نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلها في
غزة جون ريد، يقول فيه إنه في صباح أحد أيام كانون الأول/ ديسمبر، ظهرت على الجدران الخارجية لجامعة الأزهر في غزة ملصقات تشتم رئيس
السلطة الفلسطينية محمود
عباس.
ويشير الكاتب إلى وجود ملصق ظهر فيه رأس عباس وقد التف حبل حوله. وفي ملصق آخر اتهم بأنه يقوم بتهميش غزة، ويسيطر على حركة
فتح، وكأنها ملكه الشخصي، وكُتب على الملصق "كفى".
ويضيف ريد أنه بعد ذلك بساعات اجتمع الآلاف من مؤيدي مسؤول فتح السابق والمنفي محمد
دحلان في ساحة المدينة الرئيسة. وكان دحلان قد عمل مسؤول أمن فتح في القطاع، حتى قامت حركة حماس عام 2007 بإخراج أنصارها من غزة، والسيطرة على الحكم. حينها فقد دحلان مصداقيته، لأنه فشل في منع الحركة الإسلامية من السيطرة. وهرب في عام 2011 إلى رام الله، وطرد من قيادة فتح بعد خلافه مع عباس، ولم يعد إلى غزة منذ ذلك الحين.
وترى الصحيفة أن دحلان يسجل حضورا في غزة، عبر حملة تقوم على تقديم الدعم السخي وتوزيع الأموال من خلال داعمين معروفين، رغم أنه يقضي وقته ما بين القاهرة والإمارات العربية المتحدة.
ويجد ريد أن الدعم لدحلان يعبر بوضوح عن التشتت الذي أصاب السياسة الفلسطينية، ويكشف عن المعركة الحامية التي تدور حول من سيخلف عباس. ففي الشهر الماضي أكمل الرئيس الفلسطيني عامه العاشر في السلطة، وسيبلغ عمره في آذار/ مارس المقبل 80 عاما.
وينقل التقرير عن المحاضر في جامعة بير زيت، علي الجرباوي، قوله: "الرئيس يتقدم في العمر دون وجود طريقة معروفة أو مقبولة لنقل السلطة"، مضيفا أن الحال "ستنتهي بمعركة حامية حول من سيتولى الأمور من بعده".
وتبين الصحيفة أن اسم دحلان يظهر في المناسبات "الدحلانية"، مثل التظاهرة في مدينة غزة، في حين أن حركة فتح ألغت مسيرة أخرى للاحتفال بالذكرى العاشرة لوفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، لخوفها من اختطاف مؤيدي دحلان للمناسبة.
ويفيد التقرير بأن مؤيدي دحلان يستخدمون المؤسسة الإماراتية العاملة في غزة (جمعية خليفة)، من أجل تقديم المساعدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة في الصيف الماضي.
وتنقل الصحيفة عن عبد الحميد المصري، أحد "الدحلانيين" الذين علق نشاطهم في المجلس التشريعي الفلسطيني، قوله: "هدفنا هو خدمة أهل قطاع غزة". وأضاف: "نشعر بأن غزة منطقة مهمشة عند الحكومة الفلسطينية".
ويوضح التقرير أن حركة حماس، التي تدير القطاع، تشعر بالإحباط من فشل السلطة الوطنية في إعادة إعمار القطاع، بعد حرب الصيف، أو دفع أجور 40 ألف موظف عاملين في قطاع الخدمة المدنية. ويقول المصري إن الحركة سمحت لـ"الدحلانيين" بإعادة تنظيم أنفسهم ليكونوا "أداة ضغط على عباس".
ويذكر ريد أنه بالنسبة للغزيين، فإن الأموال التي تدفع باسم دحلان تعد بديلا مؤقتا وحيويا في جهود الإعمار، وبخاصة أنها لم تظهر الـ5.4 مليار دولار، التي تعهد بها المانحون الدوليون للمساهمة في إعمار غزة بعد الحرب.
ويورد التقرير أن عائلة عبد الدايم تقول إنها تلقت 4500 دولار من الأموال الإماراتية، سلمت عبر "لجنة دحلان"، بسبب الجروح التي أصابت ثلاثة من أفراد العائلة، وتأمل بالحصول على 10 آلاف دولار عن الذين قتلوا في الحرب.
وتلفت الصحيفة إلى أن العائلة شردت في القصف الجوي الإسرائيلي، ولجأت إلى مدرسة في مخيم جباليا شمال غزة. وتعيش الآن في بيت لم يكتمل بناؤه، وهو معرض للبرد والحر والريح والمطر.
وتؤكد العائلة أنها لا تتلقى مساعدة من الأمم المتحدة، ولكن من دحلان. ويقول خالد عبد الدايم: "لا أحد قدم لنا المساعدة، فقط دحلان هو الذي ساعدنا مئة بالمئة، ونشكر كل من يقدم لنا العون"، بحسب التقرير.
وينوه الكاتب إلى أن دحلان يبلغ من العمر 53 عاما، وهو شاب بمقاييس القيادة في فتح. ويقال إنه يتلقى دعما من مصر والإمارات العربية المتحدة، وهما البلدان العربيان اللذان يقودان الحرب ضد الإسلاميين. وهناك إشاعات تقول إنه عقد اجتماعات مع قادة إسرائيليين.
ويشير التقرير إلى أن دحلان أصبح مستشارا مقربا من ولي العهد الإماراتي الشيخ محمد بن زايد في الإمارات العربية المتحدة، حيث إنه يساعده في إظهار قوته العسكرية والمالية ضد الإسلاميين. وقد قامت أبو ظبي في عام 2012 بملاحقة الإسلاميين الإماراتيين، ودعمت الانقلاب على الإخوان المسلمين ورئيسهم المنتخب محمد مرسي في مصر.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى ما كتبه الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية، غرانت روملي: "يقوم دحلان على ما يبدو بتحضير نفسه، والانتظار في الجناح".