القوى
المعارضة لحزب
العدالة والتنمية عموما ولرئيس الجمهورية التركية رجب طيب
أردوغان على وجه الخصوص، تعلق آمالها في الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في السابع من الشهر القادم، على حزب الشعوب الديمقراطي برئاسة
صلاح الدين دميرتاش، وترى أنه فرصتها الأخيرة للحيلولة دون حصول حزب العدالة والتنمية على عدد كاف من مقاعد البرلمان يمكنه من تغيير الدستور، وتحقيق أردوغان حلمه بالانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي.
رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كلتشدار أوغلو تولى رئاسة الحزب في أيار / مايو 2010 بعد استقالة سلفه دنيز بايكان إثر نشر شريط فيديو يكشف عن فضيحة جنسية تورط فيها هذا الأخير، وخاض حزب الشعب الجمهوري الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 12 حزيران / يونيو 2011 برئاسة كلتشدار أوغلو، وكانت وسائل الإعلام المعارضة لحزب العدالة والتنمية تقوم آنذاك بتلميع هذا الزعيم الجديد وتصفه بـ"غاندي" إلا أن كل حملات التسويق والترويج تلك باءت بالفشل، وحصل حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات فقط على حوالي 26 بالمائة مع أنه قد خاض الانتخابات بهدف الحصول على 40 بالمائة من أصوات الناخبين، وسرعان ما اتضح أن هذا الزعيم الجديد مجرد "بالون" نفخت فيه القوى المعارضة من خلال وسائل الإعلام التي تملكها.
وفي الانتخابات الرئاسية التي أجريت في العاشر من شهر آب / أغسطس 2014 كان نجم القوى المعارضة هو الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو، وكان نجل "إحسان أفندي" الذي هرب إلى مصر من بطش أتاتورك قد أصبح أمل حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك، وقامت وسائل الإعلام المعارضة بحملة تلميع وترويج واسعة لدعم مرشح حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية، ولكن جميع الآمال تبخرت مع إعلان نتائج الانتخابات، وفاز أردوغان في الجولة الأولى وانتهت نجومية إحسان أوغلو.
اليوم، بينما تستعد
تركيا لإجراء انتخابات برلمانية هامة للغاية بعد أقل من أسبوعين، تسعى القوى المعارضة نفسها لتلميع نجم جديد، وهذا النجم الجديد الذي تتسابق وسائل الإعلام المعارضة في ترويجه هو الزعيم الشاب الكردي صلاح الدين دميرتاش، رئيس حزب الشعوب الديمقراطي، وبمعنى آخر أن دميرتاش هو "غاندي هذه الانتخابات".
القوى المعارضة لأردوغان بحاجة ماسة إلى تجاوز حزب الشعوب الديمقراطي حاجز 10 بالمائة في الانتخابات حتى لا يحصل حزب العدالة والتنمية على عدد من المقاعد يكفيه لتغيير الدستور، ولذلك تصطف جميعها اليوم إلى جانب حزب الشعوب الديمقراطي، وتستنفر وسائلها الإعلامية للنفخ في "بالون دميرتاش" لتجعله زعيما مقبولا لدى الناخبين الأتراك المنزعجين من سياسات الحكومة التركية، على الرغم من أن تلك القوى كانت بالأمس تتهم حزب العدالة والتنمية بالتفاهم مع حزب العمال الكردستاني الذي يعتبر حزب الشعوب الديمقراطي جناحه السياسي.
جماعة كولن، كانت تتهم الحكومة التركية حتى الأمس القريب بأنها تقوم بمفاوضات سرية مع حزب العمال الكردستاني وكانت التهمة الموجهة إلى رئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان حين أراد القضاة المنتمين للجماعة اعتقاله هي "إجراء محادثات مع قادة حزب العمال الكردستاني"، كما أن خلايا الكيان الموازي التابع للجماعة سبق أن قامت باعتقال عشرات من القادة الأكراد بطريقة مذلة، وزجهم بالسجون لعرقلة جهود المصالحة وعملية السلام الداخلي. ولكن الجماعة نفسها تدعو اليوم وبشكل صريح للتصويت في الانتخابات البرلمانية لصالح حزب الشعوب الديمقراطي.
المشكلة الكردية في تركيا تقف وراءها بالدرجة الأولى السياسات الخاطئة التي مارستها الجمهورية المبنية على الأسس القومية، وتجاهل الكماليين وجود الأكراد وهويتهم، وما زالت صحيفة "حرريت" التركية التي تمثل تلك العقلية تصدر بشعار "تركيا للأتراك فقط"، إلا أنها تدعم في الوقت نفسه حزب الشعوب الديمقراطي وتسعى لتلميع زعيمه صلاح الدين دميرتاش.
دميرتاش يبدو سعيدا جدا بلعب دور "غاندي" في هذه الانتخابات والاهتمام البالغ الذي توليه له القوى المعارضة، ولكن استمرار نجوميته مرهون بنجاح حزب الشعوب الديمقراطي في تجاوز حاجز 10 بالمائة في السابع من الشهر القادم، ومدى التزامه بمطالب تلك القوى المعارضة في مواجهة حزب العدالة والتنمية ورئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان.