كتب نوزت جيجك: عملية
عاصفة الحزم التي قامت بها المملكة العربية
السعودية في
اليمن، جعلت الشعب التركيّ يظن أنها مسألة تتعلق بالصراع السني- الشيعي. ولفهم هذه المعادلة، يجب تحرّي مواقع أطراف القوى وحلفاءها في المنطقة جيدًا. إذ يتّم ترويج الصراع "العربي- الإيراني" في المنطقة وإعطاؤه صفة الصراع "السني- الشيعي".
لا شك أن الحوثيين يستولون على مراكز للدولة ومناطق استراتيجية باسم النفوذ الإيراني، وهم يلعبون دور الشرطي الإيراني في اليمن، وزحفهم إلى عدن جاء عبر الأموال الإيرانية. وهذه النقطة بالذات يجب عدم خلط الأوراق فيها، إذ إن وصف جميع الشيعة في اليمن على أنهم حوثيون من أصولٍ زيدية وصفٌ خاطئ، سيما أن الحوثي إحدى عشائر اليمن لا غير.
في الحقيقة يصعب علينا فهم مواقف إيران السياسية والعسكرية. ما الذي يجعل إيران تحذو هذا الحذو؟ هل هي قضية حكم الأقلية للأكثرية في اليمن؟ إن اعتبرنا جدلاً أن إيران محقة في الدفاع عن الأقلية الحوثية في اليمن، فماذا سنقول لسياسة إيران المعادية للأقلية السنية في البحرين؟ وللجدال أيضا، لنقل إن إيران محقة في سياستها المعادية للأقلية السنية في البحرين، فماذا سنقول لسياستها في
سوريا وفي العراق؟ هنالك تضارب تام في المواقف الإيرانية، وعلى إيران توحيد مواقفها الداعمة أو المعادية للأقليات في البلاد العربية. من هنا نستنتج أن إيران تتبع سياسة مذهبية طائفية في اليمن، وعلينا إدراك مدى خطورة هذا الموقف.
للأسف الشديد أنه، كما أن إيران تتبّع سياسة ازدواجية في اليمن، فإن دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية تحذو حذو إيران بسياساتها! لكن الفرق أن السعودية تعطي لمصالحها الأولوية على حساب المذهبية أو الطائفية. ولقد رأينا دعم السعودية للزيدية في اليمن، حيث جاء هذا الدعم على حساب وأد حركة الإخوان المسلمين، ولأن الرئيس المخلوع عبدالله صالح كان يحمي مصالح السعودية كان ضمن قائمة المقبولين لديها. لقد جعلت السعودية من الإخوان الشيطان الأكبر ومن إيران الشيطان الأصغر في اليمن، ودعمت الشيطان الأصغر ضد الشيطان الأكبر. ولأن الشيطان الأصغر أضرّ بالمصالح السعودية في خليج عدن، جاءت إثرها عملية عاصفة الحزم تأديبًا له. ولولا أن تضررت الملاحة البحرية في خليج عدن وتراجع تصدير النفط، لما قامت السعودية بهذه العملية. وهنا نسأل السعودية ودول الخليج.. وفي ظل القهر والظلم الذي يعاني منه أطفال ونساء سوريا، أما كان الأجدر أن تقوموا بعاصفة الحزم لإنقاذ أشقائكم في سوريا؟
لست ممّن يؤيدون التدخل العسكري الأجنبي في العالم الإسلامي، خصوصا في اليمن، سيما أن المنطقة أصبحت مفتوحة للتدخلات الخارجية جراء مزاعم حماية الطوائف والأقليات. ولا يمكن أن نقبل بقتل الشيعي للسني في تكريت، كما أنه لا يمكن أن نقبل أيضا بقتل السني للشيعي في اليمن. لذا فإن من الواجب علينا كمسلمين، ألا نضّل عن طريق الحق وطريق العدل، وألا نستقدم مصالح دولنا أو جماعاتنا على المصلحة الإسلامية الكبرى، التي تحوي كل المسلمين بجماعاتهم ودولهم. وعندما نعطي الأولية لمصالحنا الشخصية، نكون سببًا في حدوث الدمار في عالمنا الإسلامي كما في العراق وسوريا.
(عن صحيفة ديريليش بوستاسي)