ملفات وتقارير

خنازير إسرائيل.. تستبيح مزارع الأردنيين

يعاني المزارعون الأردنيون على شرقي النهر من الانتهاكات الإسرائيلية - أرشيفية
تفتك خنازير برية مصدرها إسرائيل يوميا بمحاصيل زراعية شرقي نهر الأردن، مسببة خسائر مادية تقدر بآلاف الدنانير دون أن تحرك الجهات الرسمية الأردنية ساكنا، بسبب حساسية المنطقة الحدودية التي يطلق عليها المزارعون اسم "المنطقة الحرام".

 المزارع الأردني جمال المصالحة، الذي يملك مساحة واسعة من الأراضي الزراعية الملاصقة للحدود مع فلسطين المحتلة، يتكبد بشكل مستمر خسائر كبيرة بسبب هجمات قطعان الخنازير الإسرائيلية على محاصيله الزراعية، دون أن يملك أي فرصة لصدها أو قتلها، لعدم وجود رخصة صيد أو حمل سلاح في هذه المنطقة الحدودية "الحرام". 

وتسببت الخنازير بهلاك محاصيل مختلفة للمزارع المصالحة الذي يملك وحدات زراعية في غور داميا والمناطق "الزورية"، على بعد 100 متر فقط من الحدود الأردنية الإسرائيلية.

 يقول المصالحة لـ"عربي21" إن قطعان الخنازير الإسرائيلية تدمر في موجة الهجوم الواحدة من ثلث إلى نصف وحدة زراعية مكونة من 50- 25 دنما، ويتكون القطيع في بعض الأحيان من 70 خنزيرا.

 وتستهدف الخنازير محاصيل عديدة إلا أنها تفضل الحمضيات والنخيل حيث إنها تقضي على جذور الأشجار وتقضمها، كما أنها تقوم بحفر الأرض بحثا عن الديدان. وتتغدى الخنازير بشكل أساسي على محاصيل البطاطا والبندورة والذرة والشمام والبطيخ والكوسا والباذنجان.

وتمكنت الخنازير الإسرائيلية العام الماضي من إصابة مزارع أردني في منطقة عقربا (شمال الأردن) بجروح متوسطة بعدما هاجمه قطيع من الخنازير.

وتبلغ مساحة المنطقة الزراعية في وادي الأردن المحاذية لحدود فلسطين 270 ألف دونم، موزعة في الشونة الجنوبية وديرعلا والشونة الشمالية. 

 متى ظهرت الخنازير؟

تاريخيا يقول المصالحة إن الخنازير البرية بدأت تظهر كمشكلة للمزارعين بعد حرب 1967 مع إسرائيل بسبب هجران المنطقة في المناطق الغورية التي باتت مناطق أمنية، لتدب الحياة البرية فيها وتصبح بؤرة للخنازير البرية التي تعيش بين الأعشاب البرية على مجرى نهر الأردن، بينما تعتبر الأردن مرعى لها والجانب الآخر بيتها بسبب البيئة الجغرافية وعدم مكافحتها من الطرف الآخر.

ويتهم مزارعون أردنيون وزارة الزراعة الأردنية بالتقصير في متابعة قضايا المزارعين في المناطق الحدودية، إذ إنهم يلجأون لأساليب بدائية، كنصب الفخاخ ووضع السموم لمكافحة الخنازير، والتي لا تجدي نفعا بالعادة، مطالبين الوزارة بفتح باب الصيد ومنح التراخيص لذلك.

الناطق الإعلامي باسم وزارة الزراعة الأردنية نمر حدادين، يقر بالتهديد الذي تشكله الخنازير على المزارع الحدودية، إلا إنه يؤكد صعوبة مكافحتها لوجودها على منطقة حدودية أمنية إضافة إلى تكاثرها بشكل كبير.

 ليست المشكلة الوحيدة

والخنازير البرية ليست هي المشكلة الوحيدة التي تؤرق بال المزارعين الأردنيين في المناطق الحدودية، إذ إن فصل الصيف يحمل للمزارع الأردني لهيب الحرائق التي تفتعلها إسرائيل على المناطق الحدودية لإزالة الأعشاب البرية الطويلة المحاذية لنهر الأردن لغاية تحسين الرؤية. وقد أتت الحرائق على مئات الدونمات في الجانب الأردني.
 
ولا يقتصر الأمر على ذلك؛ فالأجهزة الأمنية الأردنية لا تسمح للمزارعين بدخول أراضيهم في ساعات المساء إلا بتصريح أمني، ويحظر عليهم إدخال أشخاص غير أصحاب الأرض إلا بموافقات أمنية، لقرب مزارعهم من الحدود.

ويلخص مدير عام اتحاد المزارعين الأردنيين المهندس محمود العوران في حديث لـ"عربي21" أهم التحديات التي توجه المزارعين في المناطق الحدودية بين الأردن وإسرائيل بثلاث نقاط، على رأسها "الحرائق المفتعلة من جانب الكيان الصهيوني". ويقول العوران إنها "تتم تحت مبررات ودواع أمنية، وتسببت هذه الحرائق في آثار بيئية واقتصادية سيئة على المزارعين الأردنيين وسكان المناطق الحدودية، كما حدث العام الماضي، عندما التهمت الحرائق عددا كبيرا من المزارع على الجانب الأردني، وساهمت الرياح الغربية بامتدادها".

والمشكلة الأخرى هي الخنازير التي يصفها المهندس العوران بـ"المصيبة" التي تواجه المزارعين، "خصوصا في ظل عدم مقدرة المزارع الأردني على استخدام الأعيرة النارية في المناطق الحدودية، وهي الوسيلة الوحيدة للقضاء عليها، وتتسبب هذه الخنازير بأضرار بالغة للمزارع، وتقوم بتدمير مزارع الخضروات بكافة أشكالها".

ويمنع المزارع الأردني على عكس المزارع في الجانب الآخر من دخول مزرعته ليلا، كما أنه لا بد من حصول المزارعين على تصاريح أمنية لدخول أراضيهم. ففي حالات الصقيع لا يستطيع المزارع مواجهة الخطر في ساعات المساء بسبب عدم مقدرته على دخول مزرعته.

ويطالب مدير عام اتحاد المزارعين الأردنيين "بوجود تنسيق بين وزارة الزراعة و الجانب الأمني الأردني لحل هذه المشاكل والسماح للمزارعين من خلال وزارة الزراعة باستخدام الأعيرة النارية لقتل هذه الخنازير، وإعلام الكيان الغاصب بأن الهدف من إطلاق الأعيرة النارية هو للقضاء على الخنازير". كما أنه يجب على وزارة الزراعة من خلال وزارة الخارجية الأردنية الطلب من الجانب الصهيوني اتخاذ إجراءات لمنع دخول الخنازير، خصوصا أن الكيان متطور تكنولوجيا أكثر من الأردن ويملك وسائل علمية لمنع دخول الخنازير. أما بخصوص الحرائق فيجب أن يكون هنالك تعويض للمزارعين الأردنيين المتضررين من هذه الحرائق".

وتسببت الحرائق الإسرائيلية التي يتم إشعالها من خلال إطلاق القنابل التنويرية وانفجار الألغام، وحرق الأعشاب على الأسلاك الشائكة لمراقبة الحدود، بخسائر كبيرة طالت أشجار الحمضيات وأشجار الزيتون وأنابيب الري وآليات الزراعة وأشجارا حرجية ولوازم زراعية ومعدات آبار الري، بالإضافة إلى أضرار بيئية ناتجة عن تلويث الجو.

وفي الوقت الذي تدمر فيه إسرائيل المزارع الأردنية الحدودية، يعتبر الأردن سوقا لبعض المنتوجات الزراعية الإسرائيلية رغم حملات المقاطعة الشعبية، ومن أشهر تلك الأصناف الجزر والكاكا والمانجا.

و يبين تقرير وزارة الزراعة للصادرات والمستوردات السنوية المنشور على موقع الوزارة الإلكتروني، أن الأردن استورد من إسرائيل نحو 228 طنا من الجزر و60 طنا من الأفوكادو نهاية العام الماضي.

وصدر الأردن بدوره في ذات الفترة، نحو 1621 طنا من الخضار والفواكه إلى إسرائيل، من بينها 1347 طنا من الزيتون الذي تعيد إسرائيل بيعه في الأسواق الأوروبية على أنه منتج إسرائيلي.