أثار قرار الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، إرسال نحو 700 جندي موريتاني كدفعة أولى للمشاركة في عمليات
التحالف العربي في
اليمن، جدلا سياسيا واسعا في البلاد، وتحدثت أحزاب سياسية عن صفقات "مشبوهة" عقدتها نواكشوط مع الرياض، تتضمن إرسال مئات الجنود الموريتانيين على شكل دفعات إلى الأراضي اليمنية، ووحدات أخرى يرجح أن تنتشر على الحدود
السعودية اليمنية.
وعقدت قيادات عسكرية سعودية نهاية الأسبوع سلسة اجتماعات مكثفة بكبار قادة
الجيش الموريتاني، من أجل وضع اللمسات الأخيرة على المشاركة الموريتانية بقوات برية في الحرب باليمن، فيما أكدت مصادر عسكرية، وأخرى مقربة من الملف نفسه، في حديث لـ"
عربي21"، أن الأمر يتعلق بإرسال قوات للمشاركة في عمليات حفظ السلام في اليمن، مضيفا أن الأمر سيتطلب أربعة أشهر على الأقل قبل أن تغادر أول دفعة من الجنود الموريتانيين بلادها.
وأضاف المصدر أن مناورات عسكرية بين
موريتانيا والسعودية ستتم من أجل التعرف على الأسلحة المقرر استخدمها هناك، قبل بدء وصول الجنود الموريتانيين إلى اليمن، وأن الوحدات العسكرية ستخضع لتدريب يستمر عدة أشهر، قبل بدء مهمتها.
"صفقة غامضة" ومنح وقروض سعودية
وبالتزامن من إعلان المشاركة الموريتانية ميدانيا في الحرب في اليمن، أفادت مصادر حكومية موريتانية عن عزم السعودية تقديم منح لموريتانيا من أجل سد العجز الحاصل في ميزانية الدولة الموريتانية، بالإضافة إلى ضخ مبلغ 500 مليون دولار في البنك المركزي الموريتاني.
وقال حزب تكتل القوى الديمقراطية، أكبر أحزاب المعارضة، إن الرئيس الموريتاني عقد صفقة وصفها بـ"المشبوهة"؛ مع الجانب السعودي، مقابل الحصول على أموال.
ودعا بيان للحزب أرسلت نسخة منه لـ"
عربي21"؛ القوى السياسية في البلاد إلى العمل من أجل إفشال ما سماها "صفقة بيع الجنود الموريتانيين والزج بهم في حرب خارج حدود البلاد"، بحسب قول البيان، فيما التزمت الحكومة الموريتانية الصمت بشأن الموضوع.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، اشتعل الجدل الدائر بشأن المشاركة الموريتانية في الحرب في اليمن، واعتبر عدد من النشطاء السياسيين أن قرار المشاركة أمر مرفوض.
أما القيادي في الأغلبية الحاكمة، سيدي ولد بياده، فقد اعتبر أن الضجة المثارة حول موضوع إرسال الجنود لليمن غير مبررة، مضيفا أن هذه المشاركة تتعلق بالعمل العربي المشترك، وليست المرة الأولى التي يشارك فيها جنود موريتانيون في مهمات حفظ السلام خارج حدود البلاد.
وقال ولد بياده، في تصريح لـ"
عربي21"، إن البعض تسرع في الحديث سلبا عن الموضوع قبل معرفة طبيعة المشاركة، أو حتى تاريخها ونوعها أصلا، معتبرا أن التصريحات التي خرجت من بعض المعارضين هدفها "معارضة كل القرارات الحكومة لا أكثر"، بحسب تعبيره.
هل تستغل القاعدة الفرصة للعودة لموريتانيا؟
في غضون ذلك، أبدى عدد من المتابعين والمحللين السياسيين قلقهم من عودة بعض التنظيمات المتشددة، خصوصا القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، إلى موريتانيا، إذا ما قررت نواكشوط إرسال قوات بهذا الحجم لليمن.
وقال الباحث الموريتاني المتهم بقضايا الساحل الأفريقي، محمد ولد الراجل، إن حجم القوة المقرر إرسالها لليمن، سيستنزف نخبة الجيش المحدودة أصلا، وسيساهم في إيجاد ثغرة أمنية قد تستغلها الجماعات المتشددة التي تنشط على الحدود الموريتانية المالية، وأبرزها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
ورأى ولد الراجل، في حديث لـ"
عربي21"، أن التنظيمات المتشددة تتربص بموريتانيا، وقد تجد الفرصة ملائمة لشن هجمات جديدة على البلاد، خصوصا في ظل عدم قدرة وحدات الشرطة والدرك على التصدي لمثل هذه الجماعات التي تتحرك في صحراء الشمال الأفريقي على نطاق واسع، وفق تقديره.