تحدثت صحيفة ليبراسيون الفرنسية عن مشكلة يواجهها عدد كبير من مستعملي هواتف "
آيفون 6"، تتمثل في توقف هذه الهواتف عن العمل بمجرد إصلاح عطل أو تغيير في التطبيقات خارج فروع شركة آبل، وذلك بعد التحديث الأخير الذي أصدرته الشركة لنظام التشغيل لهواتفها، وهو ما أثار غضب العديد من المستخدمين الذين لم تقنعهم تفسيرات الشركة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هواتف "آيفون 6" التي تم إصلاحها في محلات صيانة غير متعاقدة مع الشركة، أصبحت خارج الخدمة تماما، بعد أن تم تعديل نظام تشغيلها أو تغيير أحد مكوناته. وأمام حالة الغضب، تتمسك الشركة الأمريكية بأنها تقوم بذلك لدوافع متعلقة بتأمين معطيات المستخدمين.
وذكرت الصحيفة أنه في فيلم "ستيف جوبز" الذي أخرجه داني بويل وكتب قصته آرون سوركين، والذي بدأ عرضه في قاعات السينما في تشرين الأول/ أكتوبر من السنة الماضية، لاحظ عشاق التكنولوجيا الخلاف الأبدي الذي كان دائرا بين مدير الشركة ستيف جوبز ومساعده ستيف فوزينياك، اللذين صمما أول أجهزة الحاسوب في الشركة.
فبينما يعتبر الأول أن منتجات الشركة هي ابتكارات متميزة يجب احتكارها والاستفادة منها بشكل حصري، من خلال ربط المستهلك ببقية منتوجات
أبل، يدافع الثاني عن فكرة الانفتاح والشفافية وثقافة الحرية، ويرفض إجبار المستخدمين على الارتباط بالشركة بمجرد شراء أحد منتجاتها. ولكن بعد عقود من انطلاق هذه الشركة يبدو أن رؤية ستيف جوبز المهووس بالسيطرة وتحقيق الأرباح التجارية هي التي انتصرت.
وأضافت الصحيفة أن الآلاف من مستعملي هواتف "آيفون 6" وجدوا بين أيديهم هواتف غير قابلة للاستعمال بعد أن ضربها عطل مجهول اسمه "الخطأ 53". وأضافت الصحيفة أنه بالعودة لمنتدى مستخدمي منتجات أبل، تبين أن هذه المشكلة ظهرت منذ أيلول/ سبتمبر 2014، ولكنها تفاقمت خلال الفترة الأخيرة، وذلك بعد قيام أصحاب الهواتف بتحديث نظام التشغيل إلى نظام "إي أو أس 9" الذي أطلق في أيلول/ سبتمبر 2015. ومن أسباب ذلك، أن زر كشف البصمة "TOUCH ID" الذي يمكّن من فتح الهاتف وقفله، وشراء البرمجيات في متجر أبل ستور، والدفع عبر تقنية APPLE PAY، يمكن أن يتم تغييره بآخر غير أصلي، وهو ما يهدد المعلومات الخاصة للمستخدم؛ لذلك يتم تعطيل الهاتف تماما.
وبيّنت الصحيفة أنه خلال عملية تحديث نظام التشغيل، يقوم الهاتف بالتثبت من كافة المكونات، ويكتشف وجود أي تطبيق غير أصلي أو غير معروف، وهو ما يحدث إثر عمليات الإصلاح التي تتم في متاجر غير معترف بها من قبل شركة أبل، ومنذ تلك اللحظة يصبح الهاتف غير صالح للاستعمال.
وذكرت الصحيفة أن هذه المشكلة واجهها الصحفي المكسيكي "أنطونيو أولموس"، الذي اضطر لإصلاح هاتفه في محل صيانة في مقدونيا، حيث كان يعمل على تغطية أخبار اللاجئين. وفوجئ بعد ذلك بتوقف هاتفه عن العمل، وحين عاد إلى لندن واتصل بالشركة، أخبروه بأنهم لا يستطيعون مساعدته، والحل الوحيد بالنسبة له هو تغيير هاتفه، ودفع مبلغ 350 يورو.
وقالت الصحيفة إن عملاء شركة أبل كانوا يعرفون أنهم عند إصلاح هواتفهم في محلات صيانة غير تابعة للشركة يكونون قد حرموا من ضمان ما بعد البيع، ولكنهم لم يتصورا أن الهاتف سيصبح خارج الخدمة تماما، فيما تحاول أبل تبرير هذا الإجراء القاسي بذرائع متعلقة بحماية المستخدمين، حيث قال المتحدث الرسمي باسم الشركة إنه "من الضروري حماية هواتف العملاء من عمليات التحايل أو تركيب أجهزة مزيفة لكشف البصمة".
واعتبرت الصحيفة أن هذا الإجراء غير منطقي، حيث إنه بالطريقة ذاتها يمكن لصاحب سيارة تعطلت وقام بإصلاحها عند أي ميكانيكي قريب من بيته، أن يفاجأ بتوقف السيارة عن العمل تماما إثر ذلك؛ لأن الميكانيكي غير متعاقد مع الشركة المصنعة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه ينتظر أن تكون هناك ردة فعل من السلطات والهيئات المنظمة لقواعد المنافسة النزيهة بين الشركات، بعد اكتشاف هذا الإجراء الذي اتخذته شركة أبل. وفيما يواصل مستعملو هذه الهواتف التعبير عن غضبهم الشديد عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فإنه لا يبدو أن الشركة تهتم كثيرا لذلك، وهو ما تمت الإشارة إليه في فيلم "ستيف جوبز"، حين قال صاحب الشركة: "إن من يقول إن الزبون دائما على حق هو الزبون نفسه"، متناسيا أن هؤلاء الزبائن هم من صنعوا ثروة أبل.