احتفت صحيفة "الأخبار"
اللبنانية المقربة من
حزب الله، بتصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، حول إمكانية التفاوض مع الأسد وإيجاد حل سياسي للأزمة السورية على طريقتها الخاصة، وقامت بتوظيفها لإثبات قوة حزب الله وشرعية
نظام الأسد في مستقبل
سوريا.
وحبكت الصحيفة في تقرير لها، الأربعاء، قصة لا يُعلم مدى مصداقيتها حول إشادة الإدارة الأمريكية بأداء مقاتلي حزب الله في سوريا، في جلسات مغلقة مع مسؤولين لبنانيين، مؤكدة أن تغير اللهجة الأمريكية حيال حزب الله هو بداية عهد جديد للسياسية الأمريكية حيال المنطقة، يثبت فاعلية حزب الله في المنطقة، وهو بمثابة اعتراف بشرعية النظام السوري وبقائه.
ورغم أن الإدارة الأمريكية قللت من قيمة تصريحات كيري حول التفاوض مع الأسد، وأكدت أنه لا وجود للأسد في مستقبل سوريا في تصريحات أدلى بها الناطق باسم البيت الأبيض الأمريكي "جوش إيرنست" ، إلا أن صحيفة "الأخبار" أصرت على رسم حبكتها المزعومة حتى نهايتها.
وقالت الصحيفة إن كلام وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الذي لا يزال يتفاعل في لبنان والعالم العربي، لم يأت خارجاً عن سياق "طبيعي" للأحداث وللمواقف الأمريكية التي تذهب منذ أكثر من عام إلى توضيح استراتيجيتها التي تعني مصالحها في المنطقة.
ونوهت إلى أن من يراقب ويطّلع على مواقف الإدارة الأمريكية في الدوائر المقفلة، يدرك أن موقف كيري، وقبله بأيام الإعلان الصريح لمدير الاستخبارات الأمريكية جون برينان عن عدم الرغبة في انهيار الحكومة والمؤسسات السياسية في دمشق، إنما هما تتمة لمواقف واشنطن منذ أن غيّرت مسار الحرب الأمريكية ــ الدولية التي كانت على أهبة الإعلان عنها على سوريا بذريعة الأسلحة الكيميائية، ومنذ أن رسمت خطواتها المدروسة حيال إيران، تحت ستار الاتفاق النووي.
وأضافت أنه، منذ أشهر طويلة والرؤية الأمريكية نحو بقاء المؤسسات الرسمية السورية والجيش السوري تتضح تباعاً، كي لا تتكرر التجربة العراقية مع حل الجيش العراقي وما نتج منه. ومع اقتراب الاتفاق الإيراني ــ الأمريكي من التوقيع الأوّلي عليه، بدأت الإشارات والرسائل تنتقل إلى مرتبة أكثر وضوحاً وعلانية في ما يتعلق بمستقبل سوريا وما يمكن لواشنطن أن تؤيده أو تغضّ النظر عنه، فيها وفي العراق ولبنان.
وقالت الصحيفة، إن ما يعنينا في لبنان هو أنه يومًا بعد يوم يتضح أن دور حزب الله آخذ في التقدم دوليًا، كما سبق أن تحدثت عنه دوائر القرار والديبلوماسية الغربية. لكن مع تطور المفاوضات الأمريكية ــ الإيرانية، ومع تغيّر المشهد العراقي بعد معركة تكريت، وما نتج من تحولات في الخطاب الأمريكي تجاه إيران عسكريًا وسياسيًا في المنطقة، واحتمالات المشهد السوري، بدا أن لحزب الله حصة في هذا التحول. وهو ما يتأكد في لهجة أمريكية وخطاب جديد من نوعه.
حصة حزب الله في تحولات الخطاب الأمريكي
وبحسب الصحيفة، فقد نقلت أوساط لبنانية مطلعة، لا صلة لها بقوى 8 آذار، معلومات موثوقة وكلاماً رسمياً قيل خلال لقاءات عقدت حديثاً في واشنطن مع زوار لبنانيين من مستويات عالية، عن إعطاء "ملاحظات إيجابية، وإشادة بدور حزب الله وأدائه في محاربة التنظيمات الإرهابية في سوريا".
ونوهت إلى أن هذه العبارات لا تمر مروراً عابراً خلال لقاءات مع معنيين أمنيين وسياسيين في العاصمة الأمريكية، لكنها تبقى في الدوائر المقفلة، إذ إنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تعبر عنه علانية، وخصوصاً في خضم أزمة الإدارة الحالية داخلياً مع الجمهوريين على خلفية الاتفاق مع إيران.
وأشارت إلى أنه لم يحن الوقت بعد بالنسبة لواشنطن، حتى وإن حاورت طهران، لأن تقدم رؤية مختلفة لعلاقتها مع حزب الله، لا باعتبارها إياه تنظيماً إرهابيا فحسب، بل بسبب وجود ملفات عالقة معه تتعلق بتفجيري المارينز والسفارة الأمريكية في بيروت وخطف رهائن أمريكيين.
وأكدت "الأخبار" أن هذه الملفات العالقة، بحسب معلومات هذه الأوساط، لم تمنع مسؤولين أمريكيين من الكشف عن اتصالات تمت منذ نحو سنة مع مقربين من حزب الله بعيدين عن الأضواء، خارج لبنان، واقتصرت على البحث في الوضع السوري.
وتابعت الصحيفة بأن الوضع السوري يشكل قاعدة أساسية، حتى الآن، لأي رؤية أمريكية جديدة تجاه حزب الله، وخصوصاً لجهة التنظيم العسكري والاستخباري والأمني الذي استثمره في سوريا، في مواجهة تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة". ويمثل هذا العامل عنصراً جوهرياً في مقاربة الولايات المتحدة ورؤيتها لمنطقة الشرق الأوسط، بعد تصاعد خطر تنظيم "داعش".
واستدركت بالقول، إنه مما لا شك فيه أن تجميع حزب الله لأوراق في يديه، في خضم التحولات في المنطقة، ومحاولات فرض توازن بين محورين، سيدفع الفرقاء اللبنانيين إلى مراجعة جدية للوضع الداخلي، ولمواقف واشنطن مما يجري في لبنان وما هو مقبل عليه، إذ إنه لا يعقل أن يبقى الوضع السوري وحده محور العلاقة المستجدة بين الطرفين، وخصوصاً أن تطورات سوريا العسكرية تلامس الحدود اللبنانية، مع الاحتمالات بقرب معركة حزب الله والجيش السوري مع "داعش" و"النصرة"، ما سيرتد حكماً على لبنان.
وأضافت أن واشنطن لا تزال مصرّة على عنوان وحيد لا تتراجع عنه، أشبه بلازمة تتكرر في كل اللقاءات التي تعقد بعيداً عن الأضواء، وهو "استقرار لبنان وضمان أمنه". لكن أبعد من ذلك، هناك مخاوف لدى حلفاء واشنطن التقليديين في لبنان، تكمن في ما سيتبع الأداء الأمريكي الجديد في الشرق الأوسط، وانعكاسه على لبنان، ولا سيما إذا ترجمت واشنطن إشارتها الإيجابية تجاه حزب الله عمليًا.
وختمت "الأخبار" تقريرها بالقول، إن ما حصل حتى الآن من متغيرات في علاقة واشنطن بطهران، رغم الامتعاض الإسرائيلي، ومعارضة السعودية ودول الخليج، يؤشر بوضوح إلى أن القرار الأمريكي لا رجوع عنه. وقد لا يتعلق بالعراق وسوريا فحسب، وقد يكون التبدل في اللهجة حيال حزب الله أول الغيث.