كتاب عربي 21

أقليات الفياغرا

1300x600
قامت الدنيا على مقتل النمر غير الوردي، وما زالت واقفة، فهذا نمر برأسين، رأس في السعودية، ورأس في إيران. وامتلأت صفحات النشطاء ووكالات الأنباء العالمية بصور النمر مودعة الأيام الوردية، تنديدا أو اعتذارا أو أسفا على عقوبة الإعدام، أو تشفيا بالعدو الطائفي، وهنا أشرد لأذكر النمر الوردي السوري، صاحب نظرية فلسفة العوالم، فلأول مرة يرى الناس نمرا تنبت له ذيل في رأسه! نذكر أن إعدام الشيخ البنغالي عبد القادر ملا مرّ مرور الكرام على الإعلام، والمفارقة هي في أنّ الملا كان يرفض الانفصال عن باكستان، وأن النمر ذا الرأسين يريد الانضمام لولاية الفقيه. وقد سألني أحد أصدقاء عن رأيي في إعدام النمر، فقلت: رأيي؟ رأي إيه اللي انت جاي تقول عليه؟ الحقيقة أني كنت أريد أن يمنح جائزة الملك فيصل!

أتفاجأ كثيرا بحقيقة شخصيات لها لمعٌ وبرقٌ وحضورٌ في الإعلام والثقافة، منها شخصية مخرج كبير، راح يبدي احتفاله وإعجابه بالديمقراطية الأمريكية -وهي ديمقراطية برأسين مثل النمر- بتولي أسود كيني سدة الرئاسة الأمريكية، وأخشى أنّ أوباما يشبه في سلطاته أحمد حسن البكر في العراق، وأحمد الخطيب في سوريا، وعدلي منصور في مصر، وياسينو في وادي المسك. الحقيقة أنّ خطه الأحمر السوري طلع بمبي سعاد حسني، وطلع ما يعرفش، وأن قبلاته للحسناء ميشيل، سيدة البيت الأبيض  هي قبلات دبلوماسية، وأنه برغي في ترس كبير، مثل الرئيس السوري الحالي الذي يقول له العالم بملء فيه، أو يقول له إشارةً وإيماءً: منحبك، فقلت للمخرج الصديق: شخصيا إني أعتقد أنّ هذه الأرض التي تقف عليها أكثر ديمقراطية من أمريكا القائمة على إبادة شعب كامل، فكان أول من اعتلى الكعبة أسود كيني هو بلال الحبشي، وأول قائد حربي مسلم هو أسامة بن زيد، وكان أسود له مشافر، ومشى خليفة رسول الله في ركابه حتى شيعه على أطراف المدينة، وهو يمسك بزمام فرسه، وتولى الخلافة موالي وأولاد إماء وسود مثل الإخشيديين والمماليك، والكرد، والترك، وحاليّا يتولاها كفار وملاحدة  بحمد الله مثل الأسد! قال الأسد الذي ليس له من صفات الأسد سوى الاسم، في حواره مع حفيدة شيفرنازده إنه غير مؤمن، لكنه أحسن من جماعات تكفيرية وهذا هو مربط الخنزير الذي نجتهد في إثباته... والسيسي قال: كل اللي يوقف ضد إرادة ربنا احنا معاه.. فرجاء اختشِ يا صاحبي المخرج العظيم، فلمَ تر القشة بعين النسر وتغضي عن البعير بسنامين، وهو يرقص السامبا؟

ومن الطرائف التي لا يمكن أن يتخيلها أوربي أنّ عالمًا شجاعًا لقب ببائع الملوك اسمه العزُّ بن عبد السلام باع ملوكًا واشتراهم، ثم ولّاهم الأمر. وتلك أيضا إجراءات دستورية كانت أقوى من "الماغنا كارتا" التي تتغنون بها ليل نهار يا خواجات.

ومن ذلك أن صديقًا صحافيًا لامعًا أثنى على رئيس تحرير جريدة عربية معروفة، تفرد صفحة الآراء لأبناء الأقليات، بل إنها تكاد تكون صفحة أقليات، بمن فيهم كاتب كردي يكتب بعربية تشبه عربية أفيخاي أدرعي، فيصححها له، كلمة كلمة، والرأي في مقاله باهت، فقلت له: المحرر الأريب لا يفعل ذلك حبّا بالأقليات المنتفخة مثل الكاتو بمسحوق الفياغرا يا خواجة، فالمحرر من الأقليات، وهو لا يفعل ذلك حبّا بها، بل كرهًا للأكثرية. وهي مهنته.

ومن ذلك أنّ صحافيًا شيخًا من الأقليات الدينية (كبيرًا في السن و... الكتابة) له عمود ساخر، وطقم أسنان، فهو عندما يتكلم يضطر مثل أتابك الفراعنة المصريين محمد حسنين هيكل الجدد إلى استراحات عضٍّ على الفرعونية بالنواجذ. في إحدى الأعمدة أثنى كثيرًا على الكرد، وأعلن أنه مع إقامة دولة لهم على أرضهم التاريخية،  وانضم إليه نابغة العصر والأوان يوسف عزازيل بطل بني هلال الجديد، فتصدرت صورته صفحات الأكراد، فرحًا به  وبتصريحه الشجاع. وكان يوسف زيدان بن حديدان اعتبر القدس مدينة إسرائيلية، ولو كنت مكان هؤلاء الفرحين بتصريحه، ما قبلت إلا بالعيش من سحائب ليس تنتظم البلاد، فالشوك في هذه المنطقة لا يقلع بيد واحدة وإنما جميعًا ومعًا.

ومن ذلك أن صديقًا كرديًا أكاديميًا بعد لمعان نجم بلدة كوباني في الإعلام العالمي، على حساب دمشق وحلب كتب مقالاً يحاول أن يجد جذورًا تاريخية مقدسة أو اقتصاديًا، تعليلاً لهذا اللمعان والإشراق الإعلامي للكوباني، وصدرت تبريرات أنّ أهلها مقاتلون أشداء، غير المدن السورية الباقية، التي هرب أهلها الجبناء، وأن أعداء البلدة هم دواعش حصرًا! لا معنى للشجاعة إلا في وجه داعش!

ومن ذلك أن المخرج القبطي المصري الشهير يوسف شاهين، اعتبر أن أحد أبناء الأقليات أنقذ تراث ابن رشد العظيم، الأكثرية حمقاء، وقتلت مبدعيها، ولا تقدر فكر المفكر العظيم التقدمي الذي قامت حضارة الغرب على تراثه الفكري، وكذا فعل باسل الخطيب في مسلسل مشابه أسوة به أو حبّا بأقليته، وعندما كنت أتابع فيلم صلاح الدين الأيوبي الشهير للمخرج المذكور، سألني صديق مستنكرًا: هو الفيلم عن صلاح الدين الأيوبي، أم هو عن عيسى العوام؟! والعوام شخصية مختلقة من أجل الوحدة الوطنية، وتحيا مصر. وعلِّ صوتك بالغنا علِّ صوتك بالغنا.

ولا يدخل في هذا  شتم صلاح الدين الأيوبي وتخوين سليم بركات من قبل الكرد الجدد الفرحين بالكانتونات والكرتونات، لأن هناك كتّابًا جددًا وإعلاميين سعيدين بالظهور أمام الكاميرا والحصول على جوائز الجلوس محل بركات كما جلس صلاح الدين طاش ما طاش محل صلاح الدين الأيوبي! وليه بتشكي من الدينا يا ورد الدنيا ما بتدومش لحد.

الأيزدية نادية، صبية من أقلية كرمت في مصر، وملالا كرمت عالميًا، ونالت نوبل للسلام، كلاهما ضحيتان مختارتان بعناية للابتزاز والتشهير. المغتصبة البطلة القديسة الضحية، هي التي تغتصب حصرا من فحولة الدواعش؟! أما المغتصبات السوريات فهن ضحايا "إمتاع ومؤانسة". داعش وحدها هي التي تغتصب حسب الأصول العالمية آيزو. العالم الحر يحب الكاركتر الثابت. 

أليكس بيلوس صحافي بريطاني اكتشف مؤخرا طريقة عادلة لتقطيع التورتة، بدلا من طريقة المثلثات الشهيرة التي يعيبها الهدر، بريطانيا والغرب عموما كانوا بارعين في تقطيع هذه التورتة الدافئة، بسكين الأقليات.. مثلثات ومربعات ودوائر وخالد عبود.

إنهم لا يحبون الإسراف والهدر.. سوى في الأسلحة الذكية!