واصلت أسعار
النفط الهبوط بعد نزول سعر برميل النفط الخفيف "لايت سويت كرود" إلى أقل من 31 دولارا، في أدنى مستوى له منذ 12 عاما، في المبادلات الالكترونية في آسيا صباح الثلاثاء، بسبب العرض المفرط والطلب الضعيف وسط توقعات خبراء أن تنخفض أسعار
البترول إلى 20 دولارا للبرميل خلال الأيام المقبلة.
وخسر برميل النفط الخفيف تسليم شباط/فبراير 45 سنتا، ليصل إلى 30,96 دولارا. أما سعر برميل برنت النفط المرجعي الأوروبي تسليم شباط/فبراير أيضا فقد خسر 47 سنتا ليصل إلى 31,08 دولارا.
ويسعر النفط بالدولار، لذلك فإن أي ارتفاع في سعر العملة الأميركية يجعل النفط أغلى ثمنا على المستثمرين، الذين يتعاملون بعملات أضعف، مما يؤدي إلى الحد من العرض.
وقال دانيال إنغ الخبير في مجموعة فيليب فيتشرز إن "هذا الهبوط في الأسعار ناجم بشكل أساسي من ارتفاع سعر الدولار" مشيرا إلى أنه لا يتوقع أن ينخفض سعر النفط عن 30 دولارا.
من جانبه أرجع خبير الطاقة المصري، الدكتور رمضان أبو العلا، استمرار تراجع أسعار النفط إلى زيادة المعروض، واقتراب الاقتصاديات الكبرى في العالم من أزمات قد تبدو أكثر حدة من الأزمة المالية العالمية التي شهدها العالم في عام 2008.
وسجل سعر برميل النفط أدنى مستوى له في 12 عاما، وسط توقعات سلبية تشير إلى انحداره نحو 20 دولارا خلال الأسبوع الجاري، خاصة مع استمرار الاضطرابات التي تواجه الاقتصاد الصيني واستمرار تراجع معدلات نموه.
وقال "أبو العلا" في حديثه لـ"عربي 21"، إن أزمة اليونان مع بطء وتيرة النمو الاقتصادي في الصين وزيادة إنتاج منظمة الدول المصدرة للنفط "الأوبك"، تشير إلى استمرار تراجع أسعار النفط، لتهوي بنسب حادة وقاسية لا يمكن أن تتحملها الدول المنتجة للنفط، والتي تعتمد في ميزانياتها على عائدات النفط بنسب تصل إلى 90 بالمئة في بعض الدول.
ولم يحدد "أبو العلا" حدا لهذه الخسائر التي تتكبدها أسعار النفط، لكنه علق الموضوع على كاهل منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، التي يمكنها أن تتخذ قرارات لتصحيح أوضاع سوق النفط ووقف انهيار أسعاره.
وبينما تثير الاضطرابات الصينية قلق المتعاملين بشأن آفاق الطلب من ثاني أكبر مستهلك للخام في العالم، تقول شركات التنقيب في الولايات المتحدة الأمريكية إنها تركز على مواصلة تشغيل آبارها لأطول فترة ممكنة رغم هبوط النفط.
وهبط سعر خام القياس العالمي مزيج برنت دولارين في العقود الآجلة، ليصل عند التسوية إلى 31.55 دولار للبرميل، مسجلا أدنى مستوياته منذ نيسان/ أبريل 2004.
ونزل سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.75 دولار في العقود الآجلة، ليبلغ عند التسوية 31.41 دولار للبرميل، مسجلا أدنى مستوى له منذ كانون الأول/ ديسمبر 2013.
وقلص المضاربون المراكز الدائنة الصافية إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2010، بينما ارتفعت المراكز المدينة الصافية، في علامة على فقد المتعاملين الثقة في أن تشهد الأسعار ارتفاعا في وقت قريب.
وانعكست الخسائر الحادة للنفط على أسواق المال العالمية، التي تكبدت خسائر حادة في تعاملات اليوم، حيث تراجع مؤشر بورصة موسكو "ار تي اس" بأكثر من 5 بالمئة، فيما هبط الروبل إلى أدنى مستوى له خلال عام، في سياق تراجع البورصات الآسيوية وأسعار النفط.
وكان تقرير أصدرته وكالة بلومبرج للأخبار الاقتصادية قبل أيام، قد توقع استمرار انهيار أسعار النفط في 2016 إلى مستويات تقل عن توقعات سابقة بلغت أقل من 20 دولارا للبرميل.
وذكر التقرير أن هناك عقودا آجلة تتضمن توقعا بألا يزيد سعر النفط عن 30 دولارا، وهو ما يعني أن العام المقبل قد لا يحمل أخبارا سارة للاقتصاديات التي تعتمد بشكل كبير على النفط.
وتعود أسباب التراجع، بحسب تقرير بلومبرج، إلى الانقسامات التي تعصف بمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، فضلا عن العودة المبكرة لإيران إلى السوق، بعد رفع العقوبات عنها، مطلع العام المقبل.
وينتظر المستثمرون وصول الخام الإيراني إلى السوق بعد رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران بموجب الاتفاق النووي الذي وقع في العام الماضي. وسيؤدي ذلك إلى ضخ مليون برميل إضافي من النفط يوميا في سوق تعاني من عرض مفرط أصلا.
وقال ريك سبونر المحلل لدى مجموعة "سي ام سي ماركيتس" في سيدني أن "المستثمرين يستبقون أشهرا معقدة بالنسبة إلى النفط مع زيادة الصادرات الإيرانية". وأضاف "عند هذا المستوى من الأسعار ستكون هناك قرارات بخفض الإنتاج على الأرجح، ولكن ليس قبل أشهر".
فيما لم تستبعد مجموعة جولدمان ساكس أن تنخفض أسعار البترول إلى 20 دولارا للبرميل خلال الأيام المقبلة وفي ظل وفرة المعروض، حيث وصلت التوقعات المتشائمة للمستثمرين والمضاربين في سوق النفط -الذين يسعرون عقودهم الآجلة بأسعار أقل من السعر الحالي للسوق غالبا- إلى سعر 15 دولارا للبرميل.