كتب بولنت أردينتش: في مثل هذه الأيام قبل 100 عام، شكل العام 1914 نقطة تحول كبرى في تاريخ العالم. إذا تعرفت الإنسانية وللمرة الأولى على مفهوم الحرب العالمية، حرب شاملة رسمت العالم الجديد، وحددت مصير القرن، كما أنها قامت في الوقت ذاته بمواربة باب التوترات، والمواجهات التي استمرت لعقود.
وفي الوقت الحالي، نرى أن اتفاقية "سايكس – بيكو" البريطانية الفرنسية، التي مزقت الدولة العثمانية، وأسست دويلات صغيرة بحدود مصطنعة، قد أوشكت على الانتهاء، ومن ثم يتعين علينا بهذه المناسبة أن نعيد قراءة الحرب العالمية الأولى من جديد.
لكن ونحن بصدد إعادة قراءة الحرب العالمية الأولى، دعوني أقتبس جزءً من مقال لرئيس تحريرنا "أرغون دِلَرْ"، الذي عنونه باسم "سيرحلون"، وهو جزءٌ من وجهة نظري ، ويسلط الضوء على خلفية الأحداث التي نشاهدها في العصر الحالي... يقول فيها:
"هم سينظمون فاعلية لكل حدث أتم عامه المئة، وذلك حتى حلول المئوية الأولى للجمهورية التركية، أي حتى العام 2023. فعلى سبيل المثال يوما الـ14 والـ15 من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، سيتم تنظيم (ندوة الحرب العالمية الأولى) بمشاركة مؤرخين وعلماء مشهورين.
وسوف يأتي أحفاد (وينستون تشرشل) للمشاركة في تلك الفاعلية. هذه حقيقة الأمور، لها بعد دولي، في حين أننا كنا نعتقد أنها محلية، فكنا مثلا نقول ماذا يفعل حزب (الشعب الجمهوري) ؟، كنا بتلك الأسئلة نبحث عن العلاقة والروابط في الداخل.
لكن مع الأسف ليس هناك شئ. ومن المؤسف أن البريطانيين أقوياء للغاية داخل (الشعب الجمهوري)، وأنا أرى أن أتباع ذلك الحزب أنفسهم لا يعرفون ذلك، لكن حينما أُفكر في العلاقة التي تربط رئيس الحزب "كمال قليتشدار أوغلو" بـ"جورج سوروس"، يتبادر إلى ذهني سؤال "يا ترى" ؟ وذلك لأن هؤلاء الرجال ، ينظرون إلى العالم ويديرونه وكأنه ممرات في سوق، لهم في كل بلد مبادئ. أما في تركيا، فنجد أن "الشعب الجمهوري" حاضر في المشهد بتبنيه فكرة أن (الجمهورية والعلمانية تضيع)".
وبعد قراءة هذا التحليل الذي عرضه "دلر" في مقاله، وقعت يدي على كتاب "الدبلوماسية" للكاتب "إسماعيل صوصيال"، والموجود في مكتبتي بالمنزل.
هذا الكتاب قرأت فيه ملحوظة تاريخية هامة للغاية. هذه الملحوظة يرويها "توفيق رشدي أراص" وزير الخارجية التركي في عهد "مصطفى كمال أتاتورك"، إذ يقول فيها:
"في الفترة التي كنت فيها وزيرا للخارجية، لم يكن (أتاتورك) طرفا في اتفاق أو تحالف مع أي دولة عظمى، وليست بريطانيا وحدها، ظل على ذلك حتى غاب عن عالمنا كقائد عظيم (1938).. ولقد كانت لدى كلانا قناعة مفادها أن مثل هذه التحالفات تضر أكثر من أن تنفع".
هكذا قال وزير خارجية "أتاتورك"، لكن بعد أن توفى الأخير، آلت الأمور إلى "عصمت إينونو"، الذي شعر بحاجة ماسة إلى مفتاح بريطانيا، لكن حينما سقطت وزارته (1937 -1938)، حينما كان رئيسا للوزراء، عكف في منزله على دراسة اللغة الإنجليزية، حيث أخذ دورات بها. وكان لبريطانيا التي كانت القوة العظمى آنذاك، دورا كبيرا في اختياره رئيسا للبلاد خلفا لـ"أتاتورك". وكان الرد السريع للرئيس الجديد على هذه المكافأة، قيامه بتوقيع اتفاقية مع بريطانيا، وهو لم يُكمل عامه الرئاسي الأول بعد. (معاهدة التحالف بين تركيا وبريطانيا وفرنسا في 1939).
الغرب الذي خدع الأكراد
ثمة مساعي الآن تهدف إلى تدمير مسيرة السلام، والمصالحة التي تتبناها الحكومة التركية، منذ ما يقرب من عامين، بهدف تعزيز أواصر الأخوة بين الأكراد والأتراك. وليس من قبيل المصادفة أن تكون الدولتين البريطانية والألمانية العميقتين على رأس الدول التي تريد تدمير تلك المصالحة.
فبريطانيا وفرنسا حينما أعادتا تشكيل الشرق الأوسط في القرن الماضي (القرن العشرين)، عمدوا إلى تقسيم الأكراد بين أربع دول، وهم على علم أن هذا سيؤدي إلى حدوث مشاكل وأزمات. واستمرتا في ممارسة هذه السياسات الاستعمارية في القرن العشرين. وظلوا يضعون الخطط في كل من سوريا والعراق، مستغلين الأخوة الأكراد. ولعل السبب الوحيد في دعمهم لهم، هو النفط ولا شيء غيره.
واليوم نرى الغرب مهتما بمسألة إنشاء وتأسيس سياسة كردية جديدة. ومن يسعون لإنشاء تلك السياسية، لا تروقهم على الإطلاق عودة العلاقات التركية الكردية لطبيعتها، منزعجون جدا من هذا الأمر، ليست لديهم أي رغبة في ترك زمام المبادرة لحل أي مشاكل قد تتمخض عن القضية الكردية، وتسليمه إلى قيادة تركيا الجديدة.
النتيجة
الشيئ الذي يبعث على الحزن والأسف، هو أن عناصر "جبال قنديل"، ومنظمة "بي كا كا" يتعاونون بكل قوة مع أوروبا العميقة ، وأن الأكراد باتوا في يد المستعمرين الذين يدبرون لهم المكائد،مجرد وسيلة لتنفيذ أهدافهم.
وعلى الأخوة الأكراد أن يدركوا هذه الحقيقة جيدا، ويعلموا أنه لا فائدة مرجوة لهم من الغرب الذي خدع الأكراد مطلع القرن الماضي. عليهم أن يتذكروا جيدا، أن تركيا الحالية، ليست تركيا القديمة. وأخوتنا الأكراد الذين خدعهم الغرب قبل 100 عام، يقرأون هذه الحقائق جيدا.
(عن صحيفة "تقويم" التركية 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2014، ترجمة وتحرير "تركيا بوست"، خاص "عربي21")
وفي الوقت الحالي، نرى أن اتفاقية "سايكس – بيكو" البريطانية الفرنسية، التي مزقت الدولة العثمانية، وأسست دويلات صغيرة بحدود مصطنعة، قد أوشكت على الانتهاء، ومن ثم يتعين علينا بهذه المناسبة أن نعيد قراءة الحرب العالمية الأولى من جديد.
لكن ونحن بصدد إعادة قراءة الحرب العالمية الأولى، دعوني أقتبس جزءً من مقال لرئيس تحريرنا "أرغون دِلَرْ"، الذي عنونه باسم "سيرحلون"، وهو جزءٌ من وجهة نظري ، ويسلط الضوء على خلفية الأحداث التي نشاهدها في العصر الحالي... يقول فيها:
"هم سينظمون فاعلية لكل حدث أتم عامه المئة، وذلك حتى حلول المئوية الأولى للجمهورية التركية، أي حتى العام 2023. فعلى سبيل المثال يوما الـ14 والـ15 من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، سيتم تنظيم (ندوة الحرب العالمية الأولى) بمشاركة مؤرخين وعلماء مشهورين.
وسوف يأتي أحفاد (وينستون تشرشل) للمشاركة في تلك الفاعلية. هذه حقيقة الأمور، لها بعد دولي، في حين أننا كنا نعتقد أنها محلية، فكنا مثلا نقول ماذا يفعل حزب (الشعب الجمهوري) ؟، كنا بتلك الأسئلة نبحث عن العلاقة والروابط في الداخل.
لكن مع الأسف ليس هناك شئ. ومن المؤسف أن البريطانيين أقوياء للغاية داخل (الشعب الجمهوري)، وأنا أرى أن أتباع ذلك الحزب أنفسهم لا يعرفون ذلك، لكن حينما أُفكر في العلاقة التي تربط رئيس الحزب "كمال قليتشدار أوغلو" بـ"جورج سوروس"، يتبادر إلى ذهني سؤال "يا ترى" ؟ وذلك لأن هؤلاء الرجال ، ينظرون إلى العالم ويديرونه وكأنه ممرات في سوق، لهم في كل بلد مبادئ. أما في تركيا، فنجد أن "الشعب الجمهوري" حاضر في المشهد بتبنيه فكرة أن (الجمهورية والعلمانية تضيع)".
وبعد قراءة هذا التحليل الذي عرضه "دلر" في مقاله، وقعت يدي على كتاب "الدبلوماسية" للكاتب "إسماعيل صوصيال"، والموجود في مكتبتي بالمنزل.
هذا الكتاب قرأت فيه ملحوظة تاريخية هامة للغاية. هذه الملحوظة يرويها "توفيق رشدي أراص" وزير الخارجية التركي في عهد "مصطفى كمال أتاتورك"، إذ يقول فيها:
"في الفترة التي كنت فيها وزيرا للخارجية، لم يكن (أتاتورك) طرفا في اتفاق أو تحالف مع أي دولة عظمى، وليست بريطانيا وحدها، ظل على ذلك حتى غاب عن عالمنا كقائد عظيم (1938).. ولقد كانت لدى كلانا قناعة مفادها أن مثل هذه التحالفات تضر أكثر من أن تنفع".
هكذا قال وزير خارجية "أتاتورك"، لكن بعد أن توفى الأخير، آلت الأمور إلى "عصمت إينونو"، الذي شعر بحاجة ماسة إلى مفتاح بريطانيا، لكن حينما سقطت وزارته (1937 -1938)، حينما كان رئيسا للوزراء، عكف في منزله على دراسة اللغة الإنجليزية، حيث أخذ دورات بها. وكان لبريطانيا التي كانت القوة العظمى آنذاك، دورا كبيرا في اختياره رئيسا للبلاد خلفا لـ"أتاتورك". وكان الرد السريع للرئيس الجديد على هذه المكافأة، قيامه بتوقيع اتفاقية مع بريطانيا، وهو لم يُكمل عامه الرئاسي الأول بعد. (معاهدة التحالف بين تركيا وبريطانيا وفرنسا في 1939).
الغرب الذي خدع الأكراد
ثمة مساعي الآن تهدف إلى تدمير مسيرة السلام، والمصالحة التي تتبناها الحكومة التركية، منذ ما يقرب من عامين، بهدف تعزيز أواصر الأخوة بين الأكراد والأتراك. وليس من قبيل المصادفة أن تكون الدولتين البريطانية والألمانية العميقتين على رأس الدول التي تريد تدمير تلك المصالحة.
فبريطانيا وفرنسا حينما أعادتا تشكيل الشرق الأوسط في القرن الماضي (القرن العشرين)، عمدوا إلى تقسيم الأكراد بين أربع دول، وهم على علم أن هذا سيؤدي إلى حدوث مشاكل وأزمات. واستمرتا في ممارسة هذه السياسات الاستعمارية في القرن العشرين. وظلوا يضعون الخطط في كل من سوريا والعراق، مستغلين الأخوة الأكراد. ولعل السبب الوحيد في دعمهم لهم، هو النفط ولا شيء غيره.
واليوم نرى الغرب مهتما بمسألة إنشاء وتأسيس سياسة كردية جديدة. ومن يسعون لإنشاء تلك السياسية، لا تروقهم على الإطلاق عودة العلاقات التركية الكردية لطبيعتها، منزعجون جدا من هذا الأمر، ليست لديهم أي رغبة في ترك زمام المبادرة لحل أي مشاكل قد تتمخض عن القضية الكردية، وتسليمه إلى قيادة تركيا الجديدة.
النتيجة
الشيئ الذي يبعث على الحزن والأسف، هو أن عناصر "جبال قنديل"، ومنظمة "بي كا كا" يتعاونون بكل قوة مع أوروبا العميقة ، وأن الأكراد باتوا في يد المستعمرين الذين يدبرون لهم المكائد،مجرد وسيلة لتنفيذ أهدافهم.
وعلى الأخوة الأكراد أن يدركوا هذه الحقيقة جيدا، ويعلموا أنه لا فائدة مرجوة لهم من الغرب الذي خدع الأكراد مطلع القرن الماضي. عليهم أن يتذكروا جيدا، أن تركيا الحالية، ليست تركيا القديمة. وأخوتنا الأكراد الذين خدعهم الغرب قبل 100 عام، يقرأون هذه الحقائق جيدا.
(عن صحيفة "تقويم" التركية 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2014، ترجمة وتحرير "تركيا بوست"، خاص "عربي21")
شارك
المزيد من هذا الكاتب
