اقتحمت فصائل من
الحشد الشعبي، الخميس، محكمة الاستئناف في قضاء "قرة تبه" التابع لمحافظة ديالى، وقامت باحتجاز حراس المحكمة وموظفيها لمدة ساعتين، فيما صادرت جميع الملفات المتعلقة بالدعاوى المرفوعة ضدّ مقاتلين ينتسبون إلى تلك الفصائل على خلفية اتهامات بجرائم قتل وخطف وابتزاز.
وذكرَ شهود عيان تواصلت معهم "عربي21" أنهم شاهدوا مقاتلين يرتدون زي
مليشيات الحشد الشعبي؛ يقومون بتكسير نوافذ السيارات المتوقفة في ساحة المحكمة، كما قاموا بقطع الطرق المؤدية إليها لأكثر من ساعتين.
من جهة ثانية، هددت بعض العشائر السنية في محافظة ديالى بتشكيل قوات حماية ذاتية خارج الإطار الرسمي، لحماية مناطقهم من
انتهاكات المليشيات، بعد استمرار حالة تخلي القوات الأمنية عن حمايتهم.
ومعروف أن أغلب عناصر القوات الأمنية ينحدرون من المحافظات الشيعية، وسط وجنوب
العراق.
من جانب آخر، قالت مصادر عشائرية محلية لـ "عربي21"، إنّ القوات الأمنيّة عاجزة عن الوقوف بوجه "الانتهاكات المستمرة لفصائل الحشد الشعبي في المناطق السنية".
وتوجهت "عربي21" بسؤال لأحد الضباط في قيادة شرطة بعقوبة، لتوضيح حقيقة ما أدلى به مواطنون محليون عن انتهاكات تقوم بها مليشيات الحشد الشعبي ضد المناطق الأغلبية السنية ذاتها، فقال: "هناك مئات الشكاوى التي تنظر بها قيادتنا تقدم بها سكان بعض القرى القريبة من مدينة بعقوبة، ومركز محافظة ديالى، لكن القيادة تقف عاجزة حتى عن إجراء التحقيقات القانونية اللازمة لمحاسبة المتجاوزين على القانون".
وأضاف الضابط: "نكتفي بالاستفسار من قيادات الحشد الشعبي عن صحة تلك الشكاوى، مطالبين إياهم بمعاقبة المتجاوزين"، على حد قوله.
وعن طبيعة تلك الشكاوى ومضامينها، يقول الضابط في شرطة بعقوبة: "هناك شكاوى عدة تتعلق بحرق مزارع لمواطنين تشتبه بهم قيادات الحشد الشعبي بتأييدهم لداعش، وأخرى تتعلق بنهب مواشيهم، أو مصادرة سياراتهم الخاصة، وغيرها من الشكاوى".
لكن مواطنين أكدوا لـ "عربي21" أن بعض ممتلكاتهم الخاصة تمّت مصادرتها من قبل فصائل الحشد الشعبي، دون أن يتقدموا بشكاوى ضدهم خشية اعتقالهم، أو تهجيرهم.
وعلى الرغم من كثرة الشكاوى التي يتم رفعها إلى الجهات المسؤولة في قيادة الحشد الشعبي، ومع شيوع ظاهرة الانتهاكات مؤخرا، "إلا أننا حتى اللحظة لم نتلق أي إشعار من قيادات الحشد الشعبي بمعاقبة أحد مقاتليهم، وعادة يكون الرد بأنها تصرفات يقوم بها مجهولون لا صلة لهم بالحشد الشعبي، أو أن تلك الممارسات تترافقُ مع حملات المداهمة ضد أوكار الإرهابيين"، بحسب قول الضابط.
ويؤكد الضابط في شرطة بعقوبة "وجود وثائق تدين الفاعلين، وهناك صور التقطها بعض المتضررين لعناصر قاموا بإحراق مزارعهم، أو نسف بيوتهم، ويتم التعرف عليهم حتى من قيادات الحشد الشعبي، لكن هؤلاء فوق القانون، طالما أن صلاحيات قيادة الشرطة باتت أشبه بالمعطلة"، حسب تعبيره.
غير أن مصدرا في مجلس محافظة ديالى، رفض الكشف عن اسمه، قال لـ"عربي21": "ليس صحيحا عدم اتخاذ أية إجراءات ضد المسيئين من مقاتلي الحشد الشعبي، هناك العشرات منهم رهن الاعتقال، ويجري التحقيق معهم، وسينالون جزاءهم حسب مواد القانون".
لكن المصدر في شرطة بعقوبة، نفى اعتقال جميع المدعى عليهم، "ومن تم اعتقالهم من المطلوبين واعترفوا بجرائمهم هم عدد قليل، من بينهم سبعة من مقاتلي حزب الله مدانين بجرائم قتل، وقام حزب الله باقتحام أحد مراكز الشرطة، وأفرج عنهم مهددا بإعلان الحرب على ما أسماها بالحكومة المنافقة"، حسب المصدر الذي رفض الإفصاح لـ"عربي21" عن اسم مركز الشرطة.