استقالة رئيس جهاز الاستخبارات التركية
هاكان فيدان ليترشح في الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في السابع من شهر حزيران/ يونيو المقبل، أشعلت فتيل التكهنات حول مستقبل الصراع بين الحكومة و"
الكيان الموازي" المتغلغل في أجهزة الدولة. وتعليق
أردوغان على استقالة فيدان من رئاسة جهاز الاستخبارات قائلا إنه لا ينظر إلى ترشحه بإيجابية، صب الزيت على نار النقاش.
"لماذا يعترض أردوغان على استقالة فيدان؟"، و"كيف استقال فيدان على الرغم من معارضة أردوغان؟"، و"لماذا شجَّع داود أوغلو رئيس جهاز الاستخبارات على دخول المعترك السياسي؟"، وأسئلة أخرى يبحث الرأي العام التركي الآن عن أجوبتها.
هاكان فيدان يأتي على رأس المسؤولين الذين يثق فيهم رئيس الجمهورية التركي رجب طب أردوغان، بل ويعتبره "صندوق أسراره" و"صندوق أسرار
تركيا ومستقبلها" لطبيعة عمله في جهاز الاستخبارات.
وفي طريقه إلى كولومبيا، المحطة الأولى من جولته في أمريكا اللاتينية، جدد أردوغان استياءه من استقالة فيدان، وذكر في حديثه للصحفيين المرافقين له على متن الطائرة أن فيدان ربما أراد أن يترشح ليصبح نائبا أو ما هو دون ذلك أو ربما تلقى بعض الوعود، وأنه قال له بوضوح إنه لا يرى استقالته أمرا صائبا؛ بل يرى ضرورة استمراره في عمله لأن جهاز الاستخبارات ليس مؤسسة عادية، مضيفا أن فيدان أخبره بأنه "تعب" ولا يريد الاستمرار في منصبه.
ومن الواضح أن أردوغان كان يفضّل بقاء فيدان على رأس جهاز الاستخبارات التركية لأهمية دور هذا الجهاز في مكافحة الكيان الموازي، ولأنه يرى اجتثاث خلايا هذا الكيان من أجهزة الدولة والتصدي لمؤامراته على رأس الأولويات، ويشير قوله "حتى لو بقيت وحدي سأستمر في مكافحة الكيان الموازي" إلى مدى عزمه ونيته في مواصلة المعركة حتى النهاية، وأنه يرى استقالة فيدان من رئاسة جهاز الاستخبارات كأنه "التولي يوم الزحف"، أو "النزول من جبل الرماة قبل انتهاء المعركة"، والهروب من الساحة بينما كانت الحرب ضد الكيان الموازي تسير على قدم وساق.
المقربون من فيدان يرون أنه لا يهرب من مكافحة الكيان الموازي أو متابعة ملف عملية السلام الداخلي الذي يعرف كل تفاصيله، ولكنه يريد الانتقال من ساحة البيروقراطية إلى ساحة السياسة ليواصل المعركة فيها، لأنه مهما كان رئيسا لأهم جهاز فإنه بيروقراطي معين وليس سياسيا منتخبا يحظى بتفويض شعبي، ويقولون إنه يؤمن بتعزيز دور السياسيين ومكانتهم، وهناك من يقول إنه رأى تردد بعض الوزراء في مكافحة الكيان الموازي وأراد أن ينزل الساحة.
ومن المؤكد أن هاكان فيدان لم يقدم استقالته من منصبه ليصبح مجرد نائب في البرلمان، وهناك تكهنات مختلفة حول مهمته الجديدة بعد الانتخابات والحقيبة الوزارية التي يطالب بها؛ فمنها ما يقول إنه سيتولى وزارة الخارجية ومنها ما يعطيه حقيبة وزارة الداخلية، ومن المستبعد أن يتولى فيدان رئاسة الوزراء في ظل أحمد داود أوغلو. ويدور الحديث في الكواليس السياسية والإعلامية عن احتمال استحداث حقيبة وزارية جديدة بعد الانتخابات لمتابعة قضايا الأمن وملف عملية السلام الداخلي يتولاها هاكان فيدان، ليستكمل الأعمال التي بدأها حين كان رئيس جهاز الاستخبارات.
يبدو أن هناك اختلافا في وجهات النظر بين أردوغان وفيدان حول الأنسب لهذا الآخر في المرحلة المقبلة، وأن رأي داود أوغلو يتطابق مع رأي فيدان، ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو: "هل هذا الاختلاف يمكن أن يتحول إلى خلاف يهدد التنسيق والتكامل بين الحلفاء؟"، إلا أن الكثير من المراقبين يستبعدون ذلك ويقولون إن المعنيين، أردوغان وداود أوغلو وفيدان، يجدون حلا مناسبا يرضي الجميع.
ومن اللافت وسط هذه التكهنات والنقاش أن قادة من حزب الشعب الجمهوري المعارض يقولون إن هاكان فيدان سيتولى رئاسة الوزراء بعد الانتخابات، ما يعني أن هذا الحزب ليس لديه أدنى أمل في الفوز بالانتخابات البرلمانية وأنه استسلم من الآن للهزيمة ورضي بها، ولا يعطي لتولي زعيم الحزب كمال كيليتشدار أوغلو رئاسة الوزراء أي احتمال.