قالت العرب في أمثالها "أول الرقص حنجلة" وهو ما ينطبق على ما يجري الآن في
الأقصى حيث بدأ الاحتلال تصعيدا لافتا قبيل شهر رمضان الفائت فمنع المصلين تحت سن 50 عاما من الصلاة فيه، وقام بتشديد غير مسبوق على إحياء ليلة القدر، وتبع ذلك اقتحامات صباحية للمستوطنين، وليس آخرها مناقشة مشروع قرار سحب السيادة الأردنية عن الأقصى، ونشر لقوات ما يعرف بـ"حرس الحدود"، في أرجاء المدينة، وإغلاق الأقصى الذي بدأ صباح اليوم إلى إشعار آخر.
في الوقت الذي أكد رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مجددا، أن أعمال البناء ستستمر في
القدس المحتلة التي وصفها بـ "عاصمة إسرائيل إلى الأبد"، رافضا الاتهامات بأنها تبعد السلام.
ويرى أستاذ العلوم السياسية عبد الستار قاسم، أن إسرائيل ستحكم سيطرتها الكاملة على الأقصى، ولن يوقفها شيء. وقال لـ"عربي21": إن "إسرائيل تزحف على الأقصى وما دمنا بهذا الوضع ستسيطر عليه وستتحكم به إلا اذا حدث شيء طارئ في المنطقة مختلف تماما، أما ضمن الظروف القائمة، لا الشعب الفلسطيني قادر ولا الأمة العربية ولا القادة متعاونون، وبالتالي إمكانية التقسيم الزماني والمكاني واردة جدا".
بدوره استبعد المدير السابق للمسجد الأقصى ناجح بكيرات أن يقدم الاحتلال على سحب السيادة الأردنية عن المسجد الأقصى بالرغم من مطالبة أعضاء كنيست من اليمين المتطرف بذلك، مبررا ذلك بأن الاحتلال لا يريد الآن فتح المزيد من الجبهات، وبالتالي لن يقدم على هذه الخطوة، كذلك يربطه مع الأردن اتفاقيات مثل اتفاقية وادي عربة، خلال حديثه لـ"عربي21".
بينما قال الباحث في قضايا القدس عبد السلام عواد لـ"عربي21"، إن "المطالبات اليمينية بسحب السيادة الأردنية عن الأقصى جاءت فقط لجس نبض الأردن ومعرفة ردود فعلها على الموضوع، خاصة إن المستوطنين في الفترة الأخيرة رفعوا من سقف اعتداءات الاحتلال على الأقصى وعلى المقدسات في القدس بشكل عام، وما تم الإعلان عنه فقط لجس النبض، فإذا كانت ردود الفعل قوية لا يتم تنفيذ ذلك أما إذا كانت ضعيفة يمكن أن يطبق الأمر".
وأضاف، "بالمدى المنظور من الصعب جدا سحب السيادة لأنه سيؤدي إلى إشكاليات سياسية ودبلوماسية بين الحكومة الأردنية والإسرائيلية".
وحذر من فرض السيادة الإسرائيلية على المقدسات في القدس، وأوضح أنه "في حال سحب السيادة سيتشكل خطر كبير على الأقصى وخطوة خطيرة جدا تجاه المدينة المقدسة بشكل خاص والقضية الفلسطينية بشكل عام، لأن السيادة الأردنية حافظت على جزء كبير من المقدسات، ولم يحدث حتى الآن تغيرات جوهرية ولكن ما زال الاحتلال يهاب من القيام بخطوة تتعلق بسيادة الحكومة الأردنية، خاصة بسبب وجود معاهدة سلام وإسرائيل تخاف من إلغاء معاهدة وادي عربة أو سحب السفير إن أقدمت على ذلك، وهي مجرد خطوة تلويحية".
وكان الكنيست عقد الاثنين الماضي جلسة خاصة لمناقشة مقترح سحب السيادة الأردنية كاملة عن المسجد الأقصى المبارك، والذي قدّمه نائب رئيس الكنيست المتطرف "موشيه فيغلين" مطلع العام الجاري، وحضر الجلسة عدد من وزراء حكومة الاحتلال اليمينية ومؤسساتها، بالإضافة إلى حركات يمينية متطرفة.
وتم مناقشة فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على المسجد الأقصى، وقدم وزير الأمن الداخلي "يتسحاق اهارونوفيتش" عرضًا ملخصا لآخر الأحداث والتطورات الميدانية في مدينة القدس، وخاصة المسجد الأقصى.
وسبق للكنيست مناقشة فرض السيادة الإسرائيلية على القدس بداية العام الحالي، باقتراح من "فيغلن".
ونقلت "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث" في بيان وقتها، عن مصادر إعلامية محسوبة على التنظيم اليهودي الديني المتطرف "أمناء جبل الهيكل" أن فيغلين صاحب طرح "منع اليهود وأبناء الديانات الأخرى من غير المسلمين من دخول جبل الهيكل (الأقصى)" على الكنيست للبت في الموضوع وتشريع قانون يقضي بفرض السيادة الإسرائيلية على "جبل الهيكل"، أو بحسب ما جاء في بيان مؤسسة الأقصى "شرعنة اقتحام اليهود للمسجد الأقصى وتطبيق مخطط التقسيم الزماني والمكاني فيه بين المسلمين واليهود فعلياً على الأرض".
وتعترف إسرائيل التي وقعت معاهدة مع الأردن في 1994 بإشراف المملكة الأردنية على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس.
وفي المادة التاسعة من معاهدة وادي عربة، تَذكر حرية الوصول إلى الأماكن ذات الأهمية الدينية والتاريخية؛ بالإضافة إلى إعلان واشنطن الذي ينص على تعهد إسرائيل باحترام الدور الأردني في الأماكن المقدسة في القدس الشريف.
إضافة إلى الاتفاقية الفلسطينية - الأردنية والتي تحمل اسم اتفاقية الدفاع عن القدس والمقدسات الموقعة في شهر آذار من العام الماضي.