القضاء على "
تنظيم الدولة في العراق والشام" لن يتأتى عن طريق الدول الغربية، هذا ما أكدته "لوموند"، الجريدة الفرنسية الواسعة الانتشار في افتتاحيتها الأربعاء، والتي رصدت من خلالها ما اعتبرته "تناقضات" يرزح تحتها
التحالف الدولي للحرب على التنظيم.
وحسب الصحيفة، تغيب عن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة رؤية إستراتيجية موحدة بين كافة أعضائه "مختلفي المشارب"، ما يضمن "أياما جميلة للجهاديين" في ليبيا والعراق وسوريا.
إلى جانب ذلك ، أوردت "لوموند" أن التحالف، المكون من 22 دولة تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية، يعرف جرعة كبيرة من "عدم الواقعية والنفاق" على الرغم من كون الهدف وراء تخالفهم هو محاربة التنظيم.
علاوة على ذلك، أشار نفس المصدر إلى كون الضربات العسكرية، والتي فاقت 4 آلاف طلعة جوية منذ 10 أشهر، تبقى قاصرة عن البلوغ إلى أهدافها التي ترمي إلى إضعاف التنظيم، في ظل رفض النظام العراقي، الذي تسيطر عليه الأغلبية الشيعية، اقتسام السلطة مع الأقلية السنية، ما يعني أن الحرب سياسية أكثر منها عسكرية.
هذا الصراع على السلطة بين الطائفتين، والذي تسبب حسب "لوموند" في ظهور تنظيم الدولة، راجع إلى انهيار الدولة العراقية، انهيار وصفه المصدر ذاته بـ"الهدية" التي قدمها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الذي قاد الحرب على العراق سنة 2003.
تنظيم الدولة يستغل هذه المعطيات، حسب ما تؤكد "لوموند"، بحيث يقدم نفسه كمدافع عن السنة، الذين كانوا في الحكم قبل الشيعة، مستفيدا في هذا الصدد من دعم رجالات نظام صدام حسين والموالين لهم، في وقت تدعم فيه
إيران الشيعة ما ينتهجونه من تهميش في حق الأقلية السنية، حيثيات جعلت الصحيفة تؤكد أن على تنظيم الدولة أن يساوي "الجهاد" زائد "حزب البعث".
وفي هذا الاتجاه، رصدت "لوموند" ما اعتبرته أهم التناقضات التي يواجهها التحالف الدولي، والمتمثلة حسبها في كون المملكة العربية
السعودية، مساهمة في تزويد التنظيم بالمقاتلين، وهو ما شرحته الجريدة بكون "المجاهدين" توجهوا إلى القتال بعد ما تلقنوا "السلفية" والفهم المتطرف للإسلام، الذي كانت المملكة تنشره عبر ربوع العالم منذ سنوات خلت.
التناقض المهم الآخر الذي رصدته الصحيفة هذه المرة في الميدان، ويتمثل في رفض
دول الخليج لأي دور كبير لإيران في هذه القضية، على الرغم من كون المليشيات الشيعية المدعومة من طرفها تشكل إلى جانب المجموعات الكردية المقاتلة أهم المساهمين في وقف تقدم "تنظيم الدولة" في بعض المناطق، وعلى الرغم من ذلك لم تشارك إيران في اجتماع دول التحالف الذي انعقد في باريس، الثلاثاء، في باريس.
وفسرت الصحيفة عدم حضور إيران في الاجتماع على الرغم من أهمية دورها على صعيد ساحات المعارك، بكون المملكة العربية السعودية والدول الخليجية تضع الحد من توسع النفوذ الإيراني في المنطقة أولوية بالنسبة إليها، ما يعني على هذا الأساس أن مواجهة تنظيم الدولة "ثانوي" بالنسبة لهم، هذا في وقت تتزعم فيه جبهة النصرة المقربة من تنظيم القاعدة، الحرب ضد تنظيم الدولة، في الأراضي السورية عوض نظام بشار الأسد.
وانطلاقا من هذه المعطيات، أوضحت "لوموند" أن الأمر الوحيد الذي يتضح جليا في هذه الحرب هو أن وسائل تدخل الدول الغربية في هذه الحرب تبقى محدودة، بالنظر إلى "عدم شعبيتها" لدى شعوب منطقة الشرق الأوسط، هذا إلى جانب كون حضورها العسكري دون حلفاء من دول المنطقة سيساهم في تعزيز صفوف الجهاديين.
وخلصت الجريدة إلى أن حربا ناجعة على تنظيم الدولة لن تتقرر من باريس أو من واشنطن، بقدر ما أنها ستكون قرارا ناتجا عن قطبين يتواجهان في الشرق الأوسط هما المملكة العربية السعودية وإيران، ما يستوجب حسب المصدر ذاته جعل الجهود الدبلوماسية تتركز في جعل الطرفين يدخلان في حوار سياسي واستراتيجي.
وفي انتظار تحقق ذلك، شددت الجريدة على ضرورة التأقلم مع إيقاع "حرب استنزاف" طويلة مع "الجهاديين".