أحدث إنشاء الحكومة
الجزائرية، صندوقا للمطلقات الحاضنات، باسم "صندوق النفقة"، جدلا واسعا تمخض عنه "بلبلة" اجتماعية، بين مؤيدين للصندوق باسم "التضامن الاجتماعي مع المطلقات" وبين الرافضين له باعتباره" أداة للتشجيع على
الطلاق وتحلل المجتمع بالجزائر".
وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، أعلن في رسالة له نقلها وزير العدل الطيب لوح بمناسبة عيد المرأة في الثامن من آذار/ مارس الماضي، عن إنشاء صندوق للمطلقات الحاضنات لأطفال لـ"مساعدة المرأة على إعالة أطفالها"، ويوم 25 آب/ أغسطس، صادق مجلس الوزراء الجزائري على القانون.
وأثار إنشاء الصندوق جدلا واسعا، بين المؤيدين له و الرافضين، موازاة مع دخوله حيز الخدمة، بعد إحالته على لجنة خاصة بوزارة العدل بالجزائر.
واستقصت صحيفة "عربي21"، أراء المختصين، بالجزائر، حول الجدوى من الصندوق، فتوزعت مواقفهم بين مؤيد ومعارض.
وقالت سعيدة بن حبيلس، الوزير السابقة والرئيسة الحالية للهلال الأحمر الجزائري، لـ"عربي21"، الاثنين: "تفاجأت للجدل الصاخب الذي رافق الإعلان عن إنشاء صندوق المطلقات الحاضنات، ومن يعارضه أقول له، قد تكون المرأة المعنية بالاستفادة من النفقة، أختك أو أمك أو ابنتك".
لكن المحامي كمال بوقافة يؤكد أن الصندوق "له آثار سلبية أكثر منها إيجابية، فالكثير من النساء يأتين لمكتبي للسؤال عن مبلغ النفقة، ومع احترامي لكل النساء الجزائريات، أنا أراه أداة سلبية، لأنه يشجع على وضع حد للرابطة الزوجية المقدسة"، وأضاف بوقافة: "في السابق كانت للقاضي السلطة التقديرية في قبول الخلع لصالح الزوجة لكن، مع القانون الجديد الذي أنشأ بموجبه الصندوق أصبح الخلع أمرا سهلا وهذا خطر على المجتمع".
لكن سعيدة بن حبيلس تعارض هذا الموقف عندما تؤكد أنه "لا ينبغي لنا أن نفكر بمنطق صراع بين رجل وامرأة، وهذه الآلية ملحة في مجتمعنا، وأعارض من يقول أن الصندوق يقرب فكرة الطلاق وأتحدى أي كان أن يقول بأن المرأة يمكن أن تبيع سعادتها الزوجية من أجل حفنة قليلة من الدنانير"، وتابعت بن حبيلس "هذا غير معقول وغير منطقي".
والكثير من الجزائريين، لم يفهموا بالضبط آليات عمل صندوق المطلقات، وطبيعة اختصاصه ودوره، وماهي الحالات المحددة التي تمكن للمرأة من الاستفادة من أموال الصندوق بعد الطلاق.
وتقول المحامية المهتمة بشؤون الأسرة، فاطمة الزهراء بن براهم، لصحيفة "عربي21"، الاثنين" الناس فهمت هذا الإجراء غلط، لأن الكثير من النساء يعتقدن أنهن بإمكانهن طلب الطلاق طالما أنهن يستفدن من نفقة الدولة، بينما لا يمكن لهن الاستفادة منه إلا في حالة عدم استطاعة الزوج دفع النفقة لفائدة الأطفال".
وتابعت بن براهم: "لا يمكن أن يتحول الصندوق إلى بقرة حلوب وإنما ينبغي تحديد دوره بدقة وإلا فنحن لم نفعل شيئا".
وعكس المؤيدين للصندوق، يرى الأخضر بن خلاف، النائب البرلماني عن "جبهة العدالة و التنمية"، ذات التوجه الإسلامي، لصحيفة "عربي21"، أن "الحكومة تغالط النساء الجزائريات، والصندوق ينم عن خطوة سياسية لحصد أصوات النساء في الانتخابات"، وتابع: "كان على الحكومة أن تعزز أدوات إقامة الصلح بين الأزواج قبل الطلاق وليس تشجيع الطلاق من خلال صندوق النفقة"، كما قال: "أخشى أن تقع النساء فريسة سهلة لهذا الصندوق".
وتقدر وزارة العدل وجود 600 ألف حالة طلاق بالجزائر، سنويا، وهناك 100 ألف طفل ضحية للطلاق، وبين مؤيد لإنشاء الصندوق ومعارض له، هناك من يعتقد أن ثمة واقع اجتماعي جديد بالجزائر يتعين مسايرته بتغيير القوانين، وجزء من هذا الواقع يكمن في ارتفاع حالات الطلاق بالبلاد، بصفة مضطردة، بينما الكثير من الأزواج لا يستطيعون تسديد نفقة الأطفال.