بعد سنوات من
الحرب الأهلية والدمار وتشريد السكان، أصبحت
سوريا أخطر بقعة على وجه الأرض، بحسب مؤشر
السلام العالمي، الذي يبحث مستويات العنف والسلام العالمية. وفي الوقت الذي تصدرت فيه آيسلندا قائمة الدول الأكثر سلما في العالم، حلت سوريا في أدنى القائمة كونها أخطر مكان في العالم.
وتقول صحيفة "إندبندنت" البريطانية إن حال سوريا يأتي في الوقت الذي اعتبرت فيه البلاد عام 2008 واحدة من الدول الآمنة نسبيا في العالم، وحلت بالمرتبة 88 من بين 162 دولة درسها المؤشر. وفي غضون سنوات ونتيجة للحرب الأهلية، وصعود تنظيم الدولة، انخفض مستوى سوريا من وسط القائمة إلى أدناها.
ويشير التقرير إلى أن مؤشر السلام العالمي يقيس مدى
الأمن والخطورة في بلد معين، بناء على عدد من المعايير المختلفة، وعددها 23 معيارا، تشمل دراسة معدلات الجريمة، والنظر لفكرة القتل، والإرهاب والإنفاق على معدلات التسلح. ويعد المؤشر سنويا معهد الاقتصاد والسلام، منذ تسعة أعوام، حيث يصدر دراسته مرة في السنة.
وتذكر الصحيفة أن الجداول، التي نشرها المعهد، تظهر أن وضع سوريا قد انخفض بشكل تدريجي خلال الأعوام الماضية من المرتبة التي سجلتها عام 2008، وقد سجلت أعلى نسبة تدهور في مؤشر الأمن في البلاد عام 2011 مع بداية الثورة.
ويلفت التقرير إلى أنه بالمقارنة فقد حصلت دولة آيسلندا على أعلى نسبة من ناحية المخاطر، واعتبرت الدولة الأكثر آمنا، حيث سجلت نقاطا قليلة في المعايير التي تحدد نسبة الأمن والسلام في البلد، والتي يعتمدها المعهد. وبحسب المؤشر فقد سجلت 1.148 نقطة، وهي الأقل عالميا، والسبب يعود إلى الإنفاق المنخفض على التسلح، والمستوى العالي من السلامة والاستقرار.
وتبين الصحيفة أن حصول بلد على علامات منخفضة يعني أن البلد يتمتع بدرجة كبيرة من السلام والاستقرار. فيما يعني حصول بلد على علامات مرتفعة أن البلد يواجه مشكلات في الاستقرار، ويعاني من العنف.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن آيسلندا تعد واحدة من الدول التي لا يوجد لديها جيش رسمي، رغم أنها عضو في حلف الناتو، ولا يحتوي جيشها إلا على قوة خفر السواحل، وهي شبه جيش يتكون من سفن ومقاتلات تحرس شواطئ البلد وأجواء البلد. ولا تتجاوز نسبة الإنفاق العسكري 0.3% من الدخل القومي العام، وهي ثاني أقل نسبة في العالم. ومقارنة معها تنفق بريطانيا بنسبة 2.49% من ميزانيتها العامة، والولايات المتحدة بنسبة 4.35%، بحسب أرقام وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه".
وتوضح الصحيفة أن المعدلات المنخفضة من المشكلات السياسية والجريمة وانتشار السلاح وتصديره، والمشكلات مع الجيران، أسهمت في حصول البلد على المرتبة الاولى، كونها أفضل دولة في العالم من ناحية الأمن والسلام.
وينوه التقرير إلى أن الدول الواقعة في بحر الشمال، والدول الواقعة في مناطق جبال الألب، مثل النمسا وسويسرا، سجلت علامات جيدة في مؤشر السلام، وحلت في المراتب العشر الأولى من القائمة. وجاءت الدانمارك في المربتة الثانية بعد آيسلندا، فيما حلت فنلندا في المرتبة السادسة.
وتورد الصحيفة أن السويد والنرويج جاءتا في المرتبة 13 و 17 على التوالي، واعتبرتا أقل أمنا؛ نظرا لمعدلات الجريمة المرتفعة قليلا، ونظرا لمستوى تصدير السلاح المرتفع، وعلى الرغم من حيادية السويد، وسمعتها من ناحية الأمن، إلا أنها تعد المصدر رقم 12 عالميا للسلاح.
ويكشف التقرير عن أن بريطانيا قد حلت في المرتبة 39 من ناحية الدول التي تتمتع بالسلام والأمن؛ وذلك بسبب النظرة للجريمة وارتفاع خطر الإرهاب، ونظرا لأن بريطانيا دولة نووية، فهذا عامل أثر على وضعها.
وتظهر الصحيفة أن معظم دول الشرق الأوسط وأفريقيا حلت في أسفل القائمة، وجاءت في المراتب العشر الأخيرة منها. فقد جاءت أفغانستان في المراتب الأخيرة ومنذ وقت؛ بسبب الحرب على الإرهاب. وكذلك دول وسط أفريقيا، التي تعاني من حروب أهلية، خاصة السودان وجنوب السودان، بعد انفصال الأخير عام 2011 بعد استفتاء عام، حيث جاء هذا البلد الجديد في أسفل القائمة. بالإضافة إلى جمهورية أفريقيا الوسطى والصومال وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وجاءت دولة كوريا الشمالية الديكتاتورية في القائمة ذاتها بسبب الإرهاب السياسي، وحالة العسكرة التي تمارسها الحكومة على شعبها.
ويوضح التقرير أن الأرقام التي سجلها المؤشر في طبعاته التسع الأولى لم تتغير، لكن تغيرا واضحا حصل في وضع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تشهد هذه الدول حروبا طائفية وأهلية.
ولاحظت الصحيفة تغيرا في وضع الأمن والسلام في 76 دولة في أوروبا ودول الصحراء الأفريقية وشمال أمريكا وأمريكا الوسطى والكاريبي.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن المعهد وجد أن ثمن العنف على مستوى العالم، يؤثر على الدخل السنوي العام، من ناحية التسلح والعنف بقيمة 14.3 تريليون دولار، أو ما نسبته 13.4% من الدخل السنوي العام للعالم.