كتب ولي العهد البحريني،
الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، في صحيفة "ديلي تلغراف"، عن
الحرب الدولية على
الإرهاب، داعيا إلى تعريف العدو من أجل هزيمته.
ويقول الأمير: "رغم مرور 15 عاما منذ بداية الحرب الحالية على الإرهاب، يبدو أننا لا نقترب كثيرا من فهم العدو حتى نهزمه، وهو العدو الذي لا يزال يعرف من خلال أساليبه وتشويهه للدين الإسلامي. لكن الإرهاب ليس إلا وسيلة تستخدمها الأيديولوجيات المنحرفة". ويشير هنا إلى الجرائم الأخيرة، التي تمثلت بحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حيا.
ويشير الأمير أيضا إلى الهجوم في كوبنهاغن، العاصمة الدانماركية يوم السبت، ويقول: "ذكرنا أيضا أنه إن كنا نريد مواجهة التهديد المنتشر عالميا وبجدية، فنحن بحاجة إلى توسيع فهمنا وتعريف عدونا؛ من أجل تركيز جهودنا بناء على ذلك".
ويضيف أن "الإرهاب ليس أيديولوجية، فنحن لا نقاتل بالضرورة إرهابيين، ولكننا نقاتل ثيوقراطيين (رجال دين). واستخدمت تعبير (ثيوقراط)، لأن الحرب الحالية لم تعد ضد الإسلام أكثر من أن تكون ضد المسيحية أو اليهودية أو البوذية أو أي دين آخر. فهي حرب ضد من يستخدمون الدين من أجل مصالحهم، وبهذه الطريقة يلطخون التقاليد والمعتقدات التي يؤمن الكثيرون بقداستها".
ويرى ولي العهد البحريني أنه "لو بدأنا بتعريف أنفسنا، وأننا في حرب مع الثيوقراطيين، فأعتقد أننا بهذه الطريقة سنقوم بتقديم السياسات العسكرية والسياسية والاقتصادية وربما الاجتماعية من أجل مواجهة التهديد معا، تماما كما فعلنا في الماضي. ففي القرن الماضي واجه العالم سلسلة من التهديدات الكبيرة: الفاشية والشمولية والحرب الباردة مع الشيوعية، فقد تمت دراستها كأفكار وفهمت وعرفت، وتم التعامل معها كأيديولوجيات".
ويتساءل ولي العهد البحريني: "ماذا نطلق على هذه الأيديولوجية؟ وكيف نحددها؟ وكيف نعرفها؟ فيجب أن نتفق على المصطلح المحدد والعلامات المحددة له من أجل تحديد أصل المشكلة التي نواجهها. فنحن نواجه مشكلة في تعريف جماعة واحدة ونطلق عليها عدة أسماء (داعش،
تنظيم الدولة الإسلامي في العراق وسوريا، تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، الدولة الإسلامية). ونرى أمثلة مشابهة لتنظيم القاعدة في فروع مختلفة، فلدينا حركة الشباب وبوكو حرام، قبل أن نشاهد جماعات أخرى قد تتشكل في المستقبل، وفي كل حالة نواصل القفز بطريقة عمياء وعشوائية، ومن تهديد تكتيكي إلى آخر دون فهم أو تحديد لعدونا".
ويتابع الأمير سلمان بأنه "يمكن أن نبدأ هذه العملية من خلال تحليل كلي لشخصية العدو، ونحن نعرف هؤلاء الأشخاص الذين يريدون حكمنا على هذه البسيطة وفي الآخرة، فهم يقومون بعزل أنفسهم ولا يعبأون بالعقد الاجتماعي الذي أقمناه كوننا مجتمعات بشرية. ويقومون باضطهاد المرأة وذبح من لا يوافقون أو يؤمنون بما يعتقدونه من أيديولوجية منحرفة. كما أنهم يحكمون من خلال فتاوى دينية تقيد استخدام العقل بين المؤمنين. وتجمع أساليبهم بين الأيديولوجية الدينية والمليشيات الفوضوية، وتتغذى من المكاسب التجارية غير المشروعة، من أجل إعطاء مظهر من مظاهر الحكم، حيث إنهم يواصلون القتال اليائس للحصول على مناطق جغرافية لحمايتها وحكمها".
ويقول الأمير سلمان، إننا "نعرف أنهم انتهازيون، ينتعشون في ظل الاضطرابات الاجتماعية والفوضى السياسية، ويعطون نوعا من الأمل في القيادة للناس الواهمين والمحرومين والمنسيين. وفي الوقت الذي سيحكم فيه التاريخ على أحداث الشرق الأوسط، وإن كانت مشابهة لانهيار جدار برلين عام 1989، والثورة البلشفية أو بيتروغراد (بطرسبيرغ اليوم) في عام 1917.. فإن هناك شيئًا واضحا عندما ينهار نظام الدول، حيث ستملأ الأيديولوجيات المتطرفة الفراغ".
ويخبر ولي العهد البحريني عن هذا العدو وعناصره "أنهم ينشرون الرسالة الأيديولوجية عبر عدد من القنوات القديمة والجديدة، من الكلام والخطابات من منابر ينصبون أنفسهم عليها، وعبر التعامل الكامل مع العصر الرقمي. وفي الشرق الأوسط ذاته، يقومون بنشرها عبر قنوات فضائية لا يشاهدها المشاهد الغربي، وبعيدة عن القيود أو التنظيمات. ويبثون وبتأثير كبير على الإنترنت رسالة مستمرة غير متسامحة ومسمومة للجهلة وسريعي التأثر".
ويذكر الأمير سلمان أنه "في الوقت الذي نصارع فيه التنظيمات المفهومية والعملية والسياسية للإعلام والحرية على الإنترنت، فإنهم يقومون، وبلا رحمة، باستغلال هذه المنابر من أجل زرع الكراهية، ويستخدمونها معرضا للشر".
ويؤكد ولي العهد البحريني بأننا "نواجه عدوا عالميا جديدا، عدوا يظهر الكثير من ملامح وممارسات القرن السابع عشر، ولكنه يتبنى في الوقت ذاته استراتيجية القرن الحادي والعشرين. وعليه فلن نكون قادرين على مواجهته من خلال حلول العالم القديم فقط، ولكن عبر سلسلة من الحلول الإبداعية التقليدية والحديثة".
ويلفت الأمير سلمان إلى أنه "فقط من خلال مراجعة متماسكة وجمعية وجذرية لطبيعة التهديد الذي يواجهنا نكون قادرين على تحسين طرق مواجهة التحدي، وبالتالي تحقيق الهدف المشترك. وعندها سنكون قادرين، وبطريقة استراتيجية، على استخدام المصادر جميعها، ونحاسب المجرمين المنظرين الأيديولوجيين، الذين يضعون أنفسهم فوق السلطة المقدسة ويسيئون الحكم".
ويتوقع ولي العهد قتالا طويلا معهم، مبررا ذلك بأنهم "برابرة وبدائيون، لكن تسمية وفهم الأيديولوجية ذاتها يجب أن يكون الهدف القادم، فالأفراد والجماعات قد تعيش حالة مد وجزر، ولكن الأيديولوجيات هي ما تجب مواجهتها وهزيمتها. وبهذه الطريقة سنكون قادرين -بدلا من الحرب على الإرهاب- على التركيز على التهديد الحقيقي لهؤلاء الأشرار الفاشيين الثيوقراطيين".