تساءلت مجلة "إيكونوميست" عن السبب الذي يدفع الشبان والشابات المسلمات من "وسط غرب" الولايات المتحدة، الذين جاءوا من أصول صومالية، إلى الانضمام لتنظيم الدولة في العراق وسوريا.
وتقول المجلة إنه "في الثالث من أيار/ مايو قام مسلمان مسلحان ببندقيتين بالهجوم على مركز في تكساس، كان يعرض رسوما مسيئة للنبي محمد. وقتل الرجلان قبل قيامهما باستهداف أي أحد. ولحسن الحظ فقد كانا إرهابيين غير مؤهلين، ولا يوجد دليل على علاقتهما بالجهاد العالمي، لكن ربما كان مصدر إلهام الرجلين من الحركة الجهادية العالمية".
وتضيف المجلة أن "أحدهما كان إلتون سيمبسون، الذي حقق معه مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في عام 2010، وبعد ذلك وجهت له تهمة الكذب على المكتب، فقد نفى تخطيطه للسفر إلى
الصومال والتحول إلى جهادي، وفي الحقيقة فقد فعل".
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إلى أنه بالنسبة لمفوض (شريف) مقاطعة هينبين في مينوسيتا ريتشارد ستانيك، الذي تشمل صلاحياته مينيابوليس، فإن القصة واحدة ومعروفة، فهو يحاول لمدة ثماني سنوات البحث عن "الحيلة السحرية" لوقف الشبان عن الانضمام للمتطرفين الإسلاميين، خاصة في الصومال، وقد طلب منه الكونغرس الظهور على أنه شاهد خبير من أجل أن يشاركه رؤيته مع مسؤولين من 38 دولة.
وتبين المجلة أنه "منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي وصل إلى الولايات المتحدة أكثر من عشرة آلاف لاجئ صومالي، واستقر معظمهم في مينيابوليس ومنطقة سانت بول، التي تضم حوالي 75 ألف مهاجر معظهم من الصومال، ويطلق على حي سيدار ريفرسايد في المدينتين التوأم "مقديشو الصغيرة". فبعد وصول الصوماليين قاموا بالتجمع معا وانغلقوا على أنفسهم، فقد كانت نية الكثيرين منهم العودة إلى بلادهم في الوقت الذي تنتهي فيه الحرب الأهلية؛ ولهذا لم تبذل النساء الصوماليات جهدا لتعلم اللغة الإنجليزية".
ويذكر التقرير أنه "منذ أن عُين ستانيك شريفا للمنطقة عام 2007 اختفى عدد من الشبان الصوماليين الأمريكيين من مينوسيتا من أجل الانضمام لحركة الشباب، وهي حركة من المقاتلين الإسلاميين في الصومال مرتبطة بتنظيم القاعدة. ويقول الشريف: (لكن الحركة ضربت الوطن عام 2009، عندما فجر شيروا أحمد نفسه خارج مقديشو)، فقد كان أحمد أول انتحاري أمريكي، وقد تخرج من ثانوية مينيابوليس العليا".
وتجد المجلة أن "المخاطر زادت خلال العامين الماضيين، حيث حاول شبان صوماليون وأحيانا شابات الانضمام إلى
تنظيم الدولة، وليس
حركة الشباب الإسلامي، ومع ذلك يشعر ستانيك بالثقة، فقد تحسنت علاقته بالمجتمع الصومالي. وعقد صداقات مع أحد الأئمة المحليين، وعين حسن حسين ليكون نائبا لشريف مينوسيتا، وأنشأ فريقا من ستة أعضاء (لبناء الثقة بين المجتمعات)، وثقافات مقاطعة هينبين المتعددة".
ويذكر التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن الفريق ضم محمد عبدي، وهو مهاجر صومالي جاء إلى الولايات المتحدة في التسعينيات من القرن الماضي، وكان عمله التنسيق مع الصوماليين. وأصبحت مينيابوليس منطقة من ثلاث مدن لمواجهة العنف والتطرف، وهي مبادرة بدأتها إدارة أوباما تحاول الشرطة بموجبها التواصل مع الجماعات الإسلامية، عبر تنظيم مناسبات محلية وبرامج توجيه للشباب.
وتنقل المجلة عن ستانيك قوله إن "هذه العلاقات القريبة كانت السبب الذي جعل السلطات الفيدرالية تعرف الكثير عن الشبان الستة الصوماليين من مينوسيتا، الذين تم القبض عليهم عندما كانوا يحاولون الحصول على جوازات سفر مزورة، وقد وجهت لهم اتهامات في 19 نيسان/ إبريل، حيث كانوا يحاولون مغادرة الولايات المتحدة للانضمام إلى تنظيم الدولة".
ويضيف ستانيك أن "النجاح هو دليل على أن الكثير من عائلات الشبان كانت في خطر، وأن مصالحهم مرتبطة بمصالح الشرطة. ووفقا للمدعي العام في مينوسيتا أندي لوغير، فإن التجنيد للجماعات الجهادية يظل مشكلة مهمة في الدولة"، بحسب المجلة.
وتقول المجلة: "هذا الأسبوع وفي يوم مشمس مشى المنسق مع ستانيك محمد إلى مقهى ستاربكس في حي سيوارد، الذي يعيش فيه عدد من الصوماليين، واستقبله الزبائن الصوماليون كلهم، الذين كانوا يحتسون القهوة، استقبالا حارا، وجلس مع يوسف، الذي جاء إلى مينوسيتا عام 2003، ويعمل في مختبر كيمياء، ويوجه الأطغال بعد المدرسة".
وينقل التقرير عن يوسف قوله: "إن واحدة من المشكلات هي الفجوة بين الآباء والأبناء". مشيرا إلى أن الثقافة والهوية في البيت والعالم الخارجي لا تتناسبان معا. وهناك مشكلة أخرى هي غياب الآباء، إما لأنهم ليسوا موجودين أبدا، أو لأنهم يعملون بشكل شاق لتأمين متطلبات الحياة، ولهذا لا تتم رؤيتهم في البيت أبدا.
وتورد المجلة أن "الصوماليين يعدون من أكثر الجماعات إثارة للمشكلات من بين المهاجرين، وهناك الكثير من الشباب في السجن، وعادة ما يتسرب الصوماليون، ذكورا وإناثا من المدارس، وتصل نسبة البطالة بينهم إلى حوالي 21%، وهي الأعلى في مينوسيتا، وأكثر من نصف الصوماليين يعانون من الفقر، والكثير منهم يعيشون في عزلة عن بقية المهاجرين، حتى عن بقية المسلمين، الذين يعدونهم صعبين وفخورين بأنفسهم ومتحفظين".
ويفيد التقرير بأنه "لا يوجد هناك شكل واحد للتجنيد في تنظيم الدولة في مينوسيتا، فالشبان الستة الذين تم اعتقالهم أصبحوا متشددين عبر الإنترنت من خلال التأثر بنظرائهم، حيث يؤثر صديق على صديقه، فيقوم بالانضمام إلى التنظيم الإرهابي، ويقومون بتبادل الآراء حول جمع المال للقتال، ثم يتصلون بالوسطاء في تركيا. ومن بين الرجال الستة غوليد علي عمر، الذي هرب شقيقه إلى الصومال عام 2007، ولا يزال هاربا".
وتكشف المجلة عن أنه "لا يوجد شخص مسؤول عن التجنيد، على الرغم من أن عبدي نور، وهو شاب صومالي من مينيابوليس، انضم إلى تنظيم الدولة العام الماضي وهو موجود في سوريا، يحاول إغراء جهاديي وسط غرب أمريكا للقدوم إلى سوريا، وربما كان نجاح تنظيم الدولة، الذي يزعم أنه أعاد الخلافة القديمة، هو الأداة القوية لتجنيد الشباب".
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول "يشعر الصوماليون من جهة بأنهم عرضة لإغراء المتطرفين، وأنهم مستهدفون من غير المسلمين من جهة اخرى، الذين يتهمونهم بالتطرف، كما يقول جيلاني حسين، من مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية في مينوسيتا. ويخشى الصوماليون من مبادرة (مواجهة العنف والتطرف)، التي يشعرون أنها قد تصل إلى عملية ضخمة للتجسس مغلفة بغلاف تقديم الخدمات الاجتماعية. ويوافق ستانيك على أن (مواجهة العنف والتطرف) تعطي حسا بالمواجهة، ولكن ستانيك سيكون سعيدا بالحصول على الدعم المالي الفيدرالي، ويوسع فريقه من ستة إلى اثني عشر".