نشرت مجلة لاكسبراس الفرنسية تقريرا تناولت فيه قصة فتاة إيزيدية تدعى "ديلو"، تبلغ من العمر ثمانية عشر سنة، أسرها مقاتلو
تنظيم الدولة، وقام أحد أمراء التنظيم بمساعدتها على التأقلم، مع صعوبة الوضع والنجاة من الاستعباد، إلى أن تمكنت من الهرب من براثن التنظيم.
وروت "ديلو" للمجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي 21"، تفاصيل احتجازها وظروف عيشها وسط عائلة أحد "أمراء" تنظيم الدولة، وكيفية هروبها من منطقة سيطرة التنظيم.
وقالت لاكسبراس إنها قابلت الشابة الإيزيدية في كردستان
العراق، حيث لجأت هي وعائلتها المكونة من والدتها وأخواتها الأربع وأخوها "حياة"، البالغ من العمر 19 عاما، مشيرة إلى أنه لم يكن بالإمكان التعاطي مع "ديلو" دون التحدث معه أولا، حيث كان حياة متواجدا بتركيا حين أقدم مسلحو تنظيم الدولة على اختطاف والدته وأخواته، إذ أعلمته أحد جاراته بالخبر فور صوله.
كما ذكرت المجلة أن عملية الاختطاف كانت قد تمت في الثالث من آب/ أغسطس 2013، أثناء مداهمة تنظيم الدولة لسنجار، معقل المجتمع الإيزيدي بالعراق، ليتم اقتياد النسوة إلى مدرسة بالموصل، ومن ثمة عرضهن للبيع.
ولفتت إلى أن الحالة المرضية التي تعاني منها "ديلو" متسببة لها في حالات متتالية من الإغماء، أنقذتها من براثن الرجال الذين كانوا يأتون لتخير من تحلوا لهم؛ إذ لم يرغب أحد فيها، عدا "أمير" يبلغ من السن 80 سنة، اشتراها ببضع مئات من الدولارات وطمأنها إلى أنه لن يلحق بها الأذى، بل أن بإمكانه إنقاذها.
وروت الشابة الإيزيدية للمجلة بأن "السيد المسن" اقتادها لأحد الأطباء قبل أن يعود بها إلى منزله، حيث قدمها لزوجته وابنتيه، مؤكدة على حسن معاملتهم لها.
وأضافت "ديلو" بأن "الأمير" طلب منها الصلاة وقراءة القرآن، غير أنها رفضت ذلك، مما دفعه للاتصال بوالدتها وإخبارها بأنه لن يتمكن من مساعدتها إذا لم تدخل للإسلام، فطمأنتها أمها إلى أنه لا بأس من ذلك، منبهة إياها إلى ضرورة الالتزام بما يطلبه منها "الرجل المسن"، كما تناديه الشابة.
إثر ذلك، تقول المجلة، إن الشابة الإيزيدية بدأت في الصلاة وقراءة القرآن، ليصطحبها الرجل العجوز إلى إحدى المحاكم "الشرعية"، حيث طلب منها قراءة خمس سور. وبعد أن أتمتهن، أقسمت على ألا تترك الإسلام مادامت حية، ودعم مرافقها أقوالها بتأكيده على محافظتها على آداء صلواتها.
وبعد أن تم إعلان اعتناقها للإسلام رسميا، أصبحت الشابة بحسب قوانين تنظيم الدولة حرة، فخيرها "الأمير" بين المكوث عنده أو العودة إلى والدتها، فطلبت منه إعادتها إليها.
وعند عودتها للقرية، وجدت "ديلو" إحدى شقيقاتها البالغة من العمر 22 سنة في حالة مزرية، حيث اشتراها أحد السعوديين المقيمين في سوريا، وأقدم على تعذيبها بعد أن رفضت الامتثال لأوامره، الأمر الذي أدى إلى كسر اثنتين من فقرات عمودها الفقري، ما أثار خوف هذا الرجل ودفعه لإطلاق سراحها.
وفي هذا السياق، أشارت المجلة إلى أن الشابة الأيزيدية ظلت "أسيرة" لدى التنظيم، غير أنها أصبحت تتمتع بحرية التصرف، والتحقت بالعمل في الحقول رفقة والدتها. وكان "الرجل المسن" يزور العائلة بين الفينة والأخرى، ملبيا احتياجاتهم من الطعام.
كما ذكرت "ديلو" أنه جلب لهم العديد من الهدايا يوم عيد الفطر، وكان يعاملهم بطريقة جيدة، وقالت إن هذا "الرجل المسن" كان قد أخبرها بأنه ترعرع رفقة عائلته بين الإيزيديين، لذلك فهو يعرفهم جيدا ويشعر بمعاناتهم، وهو ما دفعه إلى تقديم المعونة لها.
ومع مرور الوقت، أصبحت قصة "ديلو" طي النسيان إلى حدود نيسان/ أبريل الماضي، إذ طلب عناصر من تنظيم الدولة مقابلتها، ليخبروها بأنهم ينوون إجبارها على الزواج. فاتصلت بـ"الأمير"، لتخبره أنها غير راغبة في الزواج، لكنه أخبرها بأنه لا يملك مساعدتها؛ لأنه هو الآخر مهدد.
لذا، لم يكن أمام الفتاة وأختها سوى الهرب، وهو ما تم بالفعل، حيث التحقتا بجمع من النسوة كن يحضرن ليلا لعملية هروب جماعي، لتعثرا صباحا على مجموعة مقاتلين من قوات البيشمركة الكردية، قادتهما إلى مدينة دهوك بكردستان العراق.
وأفادت المجلة بأنه قد تم تحرير ما يقارب الـ2000 فتاة إيزيدية إلى حد الآن، إما عن طريق الهروب أو عبر دفع فدية، حيث يتم اقتيادهن إلى الملاجئ دون أن تتسنى لهن فرصة العودة إلى
سنجار؛ التي لم يتمكن الأكراد من استرداد أكثر من 30% بالمائة من مساحتها.
وفي الختام، نقلت المجلة عن هذه الشابة الإيزيدية، بأن الحرب رغم ما فيها من دماء وآلام ووحشية، تحمل في أغوارها السحيقة بصيصا من الأمل، في وجود أشخاص طيبين، وهي تقول: "ليسوا كلهم وحوش، فقد كان هو مختلفا، غير أنني لن أقوم بمساعدته يوما".