تناولت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها هجمات المرشحين المحتملين لانتخابات الرئاسة الأمريكية على الإسلام. وأشارت إلى تصريحات بن كارسون، والجدل الذي أثاره بسبب التعليقات المتعصبة التي أطلقها عن المسلمين.
وتقول الافتتاحية إن النقد الذي يتعرض له يستحقه؛ لأنه لا يتعلق بما يعرف بثقافة التصحيح اللغوي، كما ادعى كارسون. مشيرة إلى أن تصريحاته لا تعبر عن تيار هامشي في الحزب الجمهوري.
وتضيف الصحيفة أن الفوضى الدنيئة التي ظهرت من المرشحين الراغبين بالحصول على ترشيحات الحزب الجمهوري، أو كما يعرف بـ"الحزب القديم الجميل"، تمس القيم الأمريكية ومبادئ الدستور والتاريخ الأمريكي. وتعكس عادة خبيثة من قادة الحزب الجمهوري للعب بالنار، وارضاء الغاضبين والمحرومين والقاعدة البيضاء، من خلال مهاجمة الأقليات، والمسلمون هم الهدف الحالي.
وتشير الافتتاحية إلى تصريحات كارسون في برنامج "واجه الصحافة"، التي قال فيها إن المسلم لا يصلح لان يكون رئيسا؛ لأن دين الرئيس يجب أن يكون متناسبا مع الدستور. وتحدث لاحقا لصحيفة الكونغرس "ذا هيل" قائلا إن الشريعة الإسلامية لا تتوافق مع الدستور، وأضاف: "يشعر
المسلمون أن دينهم هو جزء من حياتهم العامة ويدخل فيما تفعله كونك مسؤولا، وهذا يتناقض مع مبادئنا ودستورنا".
وتقول الصحيفة: "أترك جانبا للحظة المشهد الساخر غير المقصود لعضو في الحزب الجمهوري وهو يعلن أنه يجب إبعاد الدين عن الحياة العامة، وأن كارسون، كونه أفروأمريكيا، هو عضو في أقلية دائما ما يقلل من أمرها، إلا أن الحرية الدينية متجسدة في المادة الأولى من الدستور الأمريكي، وترفض فكرة أن يكون الدين شرطا من شروط الترشح للمنصب العام. وقد ناقش جي إف كيندي بفصاحة تامة، وأثبت هذا عندما كان أول كاثوليكي يتولى منصب الرئاسة".
وتضيف أنه "بالنسبة لقانون الشريعة، فالمسيحية لها قانونها، واليهودية كذلك، ولا أحد يصورهم على أنهم تهديد للحياة العامة، على الأقل هذه السنة".
وتعلق الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، على بعض الجمهوريين، الذين حاولوا بعد تعليقات كارسون، الإشارة إلى أن المشاعر المعادية للمسلمين موجودة فقط في بعض قواعد الحزب. وناقش بعضهم قائلا إن الرئيس السابق جورج بوش وضع خطا بين جهود الدولة لمكافحة الإرهاب بعد 11 أيلول/ سبتمبر، والحملة الأوسع ضد المسلمين.
وتنقل الصحيفة عن المسؤول الإعلامي السابق لبوش توني فراتو، قوله: "لقد حاولنا العمل بجهد من أجل ألا يكون هذا هو الحال، وفي كل مرة يفعل فيها شخص أمرا كهذا فإنه يعقد الأمور".
وتبين الافتتاحية أن كارسون ليس الوحيد في ديماغوغيته، فقد اتهم دونالد ترامب الرئيس باراك
أوباما بأنه أجنبي، ويواصل تعذية الشكوك بأن أوباما هو مسلم، وهذه أسطورة يؤمن بها عدد من الجمهوريين.
وتلفت الصحيفة إلى أنه في الأسبوع الماضي تلقى ترامب سؤالا من شخص، فأكد قائلا: "لدينا مشكلة في هذا البلد وهي المسلمون، وأن رئيسنا واحد منهم"، وتساءل الرجل: "متى سنتخلص منهم؟"، وبدلا من قول الحقيقة، وهي أن أوباما مولود في الولايات المتحدة ونشأ مسيحيا، أجاب ترامب: "سننظر في هذا الأمر وأمور أخرى".
وتشير الافتتاحية إلى انتقاد كل من النائب الجمهوري عن تكساس السناتور تيد كروز، والنائب عن ساوث كارولينا ليندزي غراهام، مستدركة بأنه "لا يهم في الحملة أو الحزب؛ لأن المرشحين الآخرين، الذين يأملون بالحصول على ترشيح الحزب، مثل حاكم نيوجيرسي كريس كريستي وجون كاسيتش من أوهايا وجيب بوش، صمموا على الاعتراف بأن أوباما أمريكي وليس مسلما، ومع أن مواقفهم اتسمت بالفتور في أحسن حالاتها؛ لأن الجمهوريين يلعبون على الاستطلاعات التي تظهر دعما للمسلمين أقل من الأقليات الأخرى بين الجمهوريين والناخبين الميالين لهم".
وتجد الصحيفة أن الهجمات على المسلمين ليست جديدة، ففي عام 2008 عندما رشح السناتور جون ماكين للرئاسة، فقد حظي بالثناء عندما رد على أحد الناخبين، الذي قال إن أوباما هو عربي، فرد ماكين إنه "رجل مخلص لعائلته ومواطن أمريكي"، لكن ماكين لم يدحض الكذبة.
وتذكر الافتتاحية أنه في الوقت الذي كان فيه الرئيس السابق جورج بوش يقول الكلام الصحيح في المكان المناسب، إلا أنه مأسس لنظام اعتقال وتعذيب لم يطبق إلا على المسلمين.
وتقول الصحيفة إن المشاعر المعادية للمسلمين تظهر في الطريقة التي يتم فيها التعامل مع اللاجئين، ومعظمهم مسلمون يهربون من الحروب في الشرق الأوسط. وفي الآونة الأخيرة وافقت الولايات المتحدة على استقبال 30 ألفا بحلول عام 2017، لكن بعض المحافظين يعارضون هذا الأمر، ويزعمون أن هذا سيمنح فرصة لتجنيد الراديكاليين.
وتخلص "نيويورك تايمز" إلى أن إغلاق أبواب البلد في وجه المسلمين لن يخدم إلا كارسون وترامب، اللذين شوها سمعة آلاف المسلمين الذين انضموا للأيرلنديين والإيطاليين والألمان والفرنسيين واليهود والروس واللاتينيين والأفارقة وآخرين كثر ممن أصبحوا مواطنين شرفاء، وربما في يوم ما يخرج منهم رئيسا.