تلقى المسلمون في بريطانيا ضربة جديدة بخسارة حزب العمال في الانتخابات لصالح فوز ساحق لحزب المحافظين اليميني الذي لطالما تعهد بفرض مزيد من القيود، بما فيها أعمال المراقبة، على المسلمين في إطار ما يسمى "مكافحة الارهاب"، في الوقت الذي يتوقع فيه أن يتمكن المحافظون خلال السنوات الخمس المقبلة من تنفيذ أجندتهم بأريحية أكبر نتيجة هيمنتهم الكاملة على الحكومة، وتربعهم على أغلبية مقاعد البرلمان، بما يعني أنهم ليسوا بحاجة للتحالف مع أي حزب آخر من أجل تمرير قوانينهم وقراراتهم.
ويوجد في بريطانيا نحو 2.6 مليون مسلم بحسب آخر الاحصاءات الرسمية التي نشرت قبل سنوات، وهو الرقم الذي يسود الاعتقاد بأنه سجل ارتفاعا كبيرا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، فيما يشكل المسلمون نحو 11% من سكان مدينة لندن، كما أنهم يمتلكون ويديرون عشرات المؤسسات والجمعيات الدعوية والخيرية في البلاد.
وصوتت أغلبية الجالية المسلمة لحزب العمال الذي مني بأسوأ خسارة انتخابية منذ أكثر من ربع قرن، إلا أن الأحزاب الأخرى نجحت هذه المرة في استقطاب الكثير من أصوات المسلمين عبر مرشحين من أبناء الجالية، حيث فاز أربعة نواب مسلمين عن حزب المحافظين اليميني، في محاولة واضحة من الحزب لاستمالة المسلمين إلى جانبه.
وفاز في الانتخابات العامة التي شهدتها بريطانيا الخميس 13 نائبا مسلما، من بينهم أربعة نواب عن حزب المحافظين، إضافة إلى نائب واحد مسلم عن الحزب الوطني الأسكتلندي، بينما ينتمي الثمانية الباقون إلى حزب العمال الذي يمثل الحضن التقليدي للجالية المسلمة بسبب ابتعاده عن التيار اليميني في المملكة المتحدة.
وتوقع مدير مركز "مايفير" الإسلامي في لندن الدكتور حافظ الكرمي، أن "تكون الفترة المقبلة صعبة على المسلمين في بريطانيا"، مشيرا في تصريحات خاصة لـ"عربي21" إلى أن "التجربة الماضية للمحافظين في الحكم، والبرنامج الذي أعلنوه في حملتهم الانتخابية على الملأ، تؤكدان أننا كمسلمين أمام خمس سنوات صعبة".
ولفت الكرمي إلى أن المحافظين نفذوا أجندتهم التي أزعجت المسلمين خلال السنوات الخمس الماضية رغم أنهم كانوا متحالفين مع حزب الديمقراطيين الأحرار المحسوب على التيار الليبرالي، وهم حلفاء كان من المفترض أنهم ضبطوا من اندفاع حكومة المحافظين، فكيف بالأمر بعد انفراد المحافظين بالحكم.
وأضاف الكرمي لــ"عربي21": "المسلمون قلقون جداً من مجموعة قوانين وإجراءات تستهدفهم بشكل واضح وصريح، وهم ينظرون إلى حزمة القوانين التي وعد بها المحافظون، خاصة قوانين الإرهاب، على أنها يمكن أن تحد من حرية المسلمين في هذا البلد".
ويتفق الصحافي والباحث الفلسطيني المقيم في لندن سامح حبيب مع الدكتور الكرمي في أن المسلمين أمام "خمس سنوات عجاف"، مشيرا في حديث خاص لـ"عربي21" إلى أن "أغلب الذين فازوا عن حزب المحافظين في انتخابات الخميس الماضي محسوبون على تيار المحافظين الجدد، ومن أبرزهم وزير التربية والتعليم في الحكومة السابقة مايكل غوف".
ويقول حبيب إن "المحافظين يميلون الى الأرستقراطيين الإنجليز، بينما يعتبر حزب العمال أكثر انفتاحاً على الأقليات والمهاجرين"، مضيفا أن "الفوز الساحق للمحافظين، إضافة إلى أكثر من أربعة ملايين صوت ذهبت لحزب الاستقلال البريطاني (UKIP) يكشف اتجاه الرأي العام في بريطانيا، وهو أمر مقلق جدا للمسلمين".
ويرى حبيب أن الموقف من القضية الفلسطينية سوف يتأثر بعد الفوز الساحق للمحافظين، متفقا مع الدكتور الكرمي بأن "المحافظين سوف يمضون قدما في سن مجموعة من القوانين المقيدة للحريات في البلاد، وهو ما سيعني أن عمليات التظاهر ضد إسرائيل وأشكال التضامن المختلفة مع الفلسطينيين سوف يتم الحد منها خلال الفترة المقبلة".
يشار إلى أن الانتخابات انتهت بفوز ساحق للمحافظين وللحزب الوطني الأسكتلندي، بينما مني حزب العمال بخسارة كبيرة، لكن كلاً من حزب الديمقراطيين الأحرار وحزب الاستقلال البريطاني منيا بخسارة أكبر تشبه الانهيار، وتسببت هذه النتائج بالإطاحة بزعماء الأحزاب الثلاثة الخاسرة من مناصبهم.
الإعلام الداعم لإسرائيل تسبب بخسارة "العمال" في بريطانيا
خسارة مصر من صفقات الغاز مع BP تقدر بـ 32 مليار دولار