قالت صحيفة "
لوموند" الفرنسية إن
الغارات الروسية التي تشنها
روسيا ضد
المعارضة السورية "لم تحقق النتائج المرجوة على أرض المعركة".
وأضافت الصحيفة، في تقرير ترجمته "
عربي21"، أنه بعد شهر ونصف من بدأ الضربات الروسية بسوريا، حققت قوات بشار الأسد إنجازا جزئيا، يتمثل في فك الحصار عن مطار كويرس الذي كان تحت سيطرة تنظيم الدولة، منذ كانون الثاني/ يناير سنة 2014.
وأوضحت أن هذا الانتصار الرمزي، الذي وظفته روسيا في إطار حربها الإعلامية ضد المعارضة السورية، لم يخفي حقيقة عجز بوتين وبشار الأسد عن تحقيقه انتصارات ملموسة، خاصة مع القصف المكثف لمواقع المعارضة المعتدلة والذي فاق الألفي غارة جوية حتى الآن.
وذكرت الصحيفة أن بوتين يراهن بقوة على بقاء بشار الأسد في السلطة، إذ صرّح في لوسائل الإعلام الروسية بأن التدخل العسكري يهدف إلى تدعيم "السلطة الشرعية"، وخلق ظروف مناسبة للتوصل لحل سياسي.
ونقلت "لوموند" عن المحلل آرون لوند قوله: "عندما تقول روسيا إنها تحارب تنظيم الدولة والجماعات الجهادية، فهذا جزء من الحقيقة، لكن الحقيقة الكاملة هي أن بوتين يعتقد أن بشار الأسد هو الوحيد المؤهل لمحاربة تنظيم الدولة، وبالتالي يجب دعمه".
وأضاف المصدر ذاته: "أن الدول الغربية ودول الخليج تقف على النقيض من موقف روسيا، حيث تعتبر أن بشار الأسد فاقد للشرعية، لأنه شرّد شعبه ودفع به ليرتمي في أحضان تنظيم الدولة".
ونقلت الصحيفة عن مساعدة وزير الخارجية الأمريكي المختصة في شؤون الشرق أوسط باترسون، قولها إن "حوالي 30 طائرة سوخوي تربض بمطار حميميم باللاذقية، وتغادر يوميا المطار لتقصف تقريبا نفس الأهداف".
وقالت مساعدة وزير الخارجية أيضا "إنه باستثناء بعض الضربات الجوية التي تستهدف تنظيم الدولة بالرقة ودير الزور وتدمر، فإن 90 بالمئة بالضربات الجوية تستهدف المعارضة المعتدلة".
وأشارت الصحيفة إلى أن الطيران الروسي وقوات النظام وحزب الله والحرس الثوري الإيراني والمليشيات الشيعية، يخوضون حربهم أيضا ضد المعارضة المعتدلة.
وأضافت أن قوات النظام لم تسجل تقدما يُذكر، منذ منتصف تشرين الأول/ أكتوبر، في عديد الجبهات المفتوحة مثل جنوب محافظة إدلب وجبل الأكراد، المنطقة التابعة لمحافظة اللاذقية، أو بالرستن وتلبيسة الواقعتان بشمال حمص، أو حتى الغوطة الشرقية التابعة لمحافظة دمشق.
بل على العكس من ذلك، فقد سجلت قوات النظام تراجعا في منطقة سهل الغاب في الشمال الغربي لحماة، التي تعتبر بوابة الدخول للمناطق العلوية وخط إمدادات مهم بالنسبة للنظام، كما أنها خسرت عديد القرى التي سيطرت عليها في الفترة السابقة.
وأضافت الصحيفة أن حلب هي الجبهة الوحيدة التي يقاتل فيها النظام السوري تنظيم الدولة، بحسب معهد دراسات الحرب بواشنطن، في الوقت الذي تساهم فيه الضربات الجوية الروسية في تقدم تنظيم الدولة على حساب المعارضة المعتدلة، خاصة بشمال محافظة حلب وحمص.
واعتبرت الصحيفة أن الانتصار الرمزي الذي حققه النظام بمطار كويرس لا يكفي ليمحو قناعة المعارضة المعتدلة بأن النظام ينهار، حيث إن الجيش الحر أظهر مقاومة شرسة وصمودا ضد موسكو وبشار الأسد وحلفائه، لم يخطر لهم على بال.
وأفادت أيضا بأن الجيش الحر، بعد أربع سنوات من الحرب، أصبحت لديه الحنكة والخبرة التي تؤهله ليصمد أمام أقوى الجيوش، بالإضافة للدعم الذي يتلقاه من أمريكا وتركيا وبعض دول الخليج، الذين يزودونه بأسلحة نوعية، خاصة صواريخ "تاو" المتطورة والمضادة للدبابات .
ونقلت الصحيفة عن المكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية، "أن تلك الصواريخ سمحت لهم بالتقدم ميدانيا، كما حصدوا بها 123 دبابة تابعة للنظام السوري فقط خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر".
ولاحظت الصحيفة أنه في الوقت نفسه تسعى دول الخليج لرفع حظر السلاح عن الجيش الحر، لتمكينه من مضادات طائرات خفيفة، التي تعتبر أفضل وسيلة لصد الهجمات الجوية، والتي قد تمنح الجيش الحر مرونة أكثر في حربه ضد بشار الأسد.
وأضافت الصحيفة أن دول الخليج تسعى لتوحيد المعارضة المعتدلة والجماعات الإسلامية الأقل تطرفا، لخلق جبهة موحدة لمحاربة بشار الأسد.
الأمر الذي استوعبته روسيا وسعت لإفشاله، حيث عرضت على الجيش الحر، على لسان سيرغي لافروف وزير خارجيتها، تقديم الدعم له على شرط توفير معلومات حول أماكن تواجد المقاتلين المتشددين.
وهو ما رد عليه الناطق باسم الجبهة الجنوبية للجيش الحر، عصام الريّس، بالقول: "نحن نشكك في دعم روسيا للجيش الحر لأنها في الوقت ذاته تهاجم مواقعنا وقواعدنا وتقتل السوريين العزّل".
وفي الختام، قالت الصحيفة إن الجيش الحر سيواصل حربه الوجودية إلى نهايتها، وأما خوض روسيا حربها في
سوريا تحت راية الصليب، فلن يزيد إلا من تعاطف شعوب القوقاز وآسيا الوسطى مع تنظيم الدولة، خاصة وأنه حتى الآن، التحق قرابة السبعة ألاف مقاتل من تلك المناطق بهذا التنظيم.