كتب إيان بلاك، محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "الغارديان" أن عددا من الخطط التي قدمت لوقف
الحرب في
سوريا، قدمت ونسيت، ولكن الخطة، التي تقدم بها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا "لتجميد" الحرب على جبهات القتال، وتوسيع اتفاقيات وقف إطلاق النار، قد تكون الطريقة الوحيدة لوقف الحرب أو على الأقل تقليص المعاناة والفوضى والقتل.
ويقول بلاك إن دي ميستورا، الذي يعد ثالث مبعوث دولي ترسله الأمم المتحدة للتوسط في الأزمة السورية منذ اندلاعها في عام 2011، خرج بخطة عمل لتجميد الحرب في حلب المقسمة بين قوات الحكومة والمعارضة، حيث يطمح سكانها لفترة راحة من الحرب.
وعلق مكتب الرئيس السوري بشار الأسد بطريقة إيجابية على الخطة، وقال إنها جديرة بالبحث. وبالمقابل جاء الرد من المعارضة متشككا ومعاديا لها، فقد حذر الكثيرون من أن اتفاقيات
الهدنة السابق كانت عبارة عن استسلام لم يفد إلا النظام، وأعادت نوعا من الحياة الطبيعية إلى السكان السوريين المتعبين من الحرب، بحسب التقرير.
ووصف دي ميستورا مدينة حلب، التي تعد العاصمة التجارية لسوريا، بكونها المدينة المرشحة لتطبيق خطة التجميد فيها ووقف القتال والسماح بوصول المساعدات الإنسانية.
ويشير التقرير إلى أن مناقشة الفكرة تمت في سلسلة من المقترحات التي دعت لحل يبدأ "من الأسفل للأعلى" لوقف الحرب في ظل غياب استراتيجية دولية متماسكة، والأثر الذي تركه صعود الجهاديين على الوضع في سوريا.
ويرى مركز الحوار الإنساني في جنيف في وثيقة اطلعت عليها "الغارديان"، بأن "الحلول المحلية قد تكون نموذجا لتخفيض مستوى النزاع".
وجاء في الوثيقة أيضا "ببساطة هناك العديد من جماعات التمرد، بمصالح وأجندات مختلفة، محلية ودولية، حتى تكون هناك فرصة للتوصل لاتفاق دولي".
وتذهب الصحيفة إلى أن معدي الوثيقة يعبرون عن أملهم بتوسع اتفاقيات الهدنة "مثل بقع الحبر" في مناطق البلاد، حيث قتل في الحرب أكثر من 200.000 سوري، وشرد نصف السكان في داخل البلاد وخارجها.
ويفيد التقرير بأنه تم تقديم فكرة مقاربة من قبل يزيد صايغ من مركز كارنيغي الشرق الأوسط، حيث دعا "لهدن شاملة ومن طرف واحد، يتم تحقيقها بطريقة منفصلة ولكن متوازية".
وفي تقرير منفصل قدمته منظمة سورية للمجتمع المدني، "مدني" وهي منظمة غير حكومية، حيث تعاونت مع مدرسة لندن للاقتصاد في جامعة لندن وناقشت أن المبادرات المحلية، ساهمت في حماية الأرواح، ومع ذلك يجب دمجها ضمن ما تقول الدراسة إنه مدخل دبلوماسي "من أعلى لأسفل"، وتقول ريم تركماني، التي أشرفت على إعداد التقرير "بعد ثلاث سنوات ونصف مؤلمة، يحن السوريون للسلام"، بحسب "الغارديان".
وحللت الدراسة 35 اتفاق وقف إطلاق نار محليا، ودرست عوامل أخرى مثل الإفراج عن المعتقلين والخدمات المقدمة. ففي منطقة البرزة قرب دمشق تم نقض شروط الهدنة. وقالت تقارير محلية إن قوات الأسد كانت قادرة على نشر جنودها، وبسط سيطرتها على منطقة موالية للأسد.
ويرى بلاك أن شروط الهدنة عادة ما تتأثر بالتأثير الخارجي والمصالح الراسخة في اقتصاد الحرب، الذي خلق فرصا كبيرة لتحقيق الربح. فقد استخدمت الحكومة "الجوع أو الركوع" استراتيجية سمحت لها بفرض إرادتها على مناطق المعارضة. ففي البلدة القديمة في حمص بدأ المقاتلون التفاوض "عندما واجه السكان نقصا تاما في الخدمات الطبية ومنظور الموت جوعا، حيث أجبرهم ضغط المدنيين على التفاوض مع النظام".
ويبين الكاتب أن الباحثين يحذرون من إمكانية استفادة الحكومة السورية من اتفاقيات الهدنة. فبحسب إميل هوكايم من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، فاتفاقيات الهدنة هي "أسوأ اتفاقيات رغم نيتها الصادقة"، ورغم ذلك تحظى بدعم واسع من السوريين، خاصة اللاجئين، وفي ضوء التركيز الدولي على "
داعش" وتراجع الفرصة لعقد مؤتمر جديد في جنيف فلا توجد هناك حلول للأزمة السورية.
وينقل التقرير عن دبلوماسيين قولهم إن هناك أمورا مهمة يجب عملها فيما يتعلق بوقف إطلاق النار، مثل تحديد دول الأمم المتحدة، والتهديد بفرض عقوبات حالة فشل واحد من الطرفين بالالتزام بشروط الهدنة.
وتعرض الصحيفة لقول ناشط سوري "يرغب نظام الأسد بوقف إطلاق النار في كل مكان"، ويشبه الوضع عام 2007 و2008 عندما عاشت سوريا عزلة دولية، وبدأت تصدر أصواتا حول تسوية سلمية مع إسرائيل.
ويختم بلاك تقريره بالإشارة إلى أنه ليست هناك صفقة تم الاتفاق عليها، ولكن حصلت سوريا على عملية سلام، وهو ما كانت تريده وما تريده الآن. فالنظام يريد من الجميع الحديث عن وقف إطلاق نار، وجعل الدول الأخرى مثل السعودية وتركيا على خطأ، والتلاعب على آمال أميركا بعدم التورط في سوريا والخوف من "داعش"، بحسب قول الناشط.