أكّد رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، أنّ "التنظيمات التي تأخذ شكل دول موازية لن تجد لها أرضية بعد اليوم في هذه البلاد، ولن تستطيع أخذ أنفاسها"، وذلك في كلمة متلفزة بثت تحت اسم "على مسار
تركيا الجديدة"، التي خاطب فيها الأمة، وقيّم من خلالها أعمال الحكومة في العام 2014 عامة، وفي الشهر الجاري بصفة خاصة.
وأوضح رئيس الحكومة التركية أن الشهر الجاري كانون الأول/ ديسمبر كان شهرا خاصا، معربا عن شكره للشعب التركي، لما أظهره خلال العام الحالي، الذي أوشك على الانتهاء "من وعي ديمقراطي، لذلك نحن مدينون لكافة أطياف الشعب التركي بالشكر".
وتابع داود أوغلو بأن "هذا الشكر واجب، لأننا في مثل هذه الأيام من العام المنصرم، ظهرت قبالتنا جهات خططت للقيام بأمور ظلامية لها علاقة بالمستقبل الديمقراطي في تركيا، تلك الجهات التي بذلت كل ما في وسعها من أجل رسم صورة معتمة للبلاد، يتم فيها الانقلاب على حكومة منتخبة، وبالتالي تعريض البلاد لأزمة اقتصادية كبيرة".
وأفاد داود أوغلو أن "العام 2014 يعدّ العام الذهبي للديمقراطية، حيث استطاع الشعب الرد على هذه المحاولات الانقلابية، في استحقاقين انتخابيين، أولهما الانتخابات المحلية التي شهدتها تركيا في آذار/ مارس الماضي، ثم الانتخابات الرئاسية في آب/ أغسطس التي اختار فيها رئيسه لأول مرة في تاريخ البلاد، وأوضح بذلك مدى ولائه وارتباطه بالعملية الديمقراطية وسيلةً للتعبير عن رأيه واختيار الجهة التي يريدها".
وأعرب رئيس الحكومة التركية عن أمله في أن يخرج الشعب التركي من الانتخابات النيابية المقبلة "بالشكل ذاته الذي تم في الانتخابات الماضية، ليؤكد مدى تمسكه بالديمقراطية، ليحدد بها مصير الوطن، ومصيره هو أيضا"، مؤكدا أن هناك الكثير من الدلائل التي تشير إلى حرص هذا الشعب على الحفاظ على مبادئ الديمقراطية في البلاد.
الاتحاد الأوروبي
وبخصوص الاتحاد الأوروبي، أكد رئيس الحكومة التركية عزمهم المضي قدما في طريق المفاوضات، لافتا إلى أن الزيارات المتوالية للمسؤولين الأوروبيين لتركيا "تشير إلى أن أنقرة جزء لا يتجزأ من القارة الأوروبية، فتاريخ أوروبا لا يمكن كتابته بدون قراءة تاريخنا ووثائقنا الموجودة في دور المحفوظات".
وأضاف: "من يريدون جعلنا خارج أوروبا أقول لهم ولغيرهم: تركيا جزء من أوروبا، ومن تاريخها، ومن بنائها الاجتماعي، ومن اتحادها الجمركي الاقتصادي، ونحن مواصلون طريق الانضمام بكل عزم، لكن ليعلم الجميع أن النظام السياسي الذي يحكم تركيا لديه قوة تمكنه من تحديد خياراته بعد ذلك، وحينما نقوم بهذه الخيارات لا نتلقى التعليمات من أحد".
تركيا بلد سلام واستقرار
وأفاد رئيس الحكومة التركية أن "كل هذه الحركة الدبلوماسية والسياسية تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن تركيا بلد ينعم بالسلام والاستقرار، بالرغم من طوق النيران الذي يحيط بالعديد من دول الجوار"، مؤكدا أنهم سيعملون بجد ليل نهار من أجل التعاطي مع المشكلات المحيطة بهم لإيجاد حل لها "لأن الشيء الوحيد الذي نرغبه هو تحقيق السلام والاستقرار في جميع المناطق من حولنا".
وتابع: "حينما نتخيل شرقا أوسط جديدا، ومنطقة بلقان جديدة، يكون هدفنا تحقيق ذلك من خلال منظور يتسم بالاستقرار والسلام"، موضحا أن تركيا قادرة على ذلك لما تتمتع به من مكانة سياسة واقتصادية كبيرة "فنحن نترأس في الوقت الراهن مجموعة العشرين الاقتصادية".
جهات منزعجة من تقدم مسيرة السلام
من جهته، قال نائب رئيس الحكومة التركية، بولنت أرينج إن "الأحداث التي شهدتها ولاية شرناق، السبت الماضي، توضح لنا أن الجهات التي تغذت على الإرهاب لسنوات طويلة، وترى فيه -أي الإرهاب- مصدر دخل لها، لن تستطيع التخلي بصعوبة عن عاداتها القديمة، وتوضح لنا كذلك أن هناك كيانات عميقة داخل (بي كا كا) أزعجتها المراحل المتقدمة التي تم إحرازها في مباحثات مسيرة السلام الداخلي".
والأحداث التي ذكرها أرينج وقعت السبت الماضي، وكانت عبارة عن اشتباكات بين مجموعة من الذراع الشبابي لمنظمة "بي كا كا"، وأخرى من أعضاء حزب "القضية الحرة" ذي التوجه الإسلامي، وأسفرت تلك الاشتباكات عن مقتل ثلاثة أشخاص، وإصابة خمسة آخرين.
وقال أرينج إن "هذه الكيانات العميقة لم تستطع تحمّل صوت ولون مغاير لما تريده هي -في إشارة إلى حزب (القضية الحرة)- فيرفضون أي توجه آخر مغاير لتوجههم"، مستنكرا أعمال العنف التي شهدتها تلك الاشتباكات، وما أسفرت عنه من خسائر بشرية ومادية.