سياسة عربية

مليشيات شيعية حولت مساجد سنية في بغداد لمكبات نفايات

حولت المليشيات جامع الجنابي لمكب نفايات - عربي21
باءت بالفشل جميع محاولات الشيخ قاسم الجبوري من أجل إعادة تنظيف مسجده في غرب بغداد، بعد أن حولته المليشيات الشيعية إلى مكب للقمامة، ودعت جميع مواطني المنطقة إلى رمي نفاياتهم فيه، وهي حالة تكررت مع ثلاثة مساجد أخرى، فيما أكد مصدر من ديوان الوقف السني عجزهم عن التدخل في هذا الموضوع المرتبط بمرجعيات هذه المليشيات التي تمثل الأحزاب الحاكمة في العراق.
 
وبالرغم من صمود الشيخ الجبوري في مسجد خضير الجنابي في منطقة البياع لمدة ثلاث سنوات، عقب الاحتلال الأمريكي، إلا أن عام 2006 كان فاصلا، حيث تعرض المسجد لقصف بصاروخ، وتمت مهاجمته لاحقا وإحراق أجزاء واسعة منه، فضلا عن تهديم سياجه الخارجي. وقد قتل ابن شقيق الشيخ الجبوري الذي اضطر على أثر هذه الهجمات إلى ترك المنطقة.
 
ويؤكد الجبوري في تصريح خاص لـ"عربي21" أن المليشيات الشيعية، بعد أن قصفت وأحرقت المسجد، أقدمت على خطوة لم يفعلها أحد من قبل، وهي تحويله إلى مكب للقمامة، وطلبت من أهالي المنطقة أن يقوموا برمي نفاياتهم وتجميعها فيه تمهيدا لحضور سيارة القمامة، التي أصبح سائقها يرفع حمولة النفايات من مكان واحد بدلا من التجوال على المنازل.
 
ويشير الشيخ الجبوري، الذي عمل خطيبا وإماما في مسجد الجنابي لأكثر من 11 سنة، إلى أن "جميع ساكني منطقة البياع يعرفون مسجده الذي كان مركزا لتوزيع المساعدات الغذائية والمواد الإغاثية في فترة الحصار الاقتصادي الذي كان مفروضا على العراق،  بينما كان الأهالي يتزودون بالتيار الكهربائي من المولدة الخاصة بالمسجد في الأيام الأولى للاحتلال الأمريكي لبغداد عام 2003".

ويضيف أن مطالعته للتاريخ والسير لم تمكنه من "العثور على حالة واحدة مشابهة لما جرى من تحويل بيت الله إلى مكان لتجميع القاذورات"، مشددا على أنها حالة ينفرد بها العراق، ولم تحصل في مكان آخر في العالم.
 
ولا تعد حالة مسجد الجنابي فريدة من نوعها في العاصمة العراقية، التي توجد فيها، وبحسب الشيخ علاء فاضل البطاوي، هناك ثلاث مساجد مشابهة، وهي الكوثر في منطقة البياع الثالثة، والمشاهدة في منطقة الحرية الثانية، والعشرة المبشرة في حي العامل، وجميعها تقع غرب بغداد، وتستخدم حاليا كساحات لتجميع النفايات التي تقوم سيارات الخدمات البلدية لاحقا بنقلها إلى المكب المركزي في العاصمة.
 
ويبين الشيخ البطاوي في تصريح لـ"عربي21" أن جميع عمليات الحرق والهدم والاستيلاء على المساجد السنية في بغداد قامت بها مليشيا جيش المهدي التابعة لمقتدى الصدر، مشيرا إلى أن زعماء معممين في قيادة المليشيا أشرفوا على تحويل مسجد المشاهدة في حي الحرية، وكان خطيبا له، إلى مكب للقمامة، حيث علقوا لافتة تعد سكان المنطقة بالأجر والثواب إذا قاموا برمي نفاياتهم في مساجد أهل السنة والتي يسمونها مساجد النواصب والضرار".

ويلفت الشيخ البطاوي، الذي يستقر حاليا في إقلم كردستان العراق، إلى أن جميع المشايخ السنة الذين تعاقبوا على زعامة مؤسسة الوقف السني لم يتمكنوا من إعادة مسجد واحد استولت عليه المليشيات الشيعية، أو حولته إلى مكب للقمامة، متهما إياهم، والسياسيين السنة، بالعجز التام عن إعاة الكرامة لبيوت الله التي استباحتها المليشيات الشيعية، حسب قوله.
 
من جهته يؤكد مصدر عامل في رئاسة ديوان الوقف السني؛ قيامهم بتوجيه عشرات المخاطبات الرسمية إلى رئاسات الوزراء والجمهورية والنواب، بالإضافة إلى المرجعيات الشيعية في النجف، جنوب العراق، من أجل العمل على إعادة المساجد السنية، لافتا الى أن أغلب الإجابات التي يتلقونها غير جدية، وتنتمي إلى فئة المجاملات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، بحسب تعبيره.

ويتابع المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه لعدم تخويله بالحديث لوسائل الإعلام: "كوادر ديوان الوقف السني لا تستطيع التحرك من أجل رفع القمامة وتنظيف المساجد المغتصبة، كونها تقع في مناطق مسيطر عليها بشكل تام من قبل المليشيات الشيعية المسلحة، فهم فقدوا  في وقت سابق عددا من موظفيهم الذين كلفوا بواجبات الكشف على المساجد وتسجيل الأضرار التي لحقت بها".

وشدد المصدر، في تصريح لـ"عربي21"، على أن موضوع إعادة المساجد السنية يتطلب وجود قيادة حازمة في اتخاذ القرار من قبل أعلى سلطة، وهي مجلس الوزراء؛ لأن الخصم في القضية هم زعماء المليشيات الشيعية. غير أنه استعبد حصول هذا الأمر، خصوصا أن أغلب هذه المليشيات تحولت إلى مؤسسات رسمية بقرار من رئيس الوزراء حيدر العبادي.

وكشف المصدر عن وضع إحصائية محدثة تضمنت أسماء وعناوين أكثر من 50 مسجدا تم الاستيلاء عليها بالقوة، وتحويلها إلى حسينيات شيعية، بالرغم من كونها مثبتة بوثائق رسمية  في ديوان الوقف السني.