مع انطلاقة قمة كمب ديفيد التي تجمع الرئيس الأمريكي باراك
أوباما وقادة الدول الخليجية، سيكون ملف مرحلة ما بعد بشار
الأسد على
الطاولة أسوة بملف مرحلة ما بعد توقيع الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني المتوقع في نهاية شهر حزيران المقبل.
فبمقدار ما يشكل التوقيع على الاتفاق محورا مركزيا في سياسة الإدارة الأمريكية، باتت مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة محورا مركزيا للتحالف العربي الذي أطلق شرارة المواجهة الحامية في اليمن عبر عملية "عاصفة الحزم"، بالتزامن مع رفع وتيرة التنسيق مع تركيا لتغيير المعادلة على الأرض في سوريا.
من هنا سيحمل القادة الخليجيون، وبالتحديد الوفد السعودي المؤلف من ولي العهد محمد بن نايف، وولي ولي العهد محمد بن سلمان، ملف مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة العربية، ولا سيما بعدما لاقاهم الرئيس الأمريكي في منتصف الطريق بتصريحه الأخير الذي يعرب فيه عن قلق واشنطن من سياسات طهران في المنطقة، فضلا عن اتهامها بأنها دولة راعية للإرهاب. وهذا معناه أن قمة كمب ديفيد سيتألف جدول أعمالها من شقين: الأول المتعلق بالاتفاق المزمع توقيعه بين ايران والمجتمع الدولي في نهاية حزيران حول البرنامج النووي وتداعياته على أمن المنطقة، وطبيعة التحالف القائم بين واشنطن ودول مجلس التعاون الخليجي.
والثاني المتعلق بالسياسة الإيرانية العدوانية في المشرق العربي. سيكون الوضع في سوريا في قلب المحادثات، في ضوء إصرار خليجي على إخراج ايران من سوريا التي تعدّ قلب المشرق العربي، لا سيما أن نظام بشار الأسد لا يقبل إعادة التأهيل في أي شكل.
ويرى التحالف العربي أن جولة المشاورات التي يجريها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في جنيف مع وفود من النظام والمعارضة، بالتزامن مع تغييرات كبيرة حدثت وستحدث على الأرض، من شأنها أن تعجّل في الحل المنشود القائم على العودة اقله إلى صيغة "جنيف - 1" التي تنص صراحة على مرحلة انتقالية دون بشار الأسد الذي تتحول جميع صلاحياته إلى حكومة انتقالية. بمعنى آخر انتهاء مرحلة الأسد وكبار معاونيه المتورّطين في الدم.
لقد تمكنت السعودية بالتفاهم مع تركيا وقطر عبر رفع دعمهم للثوار من إحداث تغيير أولي في المشهد السوري في الجنوب والشمال، بحيث حشر النظام وداعموه في موقف الدفاع.
وما معركة القلمون التي أطلقها "حزب الله" سوى محاولة مستميتة لقطع كل إمكان للتواصل بين جبهة الجنوب ومحيط دمشق، خصوصا أن الجنوب من القنيطرة إلى درعا وصولا إلى ريف دمشق مقبل خلال فترة وجيزة على اندفاعة جديدة للثوار تسقط مدينة درعا نهائيا، وتكمل تطويق العاصمة دمشق، قاطعة طريق بيروت - دمشق التي تمثل الشريان الحيوي الأساسي للنظام و"حزب الله" في لبنان.
لقد انتهت مرحلة الرضوخ العربي لكل الخيارات التي فرضتها إدارة أوباما، بعد تيقّن الجميع أن عدم الدفع في اتجاه الحسم في سوريا معناه ترسخ أقدام إيران فيها وتهديد الأردن ومعها دول مجلس التعاون من الشمال.
ومن هنا فإن ملف ما بعد الأسد مطروح بقوة على قاعدة اخرج ايران من "قلب العروبة النابض"!
(نقلا عن صحيفة النهار اللبنانية)