تستعد
دمشق لعملية عسكرية في
مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بعد سيطرة تنظيم الدولة على أجزاء واسعة منه، فيما عشرات آلاف من الأشخاص عالقون في المخيم وسط ظروف إنسانية قاسية.
وأعلن وزير المصالحة الوطنية السورية، علي حيدر، الأربعاء، أن الوضع الراهن في مخيم اليرموك في جنوب دمشق يستدعي "حلا عسكريا".
وقال بعد اجتماعه مع عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، أحمد مجدلاني، الذي يزور دمشق في محاولة لإيجاد حل للأوضاع في المخيم: "الأولوية الآن لإخراج ودحر المسلحين من المخيم، وفي المعطيات الحالية لا بد من حل عسكري، ليست الدولة هي من تختاره، ولكن من دخل المخيم، وكسر كل ما قد توصلنا إليه".
وشن تنظيم الدولة في الأول من نيسان/ أبريل هجوما على مخيم اليرموك، وتمكن من السيطرة على أجزاء واسعة إثر اشتباكات عنيفة مع مسلحين فلسطينيين ينتمي معظمهم إلى فصيل قريب من حركة حماس الفلسطينية.
وبات التنظيم يتواجد للمرة الأولى على بعد ثمانية كيلومترات من دمشق.
واندلعت المعارك في مخيم اليرموك في أيلول/ سبتمبر 2012، وتمكنت مجموعات من المعارضة المسلحة من السيطرة عليه، بينما انقسمت المجموعات الفلسطينية المقاتلة داخله مع النظام وضده.
وبعد أشهر من المعارك، أحكمت قوات النظام حصارها على المخيم الذي بات يعاني من أزمة إنسانية قاسية في ظل نقص فادح في المواد الغذائية والأدوية، ما تسبب بوفاة نحو مئتي شخص، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
إلا أن دخول تنظيم الدولة إلى المخيم أثار الرعب في نفوس سكانه الذين فر أكثر من 2500 منهم في اتجاه أحياء ملاصقة، بعد تسهيلات من قوات النظام لعبورهم، فيما بدا أن الأمر الواقع الجديد وحد الفصائل الفلسطينية ضد التنظيم.
من جهته، قال عضو اللجنة التنفيذية في "منظمة التحرير الفلسطينية"، ومسؤول متابعة ملف مخيم اليرموك، أحمد مجدلاني: "في ضوء تغير وظيفة الوضع في مخيم اليرموك، أصبح من الصعب جدا الحديث الآن عن إمكانية حل سياسي في المخيم، على الأقل في المستقبل المنظور".
وأضاف: "ما تقرره الحكومة السورية (بالنسبة إلى المخيم) سوف تدعمه القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير".
ويعقد ممثلو 14 فصيلا فلسطينيا اجتماعا مساء الأربعاء في دمشق بحضور مجدلاني.
وقال ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في دمشق، أنور عبد الهادي، إن الاجتماع يهدف إلى "اتخاذ موقف موحد"، مضيفا: "نريد إخراج تنظيم داعش من المخيم، والحل السياسي معه ليس ممكنا، ولا يمكن التفاوض مع إرهابيين".
وعما إذا كان الفلسطينيون موافقين على دخول قوات الجيش السوري، قال: "كل الخيارات مفتوحة، وما يهمنا هو حماية شعبنا وأمنه، وقلنا للسوريين إن المخيم خاضع للسيادة السورية، والمطلوب من
سوريا أن تحمي شعبنا".
وقال عبد الهادي: "حتى لو كانت بيننا كفصائل فلسطينية خلافات في بعض وجهات النظر، لكننا بالتأكيد لا نختلف اليوم على حماية وضمان أمننا".
وكان عدد سكان مخيم اليرموك قبل بدء الثورة السورية في منتصف آذار/ مارس 2011، نحو 160 ألفا، وتراجع قبل هجوم تنظيم الدولة إلى نحو 18 ألفا.
وتحدث مفوض المساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات في الاتحاد الأوروبي كريستوس ستايليانيدس عن الوضع في مخيم اليرموك، قائلا، بحسب ما نقل عنه بيان رسمي، "إن معاناة المدنيين في مخيم اليرموك قد وصلت إلى مستويات لا تحتمل".
وأعلن البيان تقديم مساعدة من الاتحاد قيمتها "2,5 مليون يورو" كـ"تمويل طارىء" لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، من أجل المساعدة على إنقاذ حياة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا.
وخصص التمويل لجميع المناطق السورية المتضررة من النزاع "مع التركيز بشكل خاص على أعمال العنف الأخيرة" في مناطق عدة بينها مخيم اليرموك.
على الأرض، ارتفعت حصيلة القتلى نتيجة التفجيرين اللذين وقعا الثلاثاء في ريف حلب في شمال سوريا إلى 32 مقاتلا، بينهم قياديون في جبهة النصرة وكتائب إسلامية، بحسب ما ذكر المرصد.
واتهمت جبهة النصرة تنظيم الدولة بالتفجيرين. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن تنظيم الدولة يسعى إلى التوسع في محافظة حلب على حساب جبهة النصرة والكتائب الإسلامية.
سياسيا، استأنف وفدا الحكومة والمعارضة السوريان لقاءاتهما في موسكو في حضور مسؤولين روس.
وأفاد التلفزيون السوري الرسمي في شريط إخباري عن "استئناف الجلسة الثالثة من اليوم الأول للقاء موسكو التشاوري".
ونقل عن رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري أن "الحكومة السورية موافقة على جدول الأعمال المقدم" من المسؤولين الروس، وأنها "تنتظر من شركائها في المعارضة موقفا واضحا وأفعالا ترقى إلى مستوى المسؤولية الوطنية".
وقال التلفزيون إن جدول الأعمال يتضمن "إمكانيات توحيد القوى الوطنية في مواجهة التحديات القائمة، بما فيها الإرهاب الدولي"، و"بناء الثقة الممكنة من قبل الحكومة وقوى المعارضة والمجتمع المدني".
وينص بيان جنيف الذي صدر في حزيران/ يونيو 2012 على تشكيل حكومة من الحكومة والمعارضة، بصلاحيات كاملة تشرف على المرحلة الانتقالية، دون أن يأتي على ذكر مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد.
ورفض الائتلاف المعارض المشاركة في محادثات موسكو، وتمسك بأن تؤدي أي مفاوضات من أجل التسوية إلى تنحي بشار الأسد.