أعلن أحد وجهاء مدينة مريم بيك، الواقعة على الطريق الرابط بين مدينتي
تكريت وكركوك شمال
العراق، أن سكان المدينة والقرى المحيطة بها، وجميعهم من
العرب، تلقوا أوامر صادرة عن قوات
البشمركة الكردية بمغادرة المدينة خلال أسبوع واحد.
وقال الضابط في الجيش العراقي السابق، عبد الوهاب جمعة، في اتصال مع ـ"
عربي21"، إن البشمركة تريد اتخاذ المنطقة موقعا عسكريا لها، نظرا لأهمية الموقع الجغرافي للمدينة. وتوقع أن تباشر قوات البشمركة خلال الأيام المقبلة هدم أغلب بيوت المدينة في الأجزاء الصالحة لإقامة معسكرات.
ويُلقي جمعة باللائمة على حكومة بغداد التي "لم تتخذ إجراءات تمنع البشمركة من
تهجير العرب من مدنهم وقراهم، لوقف مخططات تكريد المناطق العربية وضم الأراضي المتنازع عليها إلى إقليم كردستان عن طريق فرض الأمر الواقع بالقوة ووسائل الترهيب والتهجير".
وينفي جمعة الاتهامات التي تسوقها قوات البشمركة للسكان العرب في مدينة مريم بيك والقرى المجاورة، بمساعدة "تنظيم الدولة وعدم قتاله، وهي ذريعة للاستيلاء على الأراضي العربية التي سبق أن استولت البشمركة على المزيد منها في مناطق عدة"، بحسب قوله.
لكن ضابطا رفيع المستوى في قوات البشمركة الكردية، رفض الكشف عن اسمه، قال لـ"
عربي21": "نحن نحاول استثمار كل العوامل التي تحقق لنا كسب المعركة ضد التنظيم، ومنطقة مريم بيك مهمة عسكريا لقواتنا، وقد بحثنا الأمر في القيادة ووجدنا ضرورة عسكرية لإخلائها من سكانها بصرف النظر عن الانتماء القومي لهم، لكننا لم نتخذ قرارا بهذا الصدد"، بحسب قوله.
ويضيف الضابط الكردي قائلا: "نحن لا نريد إثارة فتنة عربية كردية ونتجنبها بكل الوسائل، لكن هذا لا يمنع من استغلال بعض المناطق التي يقطنها سكان عرب لأغراض عسكرية"، نافيا ما أسماها "الاتهامات الباطلة بالسيطرة على الأراضي المتنازع عليها بالقوة، وهي بالأصل مناطق كردية تم تعريبها في عهد صدام حسين، لكننا اليوم نعطي الأولوية لهزيمة تنظيم الدولة وحماية أرض وشعب كردستان"، وفق تعبيره.
وسبق لتلك المناطق أن شهدت معارك عنيفة بين مقاتلي تنظيم الدولة من جهة، والقوات الأمنية العراقية والبشمركة من جهة أخرى، تسببت في نزوح معظم سكانها إلى "إقليم كردستان الذي رفضت سلطاته السماح لهم بالدخول لأكثر من أسبوعين أمضوها في العراء، ما أجبرهم على العودة إلى مناطقهم"، بحسب عبد الوهاب جمعة، وهو أحد أبرز وجهاء العشائر العربية في مريم بيك.
ويؤكد جمعة أن سكان المنطقة لا زالوا "يعيشون تحت تهديدات مستمرة من البشمركة دون إجراءات حكومية لحمايتنا، رغم عدد من الخطابات التي وجهناها رسميا إلى محافظة كركوك، ولكن دون رد".
وتساءل جمعة عن "المكاسب التي يمكن أن يحققها السكان العرب في تلك المناطق من قتال تنظيم الدولة؛ فيما يتعرضون للتهجير وخسارة مناطقهم دون موقف حكومي إلى جانبهم".
وفي ختام حديثه لـ "
عربي21"، نفى الضابط في البشمركة "صدور أية أوامر تفرض على سكان تلك المناطق مغادرتها خلال أسبوع، رغم أهميتها العسكرية"، واستدرك قائلا: "حتى إذا صدرت أوامر كهذه فهي لدوافع عسكرية بحتة؛ لا صلة لها بما يصدر من اتهامات لا صحة لها عن استيلاء البشمركة على الأراضي التي يعيش فيها السكان العرب بدوافع قومية"، بحسب تعبيره.