نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا تناولت فيه تحول الخطاب الرسمي الفرنسي، على لسان الرئيس فرانسوا
هولاند، فيما يخص الملف السوري، وذلك استجابة للتحولات التي طرأت على التوازنات الإقليمية، عقب الاتفاق النووي الإيراني بدرجة أولى.
وذكّرت الصحيفة في هذا التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بالموقف الصارم الذي تبناه هولاند إزاء بشار
الأسد منذ سنتين، على خلفية استعماله للأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في ضواحي دمشق، حيث كانت الديبلوماسية الفرنسية مصرة على ضرورة معاقبة الأسد، وكان هولاند يدعم خيار التدخل العسكري ضد النظام السوري، وهو ما لاقى استحسانا من الرأي العام، قبل أن يعارضه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ما ترك شعورا بالخيبة لدى هولاند.
وقالت الصحيفة إن الرئيس الفرنسي لم ينس ذلك، حيث عاد ليذكر بهذه المسألة بعد سنتين، في المناسبة ذاتها، وهي المؤتمر السنوي للسفراء الفرنسيين، الذي انعقد الثلاثاء، إذ اعتبر أن "تراخي المجتمع الدولي على الرغم من اجتياز النظام السوري للخطوط الحمراء، قد كلف غاليا، فسوريا الآن تعاني من انتشار تنظيم الدولة في ربوعها، وتواصل مجازر بشار الأسد ضد شعبها".
واعتبرت لوموند أن الرئيس الفرنسي سعى من خلال هذه المقدمة، إلى تأطير خطابه، عبر الانطلاق من القضية السورية، وإيضاح النقاط الرئيسية التي تناولها فيما بعد، والتي تمحورت أساسا حول محاربة تنظيم الدولة، ومعالجة أزمة الهجرة غير الشرعية؛ التي اعتبرها "إحدى النتائج المأساوية للصراعات المتراكمة".
وفي هذا السياق، أشارت الصحيفة إلى التطور الذي شهده خطاب فرانسوا هولاند، بعد أربع سنوات من انطلاق الحرب في
سوريا، وفشل قمتي جنيف 1 و2؛ إذ اعتبر أن "تحييد الأسد" شرط ضروري للانتقال السياسي في سوريا.
ونقلت الصحيفة عن السفير الفرنسي السابق في إيران، فرانسوا نيكولو، أن "تحييد الأسد" عبارة عامة وفضفاضة، ولكنها تكشف عن "خطوة فرنسية صغيرة إزاء الروس والإيرانيين".
ولفتت "لوموند" إلى تأكيد هولاند على ضرورة "جمع كل الأطراف المستفيدة من الحل"، معلنا صراحة أهمية مشاركة "دول الخليج وإيران"، ما يثبت تغير الموقف الفرنسي الذي كان معارضا لمشاركة إيران في المفاوضات السابقة المتعلقة بالقضية السورية، بسبب دعمها الثابت لبشار الأسد.
وقالت إن التغييرات التي طرأت على التوازنات الإقليمية خلال السنتين الماضيتين، عبر ظهور تنظيم الدولة، وعقد الاتفاق النووي الإيراني في الخامس عشر من تموز/ يوليو الماضي، فتحت آفاقا ديبلوماسية جديدة، تفسر تحول الخطاب الفرنسي.
من جهته، أعلن فرانسوا هولاند عن "إمكانية إقامة علاقة جديدة مع إيران"، محذرا في الآن ذاته من أن "تتحول الآمال التي زرعها الوضع الحالي إلى أوهام".
وذكرت الصحيفة أن الرئيس الفرنسي لم يكن يملك إلا أن يعلن دعمه للاتفاق النووي الإيراني، غير أنه لم يتوان عن التصريح بحذره الشديد وإبراز شكوكه إزاء طهران، باعتبار أن هذا الاتفاق مجرد خارطة طريق تنتظر ترجمتها، تدريجيا، على أرض الواقع.
وبحسب مدير مؤسسة البحوث الإستراتيجية الفرنسية، كاميل غران، فإن ذلك لم يمنع الرئيس الفرنسي من التأكيد على ضرورة توفير أدنى قدر من الدعم لنظيره الأمريكي بارك أوباما، الذي "يواجه موقفا عدائيا من قبل جزء كبير من الكونغرس، فيما يخص هذا الاتفاق".
وقالت الصحيفة إن فرانسوا هولاند لم يكتف بتوجيه اللوم لأوباما، حيث شمل خطابه سلفه نيكولا ساركوزي، عبر التذكير بفشل التدخل العسكري الفرنسي في ليبيا، والذي أدى لتقسيم البلاد وانتشار الفوضى في ظل غياب خطة واضحة لمرحلة ما بعد القذافي، كما تقول الصحيفة.