نشرت صحيفة "جيوبوليس" الفرنسية، تقريرا حول النجاح الروسي والإيراني في منطقة
الشرق الأوسط، أمام الرفض الواضح للإدارة الأمريكية للمشاركة في الصراعات الحالية.
وقالت الصحيفة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الإدارة الأمريكية تخشى التورط في الصراعات العالمية، وأن رؤيتها الدبلوماسية تقوم بالأساس على قيادة العملية من المقاعد الخلفية، وهو ما جعلها تفوض الطرف الروسي للتعامل مع الصراع في سوريا، وتوكل مهمة حل الصراع الأوكراني لفرنسا وألمانيا، والحرب الليبية إلى إيطاليا، ومشكلة الساحل الإفريقي إلى فرنسا.
ونقلت الصحيفة عن الباحث في معهد هدسون في واشنطن، بنيامين حداد، إنه قد بات بالإمكان أن نلخص الموقف الأمريكي في جملة واحدة، مفادها أن "أمريكا لم تدخل في هذه الصراعات، بهدف إفساح المجال لحلفائها لبذل المزيد من الجهد".
وأشارت الصحيفة إلى أن العزوف الأمريكي عن الانخراط في الشرق الأوسط يعدّ تملصا من المهام القيادية لها، معتبرة أن يوم 30 آب/ أغسطس 2013، أي اليوم الذي صمت فيه باراك
أوباما عن قصف بشار الأسد لشعبه بالأسلحة الكيميائية، كان يوم نهاية دور أمريكا كقوة عظمى.
وذكرت الصحيفة أن رئيس حركة "
روسيا الأخرى" غاري كاسباروف، على ثقة من أن التدخل الروسي في سوريا وغزو شبه جزيرة القرم تقرر من قبل سيد الكرملين، فلاديمير بوتين، بعد أن شاهد تخاذل نظيره الأمريكي عن التدخل في سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى أن الصين حلّت محل روسيا، وأصبحت تمثل تهديدا استراتيجيا ورئيسيا لواشنطن في الوقت الراهن، بينما أصبحت موسكو تؤدي دورا مهما من أجل إيجاد الحلول في الشرق الأوسط.
ونقلت عن الرئيس الأمريكي تعبيرا ورد في مجلة "ذي أتلانتك"، مفاده أن "الحرب الباردة انتهت، مثلما انتهت الحاجة الاستراتيجية لمواجهة تدخل فلاديمير بوتين في الشأن السوري".
وتشير الصحيفة إلى أن سبب عزوف الولايات المتحدة عن التدخل في الشرق الأوسط يرجع إلى استقلالها في مجال الطاقة واعتمادها على الزيت الصخري، وكذلك إلى تضاؤل التهديد النووي
الإيراني، خاصة بعد أن وضع أوباما طهران في مواجهة خطرة مع المملكة العربية السعودية في الشرق الأوسط.
ونقلت الصحيفة عن مقالة حديثة لجيفري غولدبرغ في مجلة "ذي أتلانتك"، عن سرّ فن "اللاحرب" الذي يمارسه الرئيس الأمريكي، مفاده أن "روسيا تمكنت من تحقيق النصر على المدى القصير، ولكن هذا النجاح سوف يكون مؤلما على المدى الطويل للاقتصاد الروسي، كما أنه سيجبر المملكة العربية السعودية على استيعاب فكرة عودة إيران للساحة الدولية".
وقالت الصحيفة إن العزوف الأمريكي في الشرق الأوسط نجم عنه بروز أربع قوى إقليمية فاعلة في المنطقة، هي إيران، والسعودية، وإسرائيل وتركيا، وجعل الدور الأمريكي في المنطقة يقتصر على مكافحة الإرهاب فقط.
وأضافت الصحيفة أنه، وفق تصريحات لمصدر في الاستخبارات الأمريكية نقلها الصحفي في صحيفة لوفيغارو، لور ماندفيل، فإن "جون كيري فشل في التوصل إلى اتفاق مع روسيا حول رحيل بشار الأسد من السلطة، وحول السماح للمعارضة بالانخراط في العملية السياسية".
كما أفاد هذا المصدر بأن موسكو تعرقل عملية الوصول لاتفاق؛ لأنها تربط رحيل الأسد برفع العقوبات الغربية ضد موسكو، بسبب ممارساتها في شبه جزيرة القرم وأوكرانيا، وهو ما لا تقبله أمريكا.
وختم التقرير بالإشارة إلى أن روسيا لا تحاول حل القضية السورية، بل تعمل على تحقيق أهدافها الخاصة، وتحاول الاستفادة قدر المستطاع من هذا النزاع.