نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا حول تطورات المعركة في محافظة
حلب، التي دخلت منعرجا حاسما بعد أن تمكنت قوات النظام السوري من محاصرتها بدعم جوي من القوات الروسية.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن الدعم الروسي يبقى غير قادر لوحده على قلب المعادلة الدبلوماسية لصالح النظام السوري في محادثات جنيف، ما لم تكن هنالك قوة موازية على أرض المعركة قادرة على حسم المواجهة بين النظام والمعارضة السورية.
وذكرت الصحيفة أن قوات النظام السوري استفادت من الدعم الجوي للقوات الروسية، ما مكنها من السيطرة على مناطق إستراتيجية في شمال محافظة حلب، بعد أن تمكنت من قطع طريق الإمداد الرئيسي الذي يربط قوات الثوار في مدينة حلب بالحدود التركية في الشمال السوري.
وأضافت الصحيفة أن الخطّة العسكرية للنظام السوري؛ تعتمد على تطويق محافظة حلب ومحاصرتها من كل الجوانب لتفادي الاصطدام المباشر مع قوات المعارضة السورية، التي تتواجد بكثافة في شوارع المدينة، لذلك اكتفت قوات بشار الأسد بالتمركز على مشارف المدينة للاستفادة من الغطاء الجوي الذي توفره الطائرات الروسية.
وذكرت الصحيفة أن قوات النظام السوري تمكنت خلال العملية العسكرية، التي شارك فيها حزب الله اللبناني وقوات الحرس الثوري الإيراني، من فك الحصار عن مدينتي زهر ونبل الشيعيتين في الشمال الغربي في
سوريا، واللتين كانتا تحت سيطرة المعارضة السورية منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وأضافت الصحيفة أن قوات النظام تسعى إلى قطع خطوط الإمدادات الرئيسية عن قوات المعارضة المتمركزة في جنوب حلب، من خلال إحكام سيطرتها على ممر إعزاز الاستراتيجي، والذي تمر منه أغلب الإمدادات على الحدود الثنائية بين سوريا وتركيا، ما يعني أن قوات بشار الأسد تسعى إلى تطويق المدينة من كل الجوانب، تمهيدا لإجبار قوات المعارضة على الخروج من معاقلها في الجزء الشرقي منها لتصبح هدفا سائغا للضربات الجوية الروسية.
وأشارت الصحيفة إلى أن انطلاق العملية العسكرية التي تهدف إلى تطويق مدينة حلب؛ دفع عشرات آلاف السوريين للنزوح من المدينة التي تضم أكثر من 1.5 مليون شخص، نحو المدن المجاورة والحدود التركية، خاصة في الجزء الذي تسيطر عليه المعارضة السورية، والذي كان دائما هدفا رئيسيا للضربات الجوية الروسية.
وأضافت الصحيفة أن مدينة حلب تختزل الصراع بين قوات النظام وقوات المعارضة السورية في أعنف تجلياته، منذ أن سيطرت هذه الأخيرة على مناطق شاسعة من المدينة التي تمتلك أهمية اقتصادية واستراتيجية كبيرة في صيف سنة 2012، واعتبر الكثيرون في ذلك الوقت أن سقوط مدينة حلب سيمهد لانهيار نظام بشار الأسد الذي انحصر نفوذه في مناطق محدودة في ثاني أكبر مدينة سورية، قبل أن تتمكن الغارات الجوية الروسية من قلب المعادلة لصالح النظام السوري خلال أشهر قليلة.
وذكرت الصحيفة أن كل محاولات قوات بشار الأسد لاستعادة السيطرة على مدينة حلب بعد أشهر من سقوط مناطق شاسعة منها في أيدي قوات المعارضة السورية؛ اصطدمت بالمقاومة الشرسة لهذه القوات، خاصة في منطقة البلدة القديمة.
وأضافت الصحيفة أن الغارات الجوية التي نفذتها قوات بشار الأسد في مدينة حلب، منذ سقوط جزء كبير منها تحت سيطرة الفصائل المقاتلة قبل ثلاث سنوات؛ أدّت إلى تدمير عدد من المعالم التاريخية في المدينة القديمة، وسقوط مئات الضحايا من المدنيين، وأثبتت أن قوات النظام لا زالت على استعداد لارتكاب جرائم ضد الإنسانية من أجل السيطرة على مدينة حلب الاستراتيجية، بما في ذلك إلقاء البراميل المتفجرة.
وذكرت الصحيفة أن الخطة العسكرية لقوات بشار الأسد تعتمد على تطويق مدينة حلب من كل الجوانب، تمهيدا لاستهدافها عن طريق الضربات الجوية المركزة والعنيفة للطيران الروسي، وهي الطريقة نفسها التي اعتمدها النظام في حمص في سنة 2012، والتي استوحاها من الحرب الروسية في الشيشان.
وأشارت الصحيفة إلى أن سيطرة قوات بشار الأسد على مدينة حلب، قد يكون لها تأثير خطير على العمليات القتالية للمعارضة السورية في مختلف المناطق السورية، حيث سيسمح سقوط حلب في أيدي قوات النظام بتشكيل مجال حيوي للنظام السوري، يضم المدن الأربع الكبرى في سوريا؛ (حلب، حمص، حماة، ودمشق).
وفي الختام؛ قالت الصحيفة إن الوضع يبدو أكثر تعقيدا من أن تتمكن قوات بشار الأسد من حسمه لصالحها خلال الأيام القادمة، خاصة وأن الحرب على مشارف حلب لا زالت في بدايتها، بعد أن نشرت جبهة النصرة تعزيزات إضافية في شوارع المدينة.