نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، تقريرا حول
هجرة العديد من الشباب المسلم من أوروبا لبلدان الخليج، بحثا عن فرص عمل، وهروبا من "النمط الغربي العلماني البعيد عن تعاليم الإسلام".
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن العديد من أصحاب الشهادات من الشبان المسلمين، يفضلون العمل في شمال أفريقيا ودول الخليج، لما توفره لهم من دخل محترم، بالإضافة لما يتيح لهم ذلك من فرصة لتطبيق تعاليم الإسلام بكل أريحية.
وذكرت أن الشاب محمد جماد، أحد الذين غادروا بلدهم فرنسا منذ ست سنوات للعمل بالشرق الأوسط، برفقة زوجته وابنته، حصل على عدة فرص عمل، إلى أن تحصل على وظيفة بدولة
الإمارات، تتماشى مع مؤهلاته العلمية وطموحاته المادية.
وقالت "لوموند" إن محمد يعمل الآن مستشار مبيعات في شركة بترولية أمريكية بالإمارات، ونقلت عنه قوله: "لقد غادرت بلدي في بادئ الأمر لأسباب مادية، لكني الآن أفضل الحياة في دول الخليج؛ لأنها تتماشى مع معتقداتي الدينية".
وعن حرية التعبّد؛ قال محمد: "لو أنني تأخرت عن عشاء عمل لأقيم صلاتي؛ فلا أحد يلومني، وفي المقابل لو قمت بنفس الأمر في فرنسا؛ فسيعتبرون ذلك قلة احترام، وقد أتعرض لعقوبات وسوء معاملة".
واعتبرت الصحيفة أن سفر مسلمي فرنسا للعمل في دول الخليج؛ هو خيار يحمل طابعا دينيا، "فمحمد ليس الوحيد الذي اختار دول الخليج، إذ إن هناك العديد من الفرنسيين المسلمين سافروا للعمل هناك؛ في إطار ما يسمى (الهجرة لأرض الإسلام)".
وأضافت أن الإحصائيات عن هجرة المسلمين من فرنسا لدول الخليج غير متاحة حتى الآن، لكن يبقى العدد مرتفعا نسبيا، نظرا لانتشار الظاهرة بين الشباب، ولكثرة مواقع الإنترنت والمنتديات التي تهتم بالهجرة من الدول الأوروبية نحو أرض الإسلام.
أما عن وضع الشباب المسلم في فرنسا؛ فقال الخبير في التنمية البشرية عبدالإله طالباوي: "في إطار عملي؛ واجهت العديد من الشباب الذين يرفضون التنازل عن قناعاتهم الدينية عند البحث عن عمل، وبالذات الفتيات اللاتي يرتدين الحجاب".
ونقلت الصحيفة عن محمد جماد قوله، إن "عدد المسلمين الفرنسيين الذين يأتون للبحث عن عمل في دول الخليج يزداد يوما بعد يوم"، وهذا ما أكدته دراسة استقصائية قام بها الموقع الإسلامي الفرنسي "قاطبين"، حيث أعرب نصف من شملهم الاستقصاء عن رغبتهم في الهجرة.
واعتبرت "لوموند" أن الشباب المسلم المتمسك بعقيدته؛ يسعى لمغادرة أوروبا، والذهاب لدول الخليج أو المغرب العربي، بحثا عن تطبيق تعاليم الإسلام، حيث قال عبد الإله طالباوي في هذا الإطار: "بخلاف الدول الغربية؛ فالدول المسلمة فيها العديد من المساجد، كما أن عطل نهاية الأسبوع تكون عادة يوم الجمعة، حتى يتفرغ المسلم لأداء صلاة الجمعة".
وبالإضافة إلى الدافع الديني؛ فقد قال الشاب محمد جماد، إن "الوظائف المعروضة بدول الخليج مغرية جدا، فالراتب أكثر بثلاث أو أربع مرات من فرنسا، كما أن الوظيفة التي تشغلها قد تضيف الكثير لمسيرتك المهنية".
لكن الثروة ليست في متناول كل من جاء للخليج وبحث عن عمل، حيث قال جماد: "أعرف الكثيرين من الذين جاؤوا هنا بحثا عن عمل، فمكثوا ثلاثة أو أربعة أشهر، ثم عادوا لبلدانهم بعد أن صرفوا كل مدخراتهم".
وأرجعت الصحيفة السبب وراء فشل كثيرين في الحصول على وظيفة بالخليج؛ إلى غلاء المعيشة، "كما أن اللغة الإنجليزية ضرورية جدا، والعمالة الآسيوية الرخيصة قلصت حظوظهم في سوق الشغل".
وفي الختام؛ قالت "لوموند" إن محمد جماد يحمل بين أضلعه حنينا لبلده فرنسا، حيث قال: "أشتاق لجبال مدينتي غرونوبل"، وخاصة عندما يتذكر أنه محروم من التغطية الاجتماعية في وظيفته، ومن راتب التقاعد، فبعد أن تنتهي فترة عمله فإنه سيرجع إلى بلده بلا امتيازات.