تواصلت ردود الأفعال المتباينة حول عمل فني سحبته فنانة فرنسية ذات أصول جزائرية، من
معرض فني، بعد اتهامها بالإساءة للإسلام من خلاله.
يأتي ذلك فيما قالت "كريستين أوليه"، المسؤولة عن المعرض لصحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، مساء أمس الأربعاء: "سنعيد العمل الفني الخاص بزليخة إلى المعرض خلال الأيام القليلة القادمة"، وهو ما لم تؤكده زليخة حتى اليوم.
وفيما دافعت الفنانة عن عملها، معتبرة أنه يطرح سؤالا عن مكانة المرأة في الإسلام، انتقده ممثلو العديد من الهيئات الفرنسية الإسلامية، وسط تحذيرات بأنه سيكون سببا جديدا لإثارة غضب الأقلية المسلمة في فرنسا.
ووضعت زليخة في عملها الفني وهو لوحة تركيبية، أطلقت عليها اسم "الصمت"، 28 حذاء نسائيا مرصعا فوق 28 سجادة صلاة متراصة في صفوف داخل غرفة.
وكان من المقرر تقديم العمل في معرض "فيمينا" بمركز الفن المعاصر ببلدية "كليشي" التابعة لإقليم "او دو سين"، شمال فرنسا، قبل أن تنسحب من المعرض بسبب الجدل الذي أثاره عملها.
من جهتها، قالت "ستيفاني ماجنان"، وهي من المسؤولين عن المعرض، إنها اجتمعت مع عمدة بلدية كليشي وطلبت منه "اتخاذ التدابير اللازمة من أجل حماية المعرض ومن أجل إجراء اتصالاته للسماح لعمل (الصمت) بالعودة من جديد، لتقوم زليخة بنفسها بشرح فكرتها للجمهور ولتدافع عن حقها في التعبير".
وقررت زليخة سحب عملها الفني من المعرض قبل افتتاحه مباشرة يوم 24 كانون الثاني/ يناير الجاري، عقب خطاب أرسله "اتحاد المنظمات الإسلامية في كليشي" إلى عمدة البلدية أعرب فيه عن قلقه من أن يثير "هذا العمل المهين لركن أساسي من أركان الإسلام، وهو الصلاة، موجة من الأحداث العدائية في فرنسا".
وتحدثت زليخة عن عملها المثير للجدل، في تصريحات نقلتها صحيفة "لوموند"، قائلة: "هدفي من عملي الفني ليس بأي حال من الأحوال إهانة الدين الإسلامي أو إحداث جدل وصدمة، أردت فقط أن أطرح رؤية نستطيع من خلالها الدخول في حوار عن العلاقة بين المقدس والمدنس.. لا أريد أن أزيد من الأزمة في هذه الظروف التي تمر بها فرنسا بسبب بعض التفسيرات الخاطئة لعملي الفني. لذلك قررت الانسحاب".
وقد أثار انسحاب زليخة من المعرض استياء عدد من الفنانات المشاركات فيه، وقالت الفنانة "أورلان": "أتفهم موقف زليخة ولكني لا أدعمه حيث إن الخوف من إثارة المشاكل سيكون بابا ضد حرية التعبير عن الرأي".
ويضم معرض "فيمينا" نحو 20 من الفنانات المعاصرات يهدفن من خلال أعمالهن الفنية إلى "إيجاد مكانة للمرأة في الإبداع الفني بعد أن ظل الرجل مسيطرا على هذا المجال لعدة قرون"، كما جاء على موقع المعرض على شبكة الإنترنت. وينتهي في 26 نيسان/ إبريل المقبل.
ولدت زليخة بوعبد الله عام 1977 في موسكو، ثم انتقلت للإقامة في الجزائر مع والدها الكاتب الجزائري المعروف حسن بوعبدالله ووالدتها مليكة دورباني المديرة السابقة لمتحف الفن الجزائري. وفي عام 1993 أجبرت الإضرابات والمواجهات المسلحة بين السلطات والإسلاميين في بلدها، أسرتها على الاستقرار بفرنسا.
واستطاعت زليخة منذ تخرجها في المدرسة الوطنية العليا للفنون في "سرجي بونتواز" سنة 2002، أن تتألق بسرعة في الساحة الفنية العالمية، حيث إنها عرضت أعمالها في العديد من المعارض بلندن وطوكيو وبرلين. وتعتمد زليخة في فنها على الصور والتركيبات الفنية.
وتشهد فرنسا منذ الهجمات على صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة في 7 كانزن الثاني/ يناير الجاري، وأسفرت عن مقتل نحو 12 شخصا، موجة من الاعتداءات على المسلمين في فرنسا.
وكان المجلس الإسلامي الفرنسي قد أعلن أن "الإسلاموفوبيا" تتصاعد ضد الأقلية المسلمة، وأكد المجلس أن نحو 100 اعتداء وقعت على هيئات ومساجد إسلامية من بينها إطلاق الرصاص.
ووصلت تهديدات لهيئات ومنظمات إسلامية، بالإضافة إلى ظاهرة سب المسلمين بشكل غير مسبوق حدوثه، كما أنه تم رصد الكثير من الرسوم العنصرية وآثار للرصاص على جدران عدد من المساجد والهيئات الإسلامية.