بمنطقة أثرية مطلة على الشاطئ الغربي لنهر النيل بمدينة أم درمان، غربي
الخرطوم، احتشد المئات مساء الأربعاء للمشاركة في افتتاح الدورة الثانية من
مهرجان السودان للسينما المستقلة.
المهرجان الذي تنظمه مجموعة "سودان فيلم
فاكتوري" (غير حكومية) التي تضم نخبة من السينمائيين الشباب، يهدف بحسبهم إلى "تطوير صناعة
السينما التي تكاد تكون منعدمة في البلاد رغم ازدهارها قبل عقود".
وشارك في حفل الافتتاح الذي أقيم بمنطقة الطابية الأثرية بمدينة أمدرمان غربي العاصمة الخرطوم، مسؤولون حكوميون وسينمائيون عرب وأفارقة وأوروبيون.
و"الطابية" عبارة عن ساحة مطلة على الشاطئ الغربي لنهر النيل، وتطوقها خنادق شيدها ثوار الدولة المهدية من الطين لصد الغزو الإنجليزي للبلاد عام 1898.
وسيعرض خلال المهرجان الذي يستمر أسبوعا وللمرة الأولى في السودان، أكثر من 40 فيلما من إنتاج بلدان أفريقية وعربية وأوربية وآسيوية، بحسب ما قاله رئيس المهرجان طلال عفيفي خلال كلمته في حفل الافتتاح.
ويأمل عفيفي أن تكون الدورة الثانية للمهرجان "انطلاقة حقيقية للسينما السودانية ومنصة علاقات وثيقة مع الشعوب من خلال فن السينما والفنون المجاورة".
بدوره قال وزير الثقافة السوداني، الطيب بدوي، خلال كلمته في الحفل، إن وزارته "مصممة على أن تعيد للسينما السودانية مكانتها".
ورأى أنه "من المهم جدا أن نعمل سويا لتستعيد الخرطوم تلك الأيام التي كانت تعرض فيها مختلف الأفلام بالتزامن مع عرضها للمرة الأولى في بلدانها".
ويؤرخ لبداية السينما في السودان في العام 1910، حيث شهد تصوير أول فيلم تسجيلي للمخرج السويسري دم دافيد عن رحلة صيد قام بها وعرض في مدينة الأبيض وسط البلاد في 1912، كأول مدينة تشهد عرضا سينمائيا.
بعدها بدأت السينما في الازدهار، خصوصا بعد استقلال البلاد من الاستعمار الإنجليزي في 1956، وافتتحت عشرات دور العرض، لكنها كانت تقتصر على عرض أفلام مصرية وأوروبية وأمريكية دون أفلام سودانية تذكر.
وشهد العام 1970 إنتاج أول فيلم سوداني روائي طويل، بعنوان "أحلام وآمال" للمخرج إبراهيم ملاسي، لكن العدد لمثل هذا النوع لم يبلغ الـ 10 أفلام على مدار 40 عاما.
ويلقي سينمائيون باللائمة على نظام الرئيس عمر البشير ذي الخلفية الإسلامية، بلعبه الدور الأكبر في تحجيم السينما بعد وصوله للحكم في 1989، حيث حلت حكومته مؤسسة السينما في 1991 وأغلقت أيضا نادي السينما.
وغالبية صالات العرض الآن مهجورة وبعضها تم هدمه، وما يعمل منها يقتصر على عرض أفلام هندية قديمة مع مستويات إقبال منخفضة جدا.
وسيقتصر عرض الأفلام المشاركة في المهرجان على دور عرض صغيرة بمراكز ثقافية، بعضها تابع لسفارات غربية مثل المركز الألماني والمركز البريطاني، وهما من الجهات الراعية للمهرجان.
وعرض في حفل الافتتاح فيلم "الخرطوم" للمخرج السوداني جاد الله جبارة، وهو فيلم وثائقي مدته 25 دقيقة عن ملامح المدينة في سبعينيات القرن الماضي، وذلك لأول مرة في السودان.
ويشمل المهرجان أيضا عقد ورش عمل ولقاءات تتناول الإنتاج وصناعة الأفلام وتاريخ السينما، يقدمها متخصصون من سويسرا وإيطاليا والسودان.