بتوقيع الرئيس
الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مرسومين ينهي بموجبهما دائرة الاستعلام والأمن بوزارة الدفاع الوطني والمعروفة اختصارا بـ"دياراس"، يكون بوتفليقة قد أنهى إعادة ترتيب بيت "
المخابرات" بالجزائر، بعد سلسلة قرارات توالت منذ أواخر العام 2013.
ما لم يفعله الرئيس الجزائري، طيلة ثلاث ولايات رئاسية، بـ15 سنة كاملة على دفة الحكم بالجزائر، فعله في ظرف وجيز، وطبقه على جهاز حساس جدا بالبلاد، لطالما وصف بـ"شريك الرئاسة" بالحكم، وتوطدت هذه الفكرة أكثر لما كان الفريق محمد مدين، المدعو "توفيق"، على رأس جهاز دائرة الاستعلام والأمن بالجزائر طيلة ربع قرن.
وكان الرئيس بوتفليقة في قرار جريء أحال الفريق محمد مدين على التقاعد يوم 13 أيلول/ سبتمبر 2015، بإجراء أثار سيلا من الجدل، وأعطى انطباعا فعليا بأن الرئيس بوتفليقة هو من يحكم الجزائر فعلا وليس جهاز المخابرات.
وأصدرت رئاسة الجمهورية بالجزائر شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، بيانا ذكرت خلاله أن عملية إعادة هيكلة دائرة الاستعلام والأمن كانت مبرمجة منذ 25 سنة، نافيا أن تكون الإقالات الواسعة التي شهدها الجهاز تندرج في إطار ما يروج عن حرب عصب بين أجنحة النظام.
ووقع الرئيس الجزائري قبل ثلاثة أيام مرسومين رئاسيين أنهى بموجبهما دائرة الاستعلام والأمن التي أسست العام 1990 وأسندت حينها للفريق محمد مدين بأوج أزمة سياسية عصفت بالبلاد آنذاك.
وطبقا للمرسومين، فقد عوضت مديرية الاستعلام والأمن بـ"مديرية المصالح
الأمنية"، ويشرف عليها اللواء بشير طرطاق الذي تولى رئاسة مديرية الاستعلام والأمن بقرار رئاسي خلفا للفريق محمد مدين.
وأكد محمد خلفاوي، الضابط المتقاعد من المخابرات الجزائرية، بتصريح لصحيفة "
عربي21"، الأحد، "تبعا للقرارات التي أتخذها الرئيس بوتفليقة في السابق، فإنه من الطبيعي أن تتغير مهام وتسمية جهاز المخابرات بالجزائر".
وتابع خلفاوي قائلا "دائرة الاستعلام والأمن وبعد الإجراءات التي طبقها الرئيس بخصوصها لم تعد تتألف إلا من ثلاث مديريات فقط، لذلك تقرر ضم مصالحها تحت إدارة تشرف عليها الرئاسة مباشرة".
ويرى خلفاوي أن القرار الأخير المتخذ من طرف رئيس البلاد "مؤشر من مؤشرات الذهاب نحو الدولة المدنية، بحيث تولى للمخابرات مهام أخرى غير تلك التي اعتادت عليها".
وتضم المديرية الجديدة ثلاث دوائر فرعية، هي "مديرية الأمن الداخلي، ومديرية الأمن الخارجي، والمديرية التقنية"، وتتبع المديرية الجديدة مباشرة رئاسة الجمهورية، عكس دائرة الاستعلام والأمن التي تتبع وزارة الدفاع الوطني، علما أن الرئيس بوتفليقة هو وزير الدفاع الوطني بالجزائر دستوريا، وينوب عنه بالوزارة قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح.
وتعتقد السلطة بالجزائر، من خلال القرارات التي أصدرها الرئيس بوتفليقة تباعا منذ العام 2013، أنها تسير بالبلاد نحو "الدولة المدنية"، وقد أثار هذا المصطلح جدلا واسعا وسط الطبقة السياسية، على سؤال مفاده " هل كنا طيلة أكثر من 17 سنة من حكم الرئيس بوتفليقة تحت حكم غير مدني؟".