رأى محلل سياسي وضابط سابق في الجيش
العراقي؛ أن مليشيات
الحشد الشعبي انصاعت في النهاية لأوامر أمريكية، وابتعدت عن المشاركة في معركة
الرمادي، وهو ما سيفقد هذه المليشيات الكثير من البريق والشهرة التي تتمتع بها على المستوى المحلي وتحديدا داخل الطائفة الشيعية.
وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي العراقي عدنان الحاج إن قيادات الخط الأول في مليشيات الحشد كانت وحتى فترة قريبة جدا؛ تؤكد أن اقتحام مدينة الرمادي (غرب بغداد) لن يتم بدون مشاركة مقاتليها، بينما وجهت أكثر من أربعة تهديدات متتالية لواشنطن من أجل الابتعاد عن إدارة الملف الأمني العراقي.
وأضاف الحاج، في حديث لــ"
عربي21"، أن المليشيات الشيعية كانت ترى أن الجيش العراقي أو الشرطة ومقاتلي العشائر السنية؛ يعجزون تماما عن دخول أي مواجهة، وأن هذه القوى مجتمعة ستحتاج إلى فصائل الحشد الشعبي من أجل حسم المعارك في
الأنبار، لكن معركة الرمادي جاءت لتسحب البساط من تحت أقدام زعماء المليشيات؛ الذين اهتزت صورتهم بشكل كبير في الأوساط المحلية والطائفة الشيعية على وجه التحديد، كما يقول الحاج.
وبيّن الحاج أن جميع المؤشرات الميدانية تذهب إلى أن المليشيات انصاعت للأوامر الأمريكية وابتعدت عن معركة الرمادي، وعملت لاحقا للتمويه على هذا الأمر من خلال مهاجمة رئيس الوزراء حيدر العبادي، واتهامة بالرضوخ للإملاءات الأمريكية، وفق تقديره.
من جهته، أكد العميد المتقاعد في الجيش العراقي، أسعد خلبوص الجبوري، أن مليشيات الحشد الشعبي كانت ترغب بخوض معركة الرمادي وفق شروطا وطلباتها، ومنها زيادة مساحة مخصصاتها المالية وحصتها من الأسلحة والمعدات، فضلا عن إعطاء دور للطيران الروسي في العراق.
وتابع الجبوري في حديث لـــ"
عربي21" أن الجانب الأمريكي أراد إعطاء صورة إيجابية لمعركة الرمادي، وذلك لمنع تكرار سيناريو مدينة تكريت، والانتقادات الكبيرة التي واجهت واشنطن وبغداد بعد عمليات السلب والنهب الكبيرة التي حصلت في المدينة على يد عناصر الحشد.
وأشار إلى أن المستشارين الأمريكيين يسعون إلى حصر الأطراف المحلية الداخلة في القتال البري، وجعلها تقتصر على تشكيلات الجيش العراقي والشرطة المحلية وعدد قليل من أفراد العشائر المحلية، وذلك لتقديم شكل مهني من القطعات القتالية والابتعاد، ولو إعلاميا، عن التشكيلات الطائفية التي يهيمن عليها الشيعة بشكل كامل.
وأوضح الجبوري أن هذا التوجه بدا واضحا في تصريحات المتحدث باسم التحالف الدولي، ستيف وارن، الذي تجاهل تماما أي إشارة لقوات الحشد الشعبي، وأكد أن استعادة السيطرة على مدينة الرمادي تمت بجهود الجيش العراقي وسلاح الجو وقوات الشرطة المحلية والاتحادية ومقاتلي العشائر، بدعم من طائرات التحالف الدولي.
وكانت القوات الأمنية العراقية قد أعلنت في بيان لها الثلاثاء؛ عن تمكنها من اقتحام مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، وفرض سيطرتها على المجمع الحكومي ورفع العلم العراقي فوقه، بعد معركة مع مسلحي
تنظيم الدولة الذين استولوا على المدينة في أيار / مايو الماضي.
وتشكلت مليشيات الحشد بفتوى من المرجع الشيعي علي السيستاني، وذلك عقب سيطرة مسلحي التنظيم على مدينة الموصل، في حزيران / يونيو 2014. وتتألف المليشيات من التشكيلات العسكرية التابعة للأحزاب الشيعية، ومنها التيار الصدري وحزب المجلس الأعلى وعصائب أهل الحق، وفصائل أخرى حديثة التشكيل.