نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، تقريرا حول التعبيرات السلبية لمستعملي
مواقع التواصل الاجتماعي، قالت فيه إن التعبيرات السلبية أصبحت إدمانا لدى العديد من المستخدمين، الذين يقضون وقتا في التهكم على الناس، والتصرف بعدائية على الصفحات الشخصية والعامة.
وأضافت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، أنه يتوجب على أصحاب الحسابات أن يحذروا عند استعمالهم لمواقع التواصل الاجتماعي، وأن يحافظوا على ذوقهم اللغوي، وأن لا ينجرفوا وراء الاستخدامات الجديدة للغة، كاستخدام كلمات دخلت في حديثنا اليومي، مثل: "لايك" و"ديليت" و"براوز".
ووصفت الأشخاص الذين يتصفحون المواقع للتعبير عن سخطهم بـ"المزاجيين" أو "الحاقدين"، حيث إن "هؤلاء يمضون جل وقتهم في السخرية من المحيطين بهم، فهم يكيلون
الشتائم، ويستهزئون، ويهينون غيرهم باستعمال حسابات تحمل أسماء مستعارة. وبدون سابق إنذار؛ يشنون حملات مضايقات مركزة وانتقائية. وينتمي ضحاياهم إلى شرائح مختلفة، قد يكونون من المشاهير أو حتى من المستخدمين العاديين، باعتبار أن هؤلاء المزاجيين يختارون ضحاياهم بحسب مزاجهم".
ولاحظت الصحيفة "غياب أي خطوات جدية لمقاومة هذه الظاهرة المشينة، حيث إنه لا ينفع الندم بعد القيام بهذه التصرفات السلبية على شبكة الإنترنت، وخاصة بعد الضغط على زر الإرسال، فحينها يكون قد فات الأوان على تقديم الاعتذار".
واعتبرت أن "الجميع متواطئ -بشكل ما- في تفاقم ظاهرة
الكراهية على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث إن الأمر لم يعد يتعلق فقط بهؤلاء الحاقدين الذين يغرقون مواقع الإنترنت بكم هائل من التعاليق المثيرة للاشمئزاز، بل إنه أصبح ممارسة ممنهجة وغير عفوية، لأن هناك جهات تدفع مبالغ مالية طائلة؛ كمقابل لأولئك الذين يقومون بهذه المهام، بغرض تشويه الخصوم أو مضايقتهم".
وأكدت أن جميع السياسيين والأحزاب السياسية والشركات؛ يعيشون منافسة فيما بينهم، ولكنهم أصبحوا لا يتوانون عن شتم بعضهم، وأصبحت نبرة الحقد والكراهية جلية في خطاباتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت "لوموند" إن هؤلاء الحاقدين يقومون بفضح أسرار الناس باستمرار من وراء شاشات حواسيبهم، ويشتمون ضحاياهم صباح مساء، ويستمتعون بفعلتهم هذه لحظة بلحظة، ولا يدخرون جهدا لإلقاء الشتائم "لعل ذلك يزيد من
إعجاب الناس بهم، بحسب تصورهم".
وأضافت أن هؤلاء يبدون على أرض الواقع كأنهم شخصيات من الروايات البوليسية، إذ إنهم يمضون كامل الوقت وهم يرتدون ملابس النوم، جالسين أمام شاشات حواسيبهم، ويضعون مشروبا قرب لوحة المفاتيح، ويبدأون في البحث عن الشخص المناسب لمهاجمته، فارضين على الآخرين مفهوما غريبا للاحترام، وهم يعتبرون أن ما يقومون به "ممارسة للحرية والديمقراطية التي لا يمكن التنازل عنها".
وأوضحت أن هؤلاء يترصدون الأشخاص ذوي الإحساس المرهف؛ للانقضاض عليهم، "فهم ماهرون في اصطياد وترصد الهفوات والمواقف المحرجة، كما أن الحاقدين لا يتوانون عن السخرية حتى من الأشخاص الذين يتمتعون بجاذبية وجمال".
وكمثال على ذلك؛ فقد أشارت الصحيفة إلى تعرض لاعب كرة القدم الأمريكية ماثيو باستارو، الذي يتمتع بلياقة بدنية ممتازة، لتبعات قضائية، نتيجة إشاعة أطلقها بعض الكارهين حول جرم اقترفه، ما تسبب في توجيه سيل من التهم له على موقع "
فيسبوك"، مشيرة إلى أنه "رغم صلابته أمام منافسيه في الميدان، فإنه كاد ينهار ويضع حدا لمشواره الرياضي؛ بسبب هذه الشائعات".
وقالت الصحيفة إن الكراهية أصبحت ظاهرة سسيولوجية، حيث يتواجد الكارهون في كل مكان، ولا يكاد يمر يوم دون أن تنشر فيه صفحات الجرائد أخبار انتحار أشخاص بسبب تعرضهم للابتزاز على "فيسبوك"، كما أنه لا يمر يوم دون أن يقع مدون أو فنان أو ممثل؛ ضحية سخرية أو تحايل على الشبكة العنكبوتية.
وأضافت أن أساتذة جامعيين في جامعة "إيلينويز"، قاموا بدراسة جدية للتأثيرات النفسية لهذا النوع من الاعتداءات الرائجة على الشبكة العنكبوتية، ولاحظوا استعمالا مكثفا لشعار "الكارهون وُجدوا ليكرهوا"، ما يعني أنهم لا يكترثون لقيمة أي شخص يحقدون عليه ويهينونه، ولا تهمّهم نظرة المجتمع لهم.
وأوردت "لوموند" تواتر أخبار حول اعتزام إدارة موقع "فيسبوك" إضافة الزر الجديد "لم يعجبني" بجانب زر "إعجاب"، للتعبير عن عدم الإعجاب بأمر ما، مشيرة إلى أن من وصفتهم بـ"الكارهين" عبروا عن ترحيبهم الكبير بهذه الخطوة التي ستقدم عليها إدارة "فيسبوك"، إلا أن إدارة الموقع تنفي إلى حد الآن صحة هذا الخبر، بحسب الصحيفة.