يعدّ زعيم "
تنظيم الدولة" أبو بكر
البغدادي الذي نصب نفسه "خليفة" ويفرض سطوته على مناطق تمتد بين
العراق وسوريا، رجلا ظل نادر الظهور، وتحوّل خلال أشهر إلى أحد أخطر المطلوبين في العالم.
ونشر التنظيم الخميس تسجيلا صوتيا منسوبا إلى البغدادي، بعد أيام من رواج تقارير وشائعات عن إمكان مقتله أو إصابته في غارات للتحالف الدولي بقيادة واشنطن قرب الموصل في شمال العراق الجمعة.
كما تردد أن "الخليفة إبراهيم" أصيب في غارات نفذت في غرب العراق قرب الحدود السورية. إلا أن أيا من هذه التقارير لم يتأكد، أكان من الجيش الأميركي، أو السلطات الرسمية العراقية.
وأبرز البغدادي في التسجيل الذي لا يمكن تأكيد صحته، نبرة تحدٍّ للتحالف الذي يشن غارات ضد التنظيم الذي يثير الرعب في سوريا والعراق.
وقال البغدادي في التسجيل "اطمئنوا أيها المسلمون، فإن دولتكم بخير وبأحسن حال. لن يتوقف زحفها وستظل تمتد بإذن الله، ولو كره الكافرون".
ويقود البغدادي "تنظيم الدولة" الذي أعلن في 29 حزيران/ يونيو إقامة "الخلافة الإسلامية" على مناطق واسعة من العراق وسوريا بعد قرن على انتهاء آخر نظام خلافة في التاريخ مع سقوط الإمبراطورية العثمانية.
وكان البغدادي لأعوام مضت، زعيما لتنظيم "دولة العراق الإسلامية"، فرع تنظيم
القاعدة. إلا أنه اختلف مع القيادة المركزية للقاعدة بزعامة أيمن الظواهري حول النزاع السوري، حيث أحاط الظواهري بعباءة القاعدة، تنظيم "جبهة النصرة" الذي رفض الاندماج مع البغدادي في تنظيم واحد.
وشن تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" بزعامة البغدادي، هجوما كاسحا بداية حزيران/ يونيو في العراق، أتاح له السيطرة على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها، قبل أن يعلن نهاية الشهر نفسه إقامة "الخلافة" واستبدال اسم التنظيم ليصبح "الدولة الإسلامية".
وفي آب/ أغسطس، شن التنظيم هجوما جديدا في شمال العراق باتجاه إقليم كردستان، ما دفع الولايات المتحدة إلى البدء بحملة من الضربات الجوية في اطار تحالف دولي.
وأرسلت واشنطن 1400 من جنودها إلى العراق لحماية مصالحها وتقديم المشورة للقوات العراقية والكردية، وتعتزم إرسال حتى 1500 جندي إضافي لتدريب الجنود المحليين وأبناء العشائر على قتال التنظيم.
وأعلن البغدادي "خليفة للمسلمين" في 29 حزيران/ يونيو، ودعا المسلمين في أول ظهور علني له في مدينة الموصل، إلى طاعته، بحسب ما جاء في تسجيل مصور نشرته مواقع تعنى بأخبار الجهاديين.
وارتدى البغدادي ذو اللحية الرمادية الطويلة، وهو يخطب بالمصلين في الموصل، عباءة سوداء، ووضع على رأسه عمامة سوداء أيضا. وهي المرة الوحيدة الذي ظهر في شريط مصور.
وبحسب المواقع الجهادية، فإن البغدادي الذي يلقب بالقرشي والحسيني، يدعى إبراهيم عواد إبراهيم البدري. ولد في سامراء عام 1971 بحسب واشنطن، والتحق بالعمل المسلح ضد القوات الأميركية التي غزت العراق في العام 2003، وأمضى وقتا في أحد السجون الأميركية في البلاد.
وفي العام 2005، أعلنت القوات الأميركية عن اعتقادها أنها قتلت "أبو دعاء"، وهو أحد الأسماء الحركية التي استخدمها البغدادي، في قصف جوي عند الحدود العراقية السورية.
لكن يبدو أن هذه المعلومات غير صحيحة، إذ تزعّم هذا الرجل قيادة "دولة العراق الإسلامية" في 2010 إثر مقتل اثنين من قادته في عملية أميركية عراقية مشتركة.
ومنذ ذلك الحين بدأت المعلومات حول البغدادي بالتراجع حتى الندرة.
في تشرين الأول/ أكتوبر 2011، أدرجته وزارة الخزانة الأميركية على لائحة الإرهاب، ورصدت مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار لمن يقدم معلومات تؤدي إلى اعتقاله.
وفي 2014، نشرت الحكومة العراقية صورا للبغدادي، هي الأولى من مصدر رسمي، بدا فيها ملتحيا ويرتدي بزة رسمية.
ويعتقد أن البغدادي يؤدي دور القائد الميداني وواضع الاستراتيجيات، في نقيض للظواهري. وجذب التنظيم العديد من الأجانب للقتال معه، ويقدر عددهم بالآلاف. كما يعتمد على معرفة واسعة بطرق الترويج الإعلامي، لا سيما عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ولدى تزعمه "دولة العراق الإسلامية" في 2010، كان التنظيم في موقع ضعيف إثر العمليات العسكرية الأميركية التي اعتمدت بشكل كبير على تسليح العشائر السنية لقتال تنظيم "القاعدة".
إلا أن البغدادي استفاد من النزاع في سوريا المجاورة، للتمدد إليها في 2013.
وسعى البغدادي لدمج "دولة العراق الإسلامية" وجبهة النصرة التي كانت تقاتل ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، تحت مسمى "الدولة الإسلامية في العراق والشام". إلا أن الجبهة رفضت وبايعت الظواهري مباشرة، ما أدى إلى شرخ بين البغدادي من جهة، والظواهري وزعيم النصرة أبو محمد الجولاني من جهة أخرى.
إلا أن "تنظيم الدولة" تلقى هذا الأسبوع مبايعة جماعة "أنصار بيت المقدس" في مصر، في خطوة تشير إلى تنامي التنظيم خارج سوريا والعراق، وتزايد نفوذه على حساب تنظيم القاعدة.