رسالة للناشطة المصرية إسراء الطويل تكشف بشاعة السجن والسجان
لندن - عربي2106-Aug-1512:15 AM
شارك
تم تجديد حبس إسراء الطويل 15 يوما للمرة الرابعة على ذمة التحقيق - أرشيفية
من داخل محبسها بسجن القناطر، لم تجد إسراء الطويل حلا لمشكلة اختفائها قسريا واحتجازها على ذمة قضية تؤكد تماما أنها لم ترتكبها، سوى كتابة الرسائل عن أيام محبسها، وإرسالها لأسرتها.
فبعد أن كتبت إسراء الطويل في وقت سابق عن قصة اختفائها قسريا، وردت منها رسالة جديدة تحكي فيها عن أيام احتجازها في السجن، نشرتها صحيفة الشروق المؤيدة للانقلاب.
وفي نص الرسالة، قالت إسراء الطويل:
"سجن القناطر .. مقبرة الأحياء، النهارده 28/7/ 2015 اليوم الثامن والخمسين على اختطافي والثاني وأربعين ليا في سجن القناطر .. لغاية دلوقتي ومع إنه عدى شهرين على اختطافي إلا إني مبقدرش استوعب اللي بيحصل .. لغاية دلوقتي لما بصحى من النوم أو حد بيصحيني بتفزع وأحكي أنا فين .. وأعيط وأقول عايزة أروح البيت".
وتحدثت الطويل عن الفترة التي قضتها في مقر أمن الدولة، التي تقول إنها قضت منها 15 يوم وعيونها مغطاة؛ واصفة حالها في ذلك الوقت بـ"القبر" الذي كانت تدعو فيه "يارب احييني من تاني زي ما هتبعث الموتى من القبور".
في اليوم السابق لكتابة الرسالة، قررت نيابة أمن الدولة العليا تجديد حبس إسراء للمرة الرابعة 15 يوما على ذمة التحقيقات، على حد قولها، مشيرة إلى أنه تم عرضها أمام وكيل نيابة بشكل مختلف عن المرات السابقة.
وتابعت إسراء: "قبل كدا كنت بفكر إني مفيش أي حاجة بتخوفني غير السجن .. بس خلاص أنا مبقيتش أخاف من السجن" مؤكدة في الوقت نفسه أنها رغم عدم خوفها منه إلا أنها "تكرهه"، مقتبسة من الناشطة الحقوقية ماهينور المصري جملتها "إحنا مبنحبش السجون بس مبنخافش منها".
حالة إسراء الصحية
وحول حالتها الصحية، انتقلت إسراء إلى مشهد آخر عند أحد أطباء السجن يدعى (محمود.ع)، على حد قولها، الذي أرسلت إليه، يوم كتابتها للرسالة، للكشف على ساقها المصابة، معلنة إن "الدكتور قاللي انتي عندك عاهة مستديمة.. قولتله قصة إصابتي كلها وإني بتحسن مع استمرار العلاج الطبيعي، لكنه صمم على رأيه، وقالي مبحبش الجدال يلا على عنبرك"، على حد قولها.
عنبرها أو الزنزانة التي عادت إليها إسراء بعد انتهاء الكشف الطبي، وصفتها بأن مساحتها "3× 5 تقريبا، كلها صراصير وحشرات والأكل اللي معانا كله في الزنزانة وحبل الغسيل كإنو الواحد عايش جوه مطبخ في حمام في سرير".
تبدلت حالة إسراء مع مرور الوقت، فبعد أن كانت أقصى أمنياتها في الفترة التي قضتها في مقر أمن الدولة هي أن ترى والدتها وأسرتها، وأن تعود لحياتها الطبيعية، أصبحت تشعر الآن في سجن القناطر بأن "الحياة بتموت جوايا".
رفقاء الزنزانة
تحدثت الطويل في رسالتها عن رفيقات السجن معها، اللواتي لم تزد أعمارهن عن 20 عاما، وصدرت ضدهن أحكام بين "عامين وثلاثة أعوام".
أما السجينة "مس رشا منير الجميلة، كما وصفتها إسراء في الرسالة، مشيرة إلى أنها معروفة إلى حد ما "فهي التي توفي زوجها في طابور الزيارة وهو شايل بناته الاثنتين، ومنعوا مس رشا تحضر عزاه ولا حتى تشوفه بعد وفاته وهو على باب السجن.. وحماتها مانعة عنها الأطفال".
رغم كل ما تمر به "مس رشا"، إلا أن إسراء وصفتها بأنها "روحها طفولية أوي، وهي اللي بتلاعبنا وتهتم بينا ومبتسيبش حد من الصغيرين مننا يبقى زعلان". وعلى سريرها داخل الزنزانة، تجمع رشا منير البنات ليغنين (يا بنات يا بنات يا بنات اللي مخلفش بنات مشبعش من الحرية ومراحش المعتقلات.. حلوة الأيام في عينية علشان خلفت بنيّة.. اتفصلت من الكلية ولا دخلت امتحانات.. صوّتوا والطموا يا بنات.. السجن ملوهشي معاد.. حبستها لما اتنشرت اتكتبت في مجلات).
تحدثت الطويل عن تفرقة في المعاملة بين سجينات القضايا السياسية، مشيرة إلى أنها في زيارات أسرتها لها "ممنوع ليا إني آخد جوابات أو أبعت، وبيقعّدوا معانا مخابرات في وسطنا يسمعوا اللي بنحكيه مع أهالينا كإنهم مراقبيننا 24 ساعة!"، على حد قولها.
ووصلت التفرقة في المعاملة التي تحكي عنها إسراء إلى الكهرباء، قائلة "الكهربا بتقطع بالتلات وأربع ساعات متواصلة عن زنزانتنا في الحر ده، والسجن كله فيه مولدات كهرباء بتشتغل إلا زنزانتنا وبنموت من الحر ومفيش هوا خالص منغير مراوح".
أمنيات
أمنيات بسيطة طلبتها إسراء في رسالتها، ولكن وجودها في السجن يمنعها من تحقيقها، قائلة: "كنت طلبت من المحامي يقول لأختي إني عايزة آكل من ماكدونالدز، لكن ضابط المأمورية (أحمد. ش)، يوم عرض النيابة، رفض إني أسلم عليهم -في إشارة إلى أسرتها وأصدقائها الذين حضروا يومها أمام مقر نيابة أمن الدولة العليا- ومنع إني آخد الأكل بردو"، على حد قولها.
كما أصبح دخول إسراء الحمام أمرا صعبا، تحتاج طوال الوقت إلى أي شخص يساعدها على دخوله "لإني مبقدرش أتحرك لوحدي".
المياه والطعام أزمة أخرى تعاني منها إسراء والسجينات، فاشتكت الناشطة في رسالتها من أن مياه السجن "سيئة جدا وتسبب التهابات في الجسم وريحتها مجاري"، وهو ما يضطرهن إلى شراء زجاجات مياه معدنية من داخل السجن، "لأنهم لا يسمحون بدخولها مع الأهالي"، موضحة أن كل وحدة منهن تحتاج على الأقل إلى 6 زجاجات كبيرة للشرب والاستخدام الشخصي، ولكن "الواحد مبياخدش أكتر من أزازه في اليوم"، بحسب ما ورد في رسالتها.
أما أزمة الطعام لخصتها إسراء قائلة إن "الحشرات كالصراصير والنمل والدود بينتشروا وبيملوا المكان وبيزيدوا جدا بسبب إن الأكل بيبقى معانا جوه في الزنزانة ومفيش تلاجة لينا، مع أن الأهالي اشتروا 3 تلاجات للزنزانة لكن إدارة السجن بقالها شهور مش عايزين يدخلوا التلاجات مع إن إجراءات دخولها خلصت".
أخيرا، طالبت الناشطة إسراء الطويل بإخلاء سبيلها مع استمرار التحقيق، "ولو صعب يبقى على الأقل إقامة جبرية في البيت لغاية ما التحقيق في التهم الباطلة الموجهة ليا يخلص"، حسب قولها.
وفي حوار أجرته "عربي21"، في وقت سابق مع شقيقتها آلاء الطويل، صرحت أن إسراء مصابة بشلل في الطرفين السفليين، وأنها تحتاج إلى جلسات علاج طبيعي مكثفة.
وطبقا لتقرير طبي أرسلته آلاء الطويل شقيقة إسراء إلى "عربي21"، اتضح فيه أن إصابة إسراء بالشلل في الطرفين السفليين ناتج عن إصابة بالضفيرة العصبية الطرفية المسؤولة عن القدمين، وهو ما قالت عنه آلاء إن إسراء أصيبت بطلق حي في الحبل الشوكي أثناء تغطيتها لذكرى ثورة يناير في 2014.
وفي التقرير الطبي، بدا أن إسراء تحتاج إلى جلسات علاج طبيعي مكثفة مكونة من تمرينات علاجية، وتنبيه كهربي عصبي عضلي، وعلاج بالليزر بشكل يومي، كما أشار التقرير إلى أن التوقف عن الجلسات يؤدي إلى الإضرار بالبرنامج العلاجي لها، وبتحسن حالتها بشكل عام.