أصدر "مركز ستراتفور للدراسات"، الجمعة الماضي، تقريرا حول زيارة رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء
علي مملوك للعاصمة
السعودية ولقائه ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي
محمد بن سلمان.
وأكد تقرير ستراتفور، الذي اطلعت عليه "عربي21"، أنه جرى الإعداد لـ"الزيارة البعيدة عن الأضواء التي جرت في وقت ما من شهر تموز الماضي"، خلال اجتماع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الأمير السعودي في حزيران/ يونيو الماضي.
ويعنى المركز الأمريكي بالدراسات الاستراتيجية والأمنية، ويعدّ من أهمّ المؤسسات الخاصة التي تعنى بقطاع الاستخبارات، وتطلق عليه الصحافة الأمريكية اسم "وكالة المخابرات المركزية في الظل"، ومعظم خبراء المركز ضباط وموظفون سابقون في الاستخبارات الأمريكية.
وقالت "المصادر الخاصة" لستراتفور إن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف اقترح تشكيل جبهة لمحاربة تنظيم الدولة تضم: تركيا، السعودية، الأردن، وسوريا، وإن
روسيا تأمل أن يشكل هذا التحالف مدخلا للحوار بين النظام السوري ومعارضيه.
وعن لقاء مملوك - ابن سلمان، أشار التقرير إلى أن السعودية طلبت من
سوريا التخلي عن إيران، ما جعل من غير الواضح ما إذا كان هذا الحوار سيستمر أو سيساهم في حصول تفاهم إقليمي بين السعودية وقطر والأردن وتركيا من جهة، وإيران وسوريا من جهة أخرى.
ولفت التقرير إلى أن السعودية التي تملك شكوكا قوية تجاه نيات إيران، تفضل أن تكون قوة موازية لإيران على التفاهم معها، أما في ما يتعلق بتركيا، فلفت إلى أن تورطها ازداد في الشمال السوري، وأن أنقرة تميل إلى مساعدة "الثوار" لإضعاف القوات السورية على الأرض قبل التفاوض جديا مع النظام.
وأضاف التقرير القول: "حتى لو اتفق كل داعمي الثوار على إضعاف النظام والتفاوض معه، إلا أن السؤال الأهم يبقى: هل سيستطيعون إجبار الثوار على التفاوض مع النظام، وإقناعهم بمشاركة السلطة مع العلويين؟" معتبرا أن في هذه المرحلة من الأزمة جعلت لروسيا وللولايات المتحدة أسبابهما الخاصة لدعم المفاوضات بين المتصارعين، فالولايات المتحدة أعطت تركيا موافقة ضمنية على إقامة منطقة عازلة في شمال سوريا، ولكنها تفضل التركيز على هزيمة تنظيم الدولة، وليس على إسقاط الأسد.
ورأى التقرير أن روسيا تسعى للحفاظ على نفوذها من خلال تحسين علاقاتها مع الأطراف "السنية" في النزاع السوري، بينما توظف علاقتها القائمة مع دمشق لإنجاح المفاوضات، مشيرا إلى أن هذا الموضوع سيطرح للنقاش عند لقاء وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في الدوحة، كما تساءل عما إذا كانت الدبلوماسية المكوكية الروسية كافية لجعل هذه المفاوضات قابلة للحياة.
نفي سعودي
إلى ذلك، نفى السفير السعودي في القاهرة أحمد القطان بشكل قاطع أي زيارات لمسؤولين سوريين للسعودية، مؤكدا بأن "الأسد لن يكون له دور في أي حل مستقبلي"، مؤكدا أن بلاده تدعو إلى العودة إلى مسار "جنيف".
جاء ذلك خلال لقاء مع رؤساء تحرير الصحف المصرية وبعض الكتاب في القاهرة مساء الأربعاء.
وعن الوضع في سوريا، أكد القطان أنه لا توجد خلافات بين السعودية ومصر بشأن الحل، وربما كان هناك في الماضي خلاف حول سبل الوصول إلى الحل وليس جوهره، والآن صار هناك اتفاق على الوسائل والطريق.
وأكد القطان أن مصر والسعودية تتفقان على الحل السياسي، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، ووقف العمليات العسكرية، ووقف إبادة الشعب السوري، والحفاظ على المؤسسات، في حين أشار القطان إلى إن الجيش السوري عقائدي، ويقتل شعبه، ولا يهمه إلا أمن النظام، في حين أن الجيش المصري حر، ووجد ليحمي شعبه، على حد تعبيره.
ومنذ نهاية الشهر الماضي، تواترت عدة تقارير صحفية عربية وأجنبية حول زيارة مدير المخابرات السوري علي مملوك للسعودية، ولقائه ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بوساطة روسية.
وكان أول هذه التقارير تقرير صحيفة "الأخبار" المقربة من حزب الله، في 31 تموز/ يوليو الماضي، التي قالت إن رئيس مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي المملوك زار الرياض والتقى ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بوساطة روسية. طرحت الخلافات على الطاولة.
ونوهت الصحيفة إلى أن اللقاء كان لمجرد المصارحة والاتفاق على التواصل، مؤكدة أن وزير الدفاع السعودي أوضح للملوك أن أساس مشكلة السعودية مع سوريا هو تحالفها مع إيران، في حين بالغت الصحيفة بإجراءات اللقاء وشكلياته، أكثر من محتوى اللقاء ذاته.
من جانب آخر، نفت مصادر سعودية مقربة من الأسرة الحاكمة في السعودية هذه الزيارة، بحسب ما نقلت صحيفة "جنوبية" اللبنانية المعارضة لسياسات حزب الله، واصفة اللقاء بأنه "من خيالات صحيفة الأخبار".
آخر هذه التقارير، المثيرة للجدل، كان تقريرا لصحيفة "صانداي تايمز" البريطانية، أكدت فيه، نقلا عن مسؤول سوري بارز، زيارة مدير المخابرات السورية الجنرال علي مملوك، الشهر الماضي إلى العاصمة السعودية الرياض، حيث التقى ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قائلة إن فكرة اللقاء نوقشت خلال اجتماع محمد بن سلمان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سانت بطرسبرغ في حزيران/ يونيو.
ويشير التقرير إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طلب اعترافا من الأمير بأنه لا توجد هناك محاولات لتغيير النظام في دمشق، مشيرا إلى أن هناك حاجة إلى حل جديد للأزمة السورية.