كتبت صحيفة "الغارديان" عن
الفيلم الإيراني عن حياة النبي محمد، الذي سيعرض يوم غد في العاصمة الإيرانية طهران، وكلف الملايين، ويعد من أكبر المشاريع الإنتاجية حتى الآن عن حياة نبي الإسلام.
ويشير التقرير إلى أنه سيكون الفيلم الافتتاحي لمهرجان الأفلام في إيران. ويثير الفيلم، الذي أنتج بأموال ومخرجين وممثلين إيرانيين، جدلا، ليس لأنه يصور النبي، ويقوم شخص بتمثيل دوره، ولكن لأنه يعبر كذلك عن الرؤية الإيرانية حول الطريقة التي انتشر فيها الإسلام، وكيف عاش النبي حياته.
ويقول المنظمون للمهرجان، إن الفيلم سيعرض خارج المسابقة، من أجل الحفاظ على كرامة النبي.
وتبين الصحيفة أن الفيلم الإيراني يأتي في ظل انتقادات الحكومة الإسلامية في طهران للطريقة التي تم فيها تصوير النبي في الغرب. وكانت إيران من أشد الناقدين للصور المسيئة للرسول ولنبي الإسلام، وبخاصة للمجلة الفرنسية الساخرة "شارلي إيبدو".
ويفيد التقرير بأن المخرج الإيراني المعروف مجيد
مجيدي، هو من أخرج الفيلم "محمد: رسول الله"، وهو مخرج مرتبط بالمؤسسة الإيرانية، وعمل مدة خمس سنوات بتكتم كبير من أجل إنتاج فيلم يعد ثاني أضخم إنتاج عن حياة
الرسول، بعد فيلم المخرج السوري الراحل مصطفى العقاد "
الرسالة" عام 1976ـ الذي قاد البطولة فيه الممثل الإيطالي أنتوني كوين. وأثار الفيلم انتقادات واسعة، رغم أنه لم يظهر صورة النبي على الشاشة.
وتذكر الصحيفة أن مجيدي لديه تحفظات حول فيلم العقاد، الذي يقول إنه فشل في تقديم صورة حقيقية عن نبي الإسلام؛ لأنه ركز على "الجهاد والحرب"، وعليه "فصورة الإسلام في الفيلم تنحصر بالسيف".
ويلفت التقرير إلى أن فيلم مجيدي هو جزء من ثلاثية عن حياة النبي محمد، يبدأ الأول منها من ولادته حتى عمر الثانية عشرة ورحلته الأولى إلى الشام ولقائه بالراهب بحيرة، الذي يعتقد أنه تنبأ بأن يكون محمد نبيا.
وتشير الصحيفة إلى أن العروض الدولية للفيلم ستبدأ في آذار/ مارس المقبل، وستعرض منه نسختان، واحدة بالإنكليزية وأخرى بالعربية، ولن يظهر وجه النبي في الفيلم، حيث إن المخرج عمل مع مصور الأفلام الإيطالي الشهير فيتوريو ستوراو، الذي حاز على جائزة الأوسكار عن أفلام مثل "القيامة الآن" و"التانغو الأخير في باريس"، فعمل مع المخرج على الضوء ومستوياته المتعددة من الظلام إلى النور من أجل تصوير البعد الديني في الفيلم.
ويوضح التقرير أن هناك مخاوف من أن يثير الفيلم جدلا؛ نظرا لأن إيران الشيعية منتجة الفيلم والشيعة لا يمانعون في تصوير الرموز الدينية. ولهذا السبب فقد حاول مجيدي تخفيف حدة هذه المشاعر، وقال إنه استشار عددا من علماء الشيعة والسنة من أنحاء العالم الإسلامي.
وتنقل الصحيفة ما قاله مجيدي في مؤتمر صحافي الشهر الماضي: "اخترنا فترة من حياته، حيث إنه لم تكن هناك لا جماعات ولا علماء سنة أو شيعة، وصنعنا الفيلم من أجل تحقيق الوحدة في العالم الإسلامي". وأضاف أن الهدف من صناعة الفيلم هو تقديم صورة الإسلام بطريقة جيدة، "فصورة الإسلام اليوم لا تتوافق مع جمالياته".
ويستدرك التقرير بأنه بالرغم من ذلك فقد تعرض الفيلم للنقد، حيث إن الأزهر طلب من إيران عدم عرض الفيلم، فيما تخطط قطر لإنفاق مليار دولار على إنتاج فيلم ضخم عن حياة النبي محمد. وأصدر الأزهر في عام 2012، عندما خرجت الأنباء عن مشروع إنتاج الفيلم الإيراني، بيانا جاء فيه: "نطالب بعدم عرض الفيلم حتى لا تظهر صورة مشوهة عن نبي الإسلام، وندعو صناع الفيلم لاحترام الأديان والأنبياء".
ورد مجيدي قائلا: "أنا واع لمظاهر القل، ونحن حساسون تجاه الرموز الدينية، ولكن لماذا ينتقدون الفيلم قبل مشاهدته؟".
وأضاف قائلا: "في الوقت الذي أنتج فيه 250 فيلما عن النبي عيسى و120 عن النبي موسى و80 عن الأنبياء الآخرين و40 عن بوذا، فإنه لم ينتج عن حياة النبي الرسول سوى "الرسالة"، وبهذا فقد فشلنا في تقديم نبينا للغرب، وعليه فسيظل الأعداء أعداء"، بحسب الصحيفة.
وتجد الصحيفة أنه من المؤكد أن مجيدي سيواجه نقدا للفيلم من الخارج، ولكنه سيجد ترحيبا في إيران، فالمرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي يدعم الفيلم، ما يعني أنه لن يجد الإعلام في إيران مجالا لنقد الفيلم، بل إنه سيتلقى الثناء.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن جمعية "بوياند مستزعفان" (المستضعفون) قد مولت الفيلم، وهي جمعية تابعة للمرشد الأعلى. وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2012 زار خامنئي موقع تصوير الفيلم في جنوب طهران، حيث تمت إقامة مجسمين كبيرين لمدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة. ويعد الفيلم من الإنتاجات الإيرانية الضخمة وبميزانية 30 مليون دولار أمريكي.