تقول صحيفة "فايننشال تايمز" في تقرير لمراسلها في نيويورك، بيتر سالزبري، إن
السعودية والدول المتحالفة معها قد تجد صعوبة في إعادة تنصيب الرئيس
اليمني المعترف به دوليا عبد ربه منصور
هادي، الذي فر من البلاد بعد تقدم قوات منافسيه الحوثيين المتحالفين مع علي عبدالله
صالح إلى الميناء الجنوبي عدن.
ويقول سالزبري: "مع استمرار طائرات التحالف الذي تقوده السعودية بضرب واحدة من أفقر الدول العربية، وارتفاع عدد الضحايا، وتراجع المواد الغذائية والدوائية، ظل عبد ربه منصور هادي يطالب وطوال الحملة بمواصلة الهجمات الجوية حتى يستسلم
الحوثيون دون شروط".
ويضيف الكاتب أن صور الرئيس المبتسم والداعم النشط للحملة التي طلبها رسميا، جعلته يخسر ما تبقى له من دعم في شمال البلاد، وهي تعد منطقة سيطرة الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح. وتساءل مسؤول يمني: "هل تتخيل ماذا سيحدث له لو عاد مرة أخرى إلى صنعاء؟"، وأجاب: "لن ينجو".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الحملة السعودية حددت معلما جديدا للمدى الذي يمكن لهذه الدولة الغنية بالنفط أن تمضي إليه، حتى تمنع منافستها إيران من التلاعب في مجال تأثيرها، أي شبه الجزيرة العربية. وفي الوقت الذي تقول فيه الرياض إنها تريد إعادة الاستقرار وإعادة تنصيب الرئيس الشرعي هادي في مكانه في العاصمة صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيون منذ أيلول/ سبتمبر 2014، إلا أن القرار لبناء حملة عسكرية حول هادي قد يكون محفوفا بالمخاطر.
وتنقل الصحيفة عن المحللة في مجموعة الأزمات الدولية إبريل لونغلي ألي، قولها: "إن الرئيس هادي مثل الحوثيين، فهو شخصية مثيرة للانقسام على المستوى الوطني". وتضيف أن اليمنيين ينظرون إليه من ناحية سياسية على أنه شخصية ضعيفة أو عاجزة أو كلتاهما.
وترى ألي أن "الدعم الذي يلقاه في اليمن هو نتاج للمشاعر المعادية للحوثيين، أكثر من كونها تعبيرا عن دعم حقيقي، ويدعمه السعوديون وعدد كبير من اليمنيين؛ لأنه لا يزال الرئيس، ولاتخاذه موقفا متشددا من الحوثيين وصالح"، وفق التقرير.
ويلفت التقرير إلى أن هادي كان شخصية هامشية قبل وصوله إلى السلطة كونه المرشح الوحيد لخلافة صالح عام 2012، وقد كافح من أجل بناء قاعدة دعم شعبي له داخل البلاد.
وتنقل الصحيفة عن الباحث في مجلس العلاقات الخارجية الأوروبي آدم بارون، قوله: "اعتمد هادي، بشكل عام، على حلقة ضيقة، ولم يستطع الحفاظ على الدعم الشعبي الذي حققه عندما تولى السلطة، ولم يكن قادرا على بناء قاعدة دعم له، أو لم يكن يرغب ببنائها في شمال اليمن".
يذكر الكاتب أن هادي قد فشل في إرسال الموالين له لقتال الحوثيين عندما وصلوا إلى أطراف مدينة صنعاء، ومن ثم هرب من العاصمة في شباط/ فبراير إلى عدن. وبالتأكيد فإن عجز هادي عن منع الحوثيين من الوصول إلى الجنوب، حيث تعد المعارضة للحوثيين في أعلى درجاتها، عزز من الانطباع حول عجز هادي وعدم قدرته على حكم البلاد.
ويبين التقرير أنه موقف لا ينحصر في أعداء هادي فقط، بل الذين دعموا الحملة ضد الحوثيين، مثل حزب الإصلاح، الذي قاد الحملة للدفاع عن صنعاء في أيلول/ سبتمبر. ويعتقد بعض قادة الإصلاح أن هادي خانهم من أجل خدمة مصالحه السياسية.
وتنقل الصحيفة عن رمز مرتبط بحزب الإصلاح قوله: "إن هادي لا يستطيع القيادة، ويسيطر عليه السعوديون من الألف إلى الياء، وأعرف أنهم يرون في هادي مشكلة".
ويستدرك التقرير بأن حزب الإصلاح لا خيار أمامه كما يقول، خاصة في ضوء الدعم الذي يحظى به هادي من الرياض وللتخلص من الحوثيين.
ويجد الكاتب أنه في الوقت الذي يدعم فيه حزب الإصلاح العملية السعودية ضد الحوثيين، إلا أنه راغب برؤية هادي خارج اللعبة السياسية أو مهمشا.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه مع أن العديد من الجماعات التي تقاتل الحوثيين في الجنوب توصف بأنها "مؤيدة لهادي"، لكنها في الحقيقة مكونة من انفصاليين يعارضون هادي والوحدة اليمنية، ويؤكدون أنهم يقاتلون من أجل الجنوب، وليس من أجل الرئيس المعزول.