لم يشفع له عند النظام أنه رفع اسم بلاده عالياً، عبر الميداليات الذهبية والفضية التي نالها في بطولات
الجودو الدولية، باسم بلده
سوريا، فاعتقل على خلفية نشاطه الإغاثي، لتظهر صورته لاحقا بين الصورة المسربة التي وثقت مقتل آلاف المعتقلين الذين انقطعت أخبارهم منذ اعتقالهم.
"محمد
عبد الرحمن ظريفة" (أبو أنس)، ابن بلدة "بيت سابر" في جبل الشيخ، القريب من ريف دمشق الغربي، بدأ مشواره في مدرسة الجودو وهو في السابعة من عمره في مسقط رأسه، حيث التحق بناد صغير متواضع، ليكون فيما بعد صاحب المركز الأول في الأشبال على مستوى سوريا، والمركز الأول لسنوات في فئة الشباب، ثم بات اللاعب الأول في وزنه للرجال في رياضة "الجودو" في سوريا، والثاني على مستوى العرب.
حاز ظريفة على الميدالية الفضية في بطولة غرب آسيا، وكان لاعبا أساسيا في المنتخب السوري للرجال، ووصل إلى نيل "الحزام الأسود 2 دان"، حيث شارك في بطولة دمشق الدولية عام 2005، وحاز فيها على المركز الثاني. كما حاز على الميدالية الذهبية في رياضة "السامبو" التي تتبع "للجودو" في لبنان، وشارك في بطولة في تركيا، وهي بطولة البوسفور الدولية.
بعد تخرجه من مدرسة الاتصالات توظف في المؤسسة العامة للاتصالات السورية، ومنذ اندلاع الثورة وتهجير النظام لأهالي معضمية الشام وداريا، وغيرهما من مدن وبلدات الريف الغربي لدمشق، نزح عدد كبير منهم إلى قرى جبل الشيخ، حيث كانوا في حال لا يختلف عن حال ملايين السوريين اليوم.
ترك ظريفة عمله في المؤسسة، وترك مدرسة "الجودو" في دمشق التي كان ركناً من أركانها، ولاعباً متمرساً فيها، واتجه إلى إحداث نقطة إغاثية في منطقته للنازحين، وعمل على ذلك بمساعدة ابن بلدته المهندس ابراهيم سويدان الذي اعتقل أيضا، وجاء بعدها خبر وفاته وقد قتل في فرع فلسطين.
كان له الفضل الكبير والجهد المشهود في إقامة نقاط إغاثية تتبع للهلال الأحمر والصليب الأحمر، ومنظمات إغاثية دولية في كامل منطقة جبل الشيخ، وكان له الجهد الكبير في إنشاء مشفى ميداني في بلدة "بيت جن" في ريف دمشق الغربي، عن طريق معارفه، سالكاً أكثر الطرق الجبلية وعورة لتأمين مستلزمات المشفى.
وفي حديث لـ"عربي21" مع الناشط معاذ الريفي، عن بطل رياضة الجودو محمد ظريفة، روى الريفي حادثة اعتقاله، قائلا: "انطلقت أربع دوريات من فرع سعسع (القنيطرة) إلى بلدة بيت سابر لإلقاء القبض على ظريفة، والذي لاذ في الفرار منهم، ولم يتمكنوا في بداية الأمر من الإمساك به، لكن عملية التفتيش والبحث عنه استمرت، واستطاعوا الوصول إليه، وسرعان ما أطلقوا النار عليه، ما أدى لإصابته بعدة رصاصات. وضعوه على نقالة الجرحى وأخذوه إلى فرع سعسع، ومن حينها تواترت الأخبار عن استشهاده أو بقائه حياً".
ويتابع الريفي: "عندما تم تسريب صور ضحايا الاعتقال، تعرّف أهالي بلدة "بيت سابر" على صورته بين تلك الصور من "فرع سعسع220" القريب من البلدة، والواضح في الصورة أنهم قتلوه برصاصة في رأسه غير الرصاصات التي أصيب بها"، حسب قوله.
ويشار إلى أن موظفا سابقا لدى النظام السوري، لا يعرف سوى اسمه الحركي "القيصر"، كانت مهمته تصوير جثث الضحايا من المعتقلين، وقد سرب نحو 50 ألف صورة لأجساد هزيلة مليئة بآثار
التعذيب، وهو ما شكل دليلا ملموسا على حجم الجرائم المرتكبة بحق المعتقلين، الذين يعد قسم كبير منهم في عداد المفقودين إذا انقطعت أخبارهم منذ اعتقالهم. وغالبية هؤلاء ممن كانوا انخرطوا في النشاط السلمي للثورة السورية.