن يُسجن أناس هناك في تركيا.. ألم يُسجن أناس لأنهم قالوا كلمة؟ ألم تسجن نساء؟ ألم يسجن أطفال (يقصد في مصر)؟".  

واستدرك: "لكن ماذا تقول في إنسان كان يتمنى أن تُراق الدماء هنا، وقال إنه يريد أن يرى دماء الناس بالعشرات أو المئات، ويوم قتل كلب.. كلب حقيقي حزن حزنا شديدا، وقال إن الشعب المصري لا يهتم للدم (يقصد الذراع الإعلامية للانقلاب أحمد موسى)".

وعلَّق الخطيب: "هذه حقوق الإنسان عند أشباه الذين كفروا، وإذ به يقول، ببجاحة، إن الجيش في تركيا رأى أن الدولة خرجت على العلمانية"، مواصلا: "العلمانية كفر، وهذا ليس كلامي أنا، وإنما كلام العلماء: العلمانية كفر".

واستدرك: "لكن ماذا تقول في رجل قال قبل ذلك إنه واجب أن تراق الدماء في سبيل العلمانية حتى تتحقق في مصر؟ ماذا تقول؟ هل لهؤلاء معايير؟ هل لهم موازين؟ (يقصد وزير الثفافة المصري الحالي حلمي النمنم)".

وواصل الشيخ أحمد همام خطبته: "الرسول، صلى الله عليه وسلم، هو سيد الخلق، وهذا الكلام أقوله للمسلمين، لا لغير المسلمين، ليتعلموا.. كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يساوي بين الصفوف في موقعة بدر، وكان صحابي اسمه (سواد)، رضي الله عنه وأرضاه.. خرج سواد عن الصف، فأشار إليه الرسول، صلى الله عليه وسلم، بيده بالسواك هكذا، وقال: (استو يا سواد)، فإذ بالرجل يقول: (يا رسول الله: أوجعتني.. والقصاص)". وقال: "يكلم من؟ سيد الخلق، صلى الله عليه وسلم، يقول: يا رسول الله، أوجعتني.. والقصاص".

وأضاف الخطيب: "إذن ليس هناك أحد فوق أحد؟  صحيح أن الرجل خاطب النبي، صلى الله عليه وسلم، لما أراد أن ينصفه من نفسه، فقال له الرسول: (اكشف عن بطنك)، لم يقل له الرسول، صلى الله عليه وسلم: كيف تعترض على كذا، وكذا؟".

وأردف الخطيب: "لا.. الحق حق.. والحق أحق أن يتبع.. فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن بطنه الشريفة فإذ بالرجل يكشف عن بطنه كذلك، ويلصق جسده بجسد النبي، صلى الله عليه وسلم ويقول يا رسول الله: "أردت أن يكون آخر العهد بك أني (مسست جسدك).. هكذا".

وأردف "همام": "أما ما نسمعه: كيف يفعل الشعب بجيشه كذا.. لا.. ليس هناك أحد فوق المحاسبة.. إنه شعب يريد حقن الدماء.. لم نسمع من هذا الشخص، الذي تكلم، كلمة في الدماء التي سالت، وفي الذين قتلوا.. لم نسمع منه شيئا.. لكنهم يدافعون عن العلمانية.. أبدا.. قال تعالى: (واللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)- الصف: 8".

(لعل الخطيب يقصد هنا من قُتلوا من المصريين منذ الانقلاب الدموي بمصر، بقيادة رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي).

وعاد خطيب مسجد "القويري" للتساؤل في نهاية خطبته: "لماذا لم تتكلم عن الجيش التركي لما خرج بطائراته يضرب الناس؟ والجيش الذي يضرب شعبه بالطائرات ليس من هذا الشعب.. إنما هو شعب آخر".

وخاطب المسلمين بالقول: "أيها المسلمون: لا تسلموا أنفسكم لوسائل الإعلام.. لا تسلموا عقولكم لوسائل الإعلام.. ولكن جعل الله لكم عقولا فأعملوا عقولكم.. أعملوا عقولكم.. فالذي يكلمك ليس أحسن منك عقلا.. إنما أنت ربما تفهم أكثر مما يفهم، وتعرف أكثر مما يعرف".

وتابع: "هؤلاء الخونة.. هؤلاء خانوا قضايا المسلمين.. في نكسة السابع والستين خرجت وسائل الإعلام عندنا  تطبل، وتقول: بيب بيب.. اقتربنا من تل أبيب، بينما كانت قوات الاحتلال تقترب  من دخول القاهرة".

وأردف: "أيها المسلمون.. لا أجد شيئا أقوله لكم إلا أن: وثقوا صلتكم بربكم، واعتصموا به، فهو وحده الذي بيده مقاليد الأمور.. ربُّوا أبناءكم على أن لهم قضايا لا بد أن يدافعوا عنها.. ربوهم على أن لهم بلادا لا بد أن يعرفوا النافعين بها، والخداعين لها.. لا تربُّوا أبناءكم على ما تربى عليه الكثير منكم، إنما ربوهم على أن كل شيء بقدر الله، وأنه لن يصيبك إلا ما كتبه الله لك، وعليك"، بحسب قوله.

واختتم الشيخ همام خطبته بالدعاء: "اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين".

يذكر أن الإعلام المصري، منذ اللحظة الأولى لمحاولة الانقلاب الفاشلة على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعلن تأييده للانقلاب، وحاول إيهام متابعيه بنجاح هذه المحاولة، برغم فشلها بعد ساعات عدة، ثم حاول مداراة فضيحته، فاتهم أردوغان، بأنه وراء مسرحية الانقلاب الفاشل (!).




وزير الأوقاف: الخطبة المكتوبة مشروع استراتيجي

وكان وزير الأوقاف المصري، محمد مختار جمعة، صرح، الأحد، بأن سعي وزارته لتعميم خطبة الجمعة الموحدة المكتوبة، إنما يأتي تحقيقا للمصلحة العامة، وما تتطلبه المرحلة من توحيد الجهد والكلمة في مواجهة التحديات، وفق وصفه.

وحاول الوزير استمالة الخطباء للالتزام بالخطبة المكتوبة فقال: "إننا نثق في تفهم أئمة الوزارة لفلسفة خطبة الجمعة الموحدة المكتوبة، التي تعد محور قضية الأسبوع الفكرية، بما يشكل 54 قضية سنويا في المرحلة قصيرة المدى، و270 قضية في خمس سنوات، وهي المرحلة متوسطة المدى، بما يعد جزءا من المشروع الفكري الكبير لتجديد الخطاب الديني، وتحقيق الفهم المستنير للإسلام"، حسبما قال.

واعتبر أن تعميم الخطبة الموحدة المكتوبة مشروع فكري استراتيجي، ومصلحة شرعية ووطنية، وفق رؤية شاملة، لتحقيق الفهم المستنير للدين، دون شطط، أو تفرق في الكلمة، أو اختراق فكري، على حد قوله.

وأبان نيته في تجاوز رفض الأزهر لتعميم تلك الخطبة فقال: "نقدر دور شيخ الأزهر، أحمد الطيب، في إعطاء كل جهة ومؤسسة دينية أو دعوية حرية اتخاذ القرار، في ما يتصل بشؤون إدارتها؛ طالما أن الأمر قابل للاجتهاد، وتقدير الجهة للمصلحة، بما لا يخالف نصا شرعيا"، بحسب تعبيره.

لكن وزارة الأوقاف عادت الاثنين، واعتبرت أن الخطبة المكتوبة يوم الجمعة المقبل (29 تموز/ يوليو 2016) استرشادية، وأنها لم تدخل حيز التنفيذ بعد، موضحة أنها تتحدث عن النظافة كسلوك إنساني متحضر، وسيؤديها الخطباء تطوعا دون إلزام من الوزارة (!).

وأضاف رئيس القطاع الديني في الوزارة، جابر طايع، أن الخطبة تتناول السلوكيات الإيجابية للنظافة، وعكسها من السلوكيات السلبية، مضيفا أن الهدف من الخطبة الموحدة والمكتوبة ضبط الخطاب الديني التنويري؛ لأن هناك من يستغل هذه المنابر لنشر أفكار وتوجهات معينة، على حد زعمه.

وتابع: "الوزارة تضع نموذجا استرشاديا للالتزام به، أو بجوهره، وبالوقت المحدد ما بين 15 و20 دقيقة، حتى يتم الانتهاء من وضع القواعد التنفيذية للخطبة لتكون بالشكل المناسب، وتمثل الخطبة الرسمية للوزارة"، مدعيا أنه لن يتم إجبار أي إمام على الخطبة المكتوبة، أو اتخاذ أي إجراءات ضد من لا يلتزم بها.

ووصف "طايع" رفض وكيل الأزهر، عباس شومان، للخطبة المكتوبة، بأنه رأي شخصي، وليس رأيا رسميا لمشيخة الأزهر، متجاهلا أن غالبية أعضاء هيئة علماء الأزهر أعلنوا رفضهم لها، وعدم التزامهم بها.