سياسة عربية

ما هي الأبعاد الأيديولوجية والسياسية لصراع مخيم اليرموك؟

عدد من المقاتلين من جبهة النصرة - أرشيفية
اقتحم تنظيم الدولة مخيم اليرموك في مطلع الشهر الحالي منطلقا من حي الحجر الأسود، الذي يعتبر معقلا له في المنطقة، وأتت هذه العملية للتنظيم بهدف السيطرة على مخيم اليرموك والقضاء على كتائب أكناف بيت المقدس التي ترابط في المخيم منذ تحريره من نظام بشار الأسد.

وبحسب الناشط مطر إسماعيل وهو من أبناء جنوب دمشق، فإن القتال جاء بعد اغتيال تنظيم الدولة لـمسؤول حماس في سوريا يحيى الحوراني المكنى "أبو صهيب"، فيما شنّت كتائب الأكناف بعد ذلك حملة اعتقالات واسعة طالت عناصر تنظيم الدولة في المخيم، لتقوم صباح اليوم التالي مجموعات من تنظيم الدولة باقتحام المخيم لبسط السيطرة التامة عليه، وتوسيع نفوذها من الحجر الأسود إلى المخيم.

 يذكر أن هناك تاريخا من النزاعات بين أهالي مخيم اليرموك ومنطقة الحجر الأسود منذ بداية الثورة السورية، وقد كانت هذه النزاعات تقوم على أسس عشائرية بين النازحين إلى الحجر الأسود والفلسطينيين في المخيم، وليست هذه المرة الأولى التي تحدث فيها مواجهة مسلحة بين الطرفين، حيث حدثت مواجهات قديمة ولم يكن لتنظيم الدولة في تلك الأيام وجود كبير في منطقة الحجر الأسود.
 
أما اليوم فإن الصراع يأخذ أبعادا أكثر عمقا، فمنطقة الحجر الأسود أصبحت معقلا لتنظيم الدولة ، والمخيم تتمركز فيه كتائب أكناف بيت المقدس التي لها جذور في حركة حماس، وبالتالي هي محسوبة على تنظيم الإخوان المسلمين، واعتبار الصراع حلقة من حلقات الصراع بين القاعدة والاخوان هو أمر وارد، وهذا ما يفسر وقوف جبهة النصرة بجانب تنظيم الدولة حيث أنهما نتاج القاعدة في سوريا في النهاية رغم اختلافهما.

وقد يزكي هذا القتال البعد العشائري والمناطقي أيضا بين الفلسطينيين والنازحين، وهذا ما يفسّر وقوف لواء العز بن عبد السلام في التضامن بجانب تنظيم الدولة، وإن لم يقاتل معها حيث أن معظم عناصره من النازحين، وهناك علاقات طيبة بين قائده أبو رضا التركماني وقيادات تنظيم الدولة.
 
وبحسب قائد عسكري من المنطقة الجنوبية فإن "كتائب أكناف بيت المقدس قدّمت الكثير في سبيل صدّ محاولات النظام اقتحام المخيم المتكررة منذ تحريره، لأن الكتائب عندها خبرة عسكرية جيدة، فمعظم قيادات الكتائب وعناصرها كانوا من عناصر حركة حماس في سوريا، وخضعوا للكثير من الدورات التدريبية، وعندهم خبرة رفيعة في حرب المدن، وبرعوا في حفر الأنفاق والخنادق، وتشكيل المتاريس، ولهذا بقيت جبهة المخيم صامدة حتى هذا اليوم".

في سياق متصل، فإن المنطقة الجنوبية في دمشق تعيش حالة إضطراب قديمة وذلك بسبب التنوع السكاني الذي تعيشه، ففيها الكثير من اللاجئين الفلسطينيين بمختلف انتماءاتهم، بالإضافة إلى نازحين سوريين من الجولان المحتل، والكثير من أبناء حوران، ناهيك عن الأهالي المحليين، ولم يكن للنظام قبل الثورة قدرة على ضبط هذه المناطق بشكل جدي، وكانت تشهد الكثير من المشاكل والنزاعات التي قد يستخدم فيها السلاح في بعض الأحيان.