في روايته الجديدة (2084 أو حكاية
العربي الأخير) الصادرة عن دار الآداب يتحدث الروائي العربي واسيني الأعرج ( الذي يعيش بين الجزائر وفرنسا) عن مستقبل العرب بعد حوالي سبعين سنة وبعد الصراعات القبلية والعشائرية التي يخوضونها بحيث إنهم يتحولون إلى أحد الأجناس الآيلة إلى الزوال، وإنه تنشأ في العالم جمعية خاصة بدعم من الأمم المتحدة بعنوان: جمعية الدفاع عن حقوق الأجناس الآيلة إلى الزوال، وتتضمن الرواية المستقبلية معلومات وأجواء خطيرة عن اوضاع العرب بعد ثمانين عاما بحيث يعانون من القهر والفقر والجوع بسبب الصراعات المختلفة وانتشار التنظيمات المتطرفة ودور القوى والجهات الدولية التي تتحكم في مصير هذه المنطقة وانها تقيم قلعة خاصة بين مضيق هرمز والبحر الأحمر للتحكم في أوضاع المنطقة ويتم خطف أحد العلماء النوويين العرب إلى هذه القلعة لمنعه من إقامة مشروع عربي نووي خاص.
طبعا لن أتحدث عن تفاصيل الرواية او اقدم لها نقدا فنيا لان هذه المهمة تختص بالجانب الادبي والثقافي، لكن للرواية ابعادا سياسية خطيرة بما تحمله من تنبؤات مستقبلية عن الواقع العربي وهي تتماثل مع رواية جورج اورويل 1984 والتي تحدثت عن الواقع العالمي تحت سيطرة اجهزة القمع والمخابرات.
ما يتحدث عنه الروائي الكبير واسيني الاعرج ليس بعيدا عن الواقع، ولن نحتاج ان ننتظر حتى العام 2084 حتى نصل الى المرحلة التي يتحدث عنها، بحيث نتحول الى احد الأجناس الآيلة الى الزوال ،وان تنشأ جمعيات ومنظمات عالمية يكون هدفها تأمين الطعام لنا كي نبقى على قيد الحياة في هذه الصحارى المقفرة.
فمن يتطلع اليوم الى خريطة العالم العربي والى الواقع العربي المؤلم يكتشف بوضوح حجم الالام والمخاطر التي يواجهها العرب بسبب الصراعات السياسية والعسكرية والامنية ، سواء بين الدول او داخل كل دول ، واخر تجليات هذه الصراعات ما يجري في العراق من مجازر ومأسي وتدمير للمساجد وصولا للصراعات بين العشائر في مدينة البصرة، وهذا ما يجري في بقية الدول والامصار.
وقد اضطرت الامم المتحدة مؤخرا لبذل جهود كبرى لادخال الطعام والوقود لبعض المدن والقرى السورية بسبب الحصار المتبادل بين النظام والمجموعات المسلحة المعارضة للنظام ، في حين ان افواج اللاجئين العرب تنتشر في كل بقاع العالم وهم يتعرضون لابشع الحملات العنصرية والقمع ويموتون في البحار وعلى الحدود بين مختلف الدول ومن ينجو من الموت يعيش ذليلا ومقهورا حتى ولو انعمت عليه بعض الدول والمنظمات ببعض الطعام او بمأوى او عمل .
واما بقية الامم فهي تسعى لترتيب اوضاعها والبحث عن افضل مستوى للعيش والحياة وعقد الاتفاقات لوقف الحروب والصراعات التي استمرت عشرات السنين.
وها نحن اليوم نشهد بدء تنفيذ الاتفاق بين ايران والدول الكبرى حول الملف النووي الايراني وما سيتركه من انعكاسات على الاوضاع الدولية والاقتصادية والسياسية في المنطقة والعالم ، وعلى الصعيد العالمي فقد اصبحت الاولوية لدى الدول والشعوب كيفية تطوير مستوى المعيشة نحو الافضل وتأمين كافة احتياجات الانسان ، اما نحن فكل همنا الحصول على لقمة العيش والحياة بكرامة بعيدا عن القهر والظلم والجوع والاضطهاد والصراعات والعنف.
ما يتحدث عنه الروائي الكبير واسيني الاعرج في روايته ( 2084 او حكاية العربي الاخير) ليست استشرافا لمستقبل سنعيشه بعد ثمانين عاما بل هي تتحدث عن واقعنا المؤلم وهي كما يقول: مجرد صرخة قبل فوات الاوان، واعرف سلفا ان المعنيّ بها تحديدا، لن يسمعها ابدا.
فهل ستصل صرخته او اننا سنتحول الى جنس من الاجناس الايلة الى الزوال؟