مع بداية الانتخابات البرلمانية التركية اليوم الأحد، تتجه الأنظار نحو تصويت المجتمع الكردي، الذي سيشكل فارقا على نتيجة الانتخابات. ففي حال فوز حزب "ديمقراطية الشعوب" الذي يتألف بغالبيته من العرقية الكردية، فإنه سيقلص من مقاعد حزب العدالة والتنمية، وسيقوي صف معارضي الرئيس رجب طيب أردوغان. أما إذا لم يستطع الحزب الكردي تجاوز العتبة، فإن عدد مقاعد الحزب الحاكم سيرتفع، ما يسهل الطريق على إجراء تعديلات على الدستور.
وقال تقرير لمعهد واشنطن، إن حزب "ديمقراطية الشعوب" يبقى محور القصة في الانتخابات، بعد أن أعاد إطلاق نفسه في اتجاه أكثر شعبية. وعادة ما كان يحصل الحزب على نسبة تتراوح ما بين خمسة وستة في المائة من الأصوات، كحزب مؤيد للأكراد بصورة محدودة. ولكنه بذل جهدا في الآونة الأخيرة لبناء دائرة انتخابية ليبرالية أوسع. وفي هذه الانتخابات، تَواصَل حزب "ديمقراطية الشعوب" مع الأقليات العرقية والسياسية في تركيا، بمن فيهم الأرمن، كما أنّ نصف المرشحين على قوائم حزب "ديمقراطية الشعوب" هم من النساء.
وقال مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن، سونر چاغاپتاي، إن استطلاعات الرأي تشير إلى أنّ نسبة التأييد لحزب "ديمقراطية الشعوب" تحوم حول 10 في المائة من الأصوات على الصعيد الوطني. ويمكن أن يفوز الحزب بما بين 50 و60 مقعدا، ما سيحرم حزب "العدالة والتنمية" من الأغلبية الساحقة.
الأكراد وأردوغان
وأوضح التقرير أنه لطالما ركّز القوميون الأكراد على تحقيق قدر أكبر من الحكم الذاتي، وقاموا بالتفاوض مع السيد أردوغان لتحقيق هذه الغاية. "وفي عام 2012، بدأ السيد أردوغان بمحادثات سلام مع عبد الله أوجلان، الزعيم المسجون لحزب العمال الكردستاني المسلح المصنف من قبل الولايات المتحدة منظمة إرهابية. وقد اجتذبت هذه العملية دعما من أوساط المؤيدين الأكراد لحزب العمال الكردستاني".
وأشار إلى أنّ "التطورات الأخيرة زعزعت ثقة الأكراد في السيد أردوغان. وعندما هاجم تنظيم الدولة الإسلامية مدينة كوباني [عين العرب] - الجيب الكردي السوري الذي يسيطر عليه حزب الاتحاد الديمقراطي حليف حزب العمال الكردستاني - في عام 2014، تأخرت أنقرة في مساعدة حزب الاتحاد الديمقراطي على أمل الاستفادة من القضية في محادثات السلام مع حزب العمال الكردستاني".
وبين المعهد أنه "لا يزال بإمكان السيد
أردوغان أن يحاول تجنيد الدعم الكردي للتغيير الدستوري الذي يهدف إليه من خلال السعي إلى التوصل إلى اتفاق مع أوجلان بدلاً من حزب ديمقراطية الشعوب. وقد يحاول أوجلان استخدام نفوذه الكبير في المجتمع الكردي في محاولة لتحويل أصوات حزب ديمقراطية الشعوب البرلمانية لصالح دعم حيلة السيد أردوغان، مقابل حرية أوجلان وشكل من أشكال الحكم الذاتي الكردي".
"ولكنّ ذلك لن يكون مضمونا من أيّ من الطرفيْن. فقد يكون تأثير أوجلان داخل حزب ديمقراطية الشعوب قد تقلّص بفعل الجماعة المؤيدة للديمقراطية في الحزب، والتي سيتم تعزيزها في حال دخول حزب ديمقراطية الشعوب إلى البرلمان. ولن تشعر هذه الكوادر الليبرالية بأنها ملتزمة [بإرشادات] أوجلان إذا ما روّج للسيد أردوغان كرئيس، بل إنهم سيستندون على معرفة تاريخ أردوغان من ناحية تراجعه عن الاتفاقات السياسية بمجرد أن يصبح نظراؤه غير ضروريين"، بحسب التقرير.
نتائج فشل "ديموقراطية الشعوب"
وأوضح تقرير معهد واشنطن أنه "على الرغم من صعوبة تأمين الدعم الكردي للسيد أردوغان، فقد يكون البديل لتمثيل حزب ديمقراطية الشعوب في البرلمان على نحو أسوأ. وإذا فشل حزب ديمقراطية الشعوب في عبور العتبة البرلمانية، فستذهب مقاعده إلى حزب
العدالة والتنمية، ما يؤمّن بالتأكيد حصوله على 330 مقعدا كما يأمل. ويعود السبب في ذلك إلى أنّ
الأكراد في جنوب شرق
تركيا يميلون إلى توزيع أصواتهم بين حزب العدالة والتنمية وحزب ديمقراطية الشعوب.
وأكد أنه إذا فشل حزب ديمقراطية الشعوب في تخطي عتبة الـ 10 في المائة، فسيكتسح "حزب أردوغان" المقاعد البرلمانية، من بينها تلك التي كان سيحصل عليها حزب ديمقراطية الشعوب في نحو عشرة أقاليم.
ويرى المعهد أنه قد تؤدي هذه النتيجة "إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي. فسيقوم العلمانيون - الغاضبون من توطيد السلطة من قبل زعيم مستبد محافظ ومتشدد - بالاحتجاج الدائم على رئاسة أردوغان التنفيذية الشكل. أما الأكراد المُحبطون بسبب غياب التمثيل، فسيعلنون على الأرجح قيام برلمان كردي في ديار بكر، العاصمة الكردية غير الرسمية لتركيا".
وقال إنه سيكون مصير تركيا الديمقراطية متشابكا مع القضية القومية الكردية. ولا يستطيع العلمانيون الليبراليون الأتراك والأكراد أن ينجحوا إلا إذا عملوا سوية، وعلى هؤلاء العلمانيين الأتراك أن يعدوا الأكراد بالحصول على نوع من الحكم الذاتي ومنحهم حقوقا ثقافية أوسع نطاقا.
ويختم التقرير بأنه، سواء فاز حزب العدالة والتنمية بـ 330 مقعدا أم لا، في انتخابات 7 حزيران/ يونيو 2015، فإن الصراع المتكشّف يوما بعد يوم بين الليبراليين العلمانيين، والأكراد، والسيد أردوغان هو الذي سيحدّد مستقبل تركيا في النهاية.